هدأت، لم تهدأ، لن تهدأ هذه هي صورة الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة الفلسطيني، الواقع شرق مدينة صيدا في جنوب لبنان، بعد اندلاع الاشتباكات المسلحة بين فصائل فلسطينية داخل المخيم المذكور.
واذا كان السباق جارياً بين عدم تجدد الاشتباكات وبين الافساح في المجال أمام الحل غير المسلح لمسألة «جماعة الضنية» في المخيم، فإن الأسئلة تتوالد عن معنى وتوقيت وخلفية هذه الاشتباكات.
مصدر فلسطيني في المخيم اشار في تفسيره لما حصل الى أمرين أساسيين:
- ربط ماجرى بالتطورات على الساحة الفلسطينية في الأراضي المحتلة بما يعطي الانطباع بالرغبة في المشاركة بالقضاء على «الإرهاب».
- ضرورة حسم المرجعية داخل المخيم بعد توزعها بين فتح وقوى اسلامية.
برزت قضية «جماعة الضنية» في المخيم اثر لجوء عدد من الشبان اللبنانيين (يقارب الستة) الى المخيم إثر الاشتباكات التي وقعت بين الجيش اللبناني وقوى إسلامية في منطقة الضنية (شمال لبنان) في العام 1999.
وأدت المحاكمات لبعض هؤلاء عن ارتباط بعضهم بتنظيمات متطرفة كتنظيم«القاعدة» وجعل المجموعة اللاجئة الى المخيم تحت المراقبة لمنعها من الإقدام على أية تحركات مسيئة.
وعلى رغم نفي بعض وجهاء المخيم صفة خطورة هؤلاء الشبان الستة المدججين بالسلاح فأن ذلك لايخفف من الريبة لدى الآخرين داخل المخيم وخارجه، خشية وقوع حوداث لا تخدم سوى العدو الاسرائيلي.
وعلمت «الوسط» أن ثمة وساطة قام بها الشيخ ماهر حمود، أحد أبرز رجال الدين في مدينة صيدا، لتسليم «جماعة الضنية» في المخيم حقناً للدماء، لكنها باءت بالفشل.
ويعزو مصدر محايد في المخيم هذا الأمرإلى «التأكيد على المرجعية الواحدة المتمثلة في حركة فتح كبرى الفصائل الفلسطينية عدةً وعتاداً».
يذكرأن الشيخ حمود استطاع سابقاً تسليم قاتل الجنود اللبنانيين الثلاثة منذ فترة، ويدعى«ابوعبيدة»، ما أثار انتباه بعض القوى إلى ضرورة تأكيد مرجعيتها. هذا ما تؤكد عليه اكثر من جهة في المخيم، وهو مايصر عليه كبار المسئولين في فتح - لبنان.
المخاوف من الاقتتال، وعدم رغبة أبناء المخيم بالتهجير مجدداً، كانت من العوامل التي ساعدت على توقف القتال بأسرع مما كان متوقعاً وهذا ما يفسر اقدام سكان المخيم على فتح محالهم التجارية كتحد للرصاص الذي انهمر في حي«بستان اليهودي» حين كانت احدى محطات البث الفضائي العربية تصور فيلمها الخاص (الجزيرة) عن الحوادث.
الى اين ستجري الأمور في المخيم في ظل اصرار قيادة فتح على اخراج «جماعة الضنية» من المخيم ولو بالقوة؟.
مصدر مسئول في المخيم يقول «إن جماعة الضنية «قابعون» بأسلحتهم في «مخيم الطوارئ» داخل مخيم عين الحلوة بانتظار التطورات الاقليمية والدولية المتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية - الأميركية، أو بإنتظار تجدد الاشتباكات... لا أكثر».
يذكر ان المخيم الذي يتجاوز عدد لاجئيه 100 ألف نسمة، هو الأكبر بين مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الثمانية في لبنان، إضافة الى تمتعه بموقع جغرافي غير بعيد عن الحدود اللبنانية - الفلسطينية.
أما في تركيبته السياسية الداخلية فهو المخيم الوحيد الذي توجد فيه قوى إسلامية فلسطينية بارزة، اضافة الى القوى الطارئة ومنها «جماعة الضنية».
أما القاسم المشترك بين المخيم وسواه من المخيمات فهو الوضع الاقتصادي البائس، وبؤس غياب الحلول المطلوبة
العدد -3 - السبت 24 أغسطس 2002م الموافق 15 جمادى الآخرة 1423هـ