مع دخول ياسر عرفات إلى غزة وتشكيله حكومة برز اسم خالد سلام (محمد رشيد) كواحد من أهم رجال الرئيس وهو وان كان لا يلتقط لنفسه صورا ولا يظهر على الفضائيات إلا قليلا، ولا يبادر إلى إطلاق التصريحات الصحافية، إلا أنه في الواقع أهم شخصية في السلطة الفلسطينية ويقال: إنه أهم من ياسر عرفات نفسه لسبب بسيط وهو أن الرجل يسيطر على موازنة الشعب الفلسطيني كلها.
يتلخص نفوذ المستشار الإقتصادي لعرفات في أنه يتحكم بمفرده بصلاحيات غير محدودة ولا تخضع لرقابة بكل استثمارات منظمة التحرير الفلسطينية المعلنة وغير المعلنة وتقدر بمليارات من الدولارات.
من أبرز هذه الاستثمارات التي يسيطر عليها هذا المستشار «كازينو أريحا» للقمار و«هيئة البترول الفلسطينية» التي تحتكر تجارة البنزين في غزة والضفة، وتجارة الإسمنت التي يحتكرها محمد رشيد بالكامل، وتجارة الحديد وهو يحتكرها أيضا إلى جانب المشاركة في شركة الاتصالات الفلسطينية والمشاركة في شركة الكوكاكولا إلى جانب امتلاكه الكامل لوكالات دخان كنت ومالبورو ووكالات سيارات الفيات الإيطالية ومزارع الزهور وغيرها.
هذه الاستثمارات التي تدر الملايين لا تخضع لمراقبة السلطة الفلسطينية أو وزارة المال وإنما تخضع لإشراف وإدارته الشخصية محمد رشيد وادارته الشخصية وهو الوحيد الذي يتصرف بها ويعرف مداخيلها وحساباتها السرية وهو الوحيد الموكل بالتوقيع على عقودها وبالتالي تنبع قوته في أن الجميع يطلبون وده.
من هنا يستطيع هذا المستشار «خلع» أي وزير أو مسئول فلسطيني من دون مساءلة وفعلها أكثر من مرة. كما أنه يقوم بتعيين أولاد المسئولين الكبار أو يرسي العطاءات على شركاتهم في مقابل خضوع آبائهم لرغباته وتعليماته. والأخطر من كل هذا أن هذا الرجل هو الذي يمول مختلف الأجهزة الأمنية ويغدق عليها المخصصات الإضافية خارج موازنة السلطة وهي تقدر بعدة أضعاف المبالغ الرسمية أو الرواتب التي تمنح للعاملين في هذه الأجهزة رسميا. بمعنى أن هذا الرجل عمليا هو الذي يدفع رواتب ومخصصات الأجهزة الأمنية وهو الذي يقرر مقاديرها ويقرر المكافآت والزيادات والخصومات... وكله بحسابه طبعا. وهذا يفسر مثلا أن جهاز الأمن الوقائي يخصص مئات العاملين فيه لحراسة كازينو محمد رشيد في أريحا ومحطات البنزين المملوكة له.
بدأ هذا الرجل المجهول الهوية، الذي نجح في تحويل المشروع الوطني الفلسطيني الى مشروع اقتصادي، يخاف على استثماراته ونفوذه من تأثيرات الانتفاضة واستمرارها. لان استمرارها يعني توقف الاستثمارات وربما السيطرة عليها من قبل قيادات الانتفاضة الجديدة ... لذلك بدأ يحشر أنفه بشكل علني وواضح في كل التحركات الأخيرة التي تهدف إلى إعادة التنسيق الأمني مع الصهاينة واعادة الفلسطينيين إلى مائدة المفاوضات بالشروط الصهيونية.
ويذكر أن رشيد مشارك فاعل في المفاوضات مع الإسرائيليين وخصوصاً الاقتصادية منها بصفته مستشار الرئيس الاقتصادي
العدد -5 - الإثنين 26 أغسطس 2002م الموافق 17 جمادى الآخرة 1423هـ