لمّح الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي فرج بو هاشم، أمس الثلثاء (9 يونيو/ حزيران 2015)، إلى احتمال إقدام المجلس على إقالة أو تغيير أعضاء وفده المشاركين في الحوار الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، في حالة عدم امتثالهم لطلب المجلس منهم العودة إلى مقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي للتشاور حول المسودة الرابعة التي طرحتها البعثة الأممية.وتزامن ذلك مع اعلان برناردينو ليون، الوسيط الدولي في الأزمة الليبية، أمس أن الأطراف الليبية المتنازعة المشاركة في الجولة الخامسة لمحادثات الصخيرات في المغرب، ردوا بشكل إيجابي على آخر مسودة اتفاق عرضتها عليهم بعثة الأمم المتحدة الليلة قبل الماضية، من أجل إخراج البلاد من الفوضى والاضطراب، حسبما أفادت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر اليوم (الأربعاء).
وقال ليون في لقاء صحافي: «لقد وزعنا كما لاحظتم مسودة اتفاق جديدة. وكل ما يمكنني قوله حاليا إن رد الفعل كان إيجابيا»، وذلك في إشارة إلى المسودة الرابعة الهادفة إلى إبرام اتفاق بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا. وأضاف ليون أن «هذا رد فعل أولي، ونحن لم نتباحث بعد بشكل معمق مع كل المشاركين، لكن يمكن الحديث عن بعض التفاؤل والكثير من الأمل».
وعزا الوسيط الدولي وجود روح إيجابية وتفاؤل كبير إلى ثلاثة أشياء، تكمن أولا في تفاهم المجتمع الليبي، ووجود تفاهم لدى الأطراف السياسية المشاركة في حوار الصخيرات، إضافة إلى وجود تفاهم دولي حول ليبيا.
وقال بو هاشم لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجلس سيكون في اختبار حقيقي أمام الشعب الليبي، وفي حالة أن الوفد لم يستجب لطلب الاستدعاء الذي تم توجيهه إلى الوفد في وقت سابق أمس سيكون لنا موقف آخر».
وأوضح أن المجلس الذي يعتبر أعلى سلطة سياسية وتشريعية في ليبيا، طلب من وفده المشارك في الحوار الذي استؤنف مجددا في مدينة الصخيرات المغربية، العودة إلى مقر المجلس في مدينة طبرق. وأضاف: «المطلوب الآن عدم سفرهم إلى ألمانيا كما هو مخطط والعودة إلى أرض الوطن في أقرب وقت ممكن».
وتابع: «نعتقد أن المسودة التي طرحتها بعثة الأمم المتحدة تعتبر كارثة بالنسبة لكل المفاوضات التي تمت على مدى الشهور الماضية»، مشيرا إلى أنه في ما يتعلق بجزئية مجلس الدولة المزمع إنشاؤه بموجب مقترحات الأمم المتحدة فإنه يعتبر وصيًا على مجلس النواب ومنح بموجبها أيضا حق الفيتو على قراراته.
وقال بو هاشم: «إنشاء المجلس المقترح ينص على أنه يتكون من 120 عضوا، منهم تسعون عضوا من المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته.. هذا عبث»، مشددا على أن «المسودة معيبة ولا تلبى متطلبات المرحلة ولا تحل لمشكلة أو الأزمة، بل هي بداية لتفاقم الأزمة الحالية».
وكان طارق الجروشي نائب رئيس لجنة الدفاع بمجلس النواب، قد أعلن أن المجلس رفض اقتراح الأمم المتحدة تشكيل حكومة وحدة لإنهاء الصراع على السلطة الدائر في البلاد.
وقال الجروشي لوكالة «رويترز»، إن البرلمان الليبي المنتخب منع نوابه من السفر إلى ألمانيا لحضور اجتماع مع زعماء دول أوروبية ودول شمال أفريقيا وفق الاقتراح المقدم من مبعوث الأمم المتحدة الخاص برناردينو ليون.
وأضاف: «المجلس يرفض المسودة الرابعة وأيضا يمنع الفريق المحاور من مناقشة أي بنود من المسودة. وتم استدعاء الفريق المحاور على وجه السرعة ومنعه من الذهاب إلى برلين».
في غضون ذلك، توجه المشاركون في حوار الصخيرات أمس إلى برلين (ألمانيا) لحضور اجتماع دولي يعقد اليوم الأربعاء للقاء قادة ووزراء خارجية دول أوروبية، ودول أعضاء دائمين في مجلس الأمن، إضافة إلى وزراء خارجية إسبانيا وألمانيا وإيطاليا.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن أطراف الأزمة الليبية جرى نقلهم إلى برلين في طائرة خاصة، على أن يعود كل طرف لاحقا إلى ليبيا للتشاور مع برلماني طرابلس وطبرق بشأن اتفاق محتمل قبل العودة إلى المغرب مجددا. وتوقعت مصادر في بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أن يجري استئناف جلسات حوار الصخيرات الاثنين المقبل، مرجحة أن يجري التوقيع على اتفاق سياسي قبل بدء شهر رمضان
واجتمع صباح أمس كل وفد على حدة مع الوسيط الدولي، وعلمت «الشرق الأوسط» أن ممثلي مجلس النواب الليبي (طبرق) أبدوا تحفظات على نقطتين: الأولى تتعلق باستحداث جسم جديد يسمى المجلس الأعلى للدولة، له صبغة استشارية، وينتمي معظم أعضائه للمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته. أما النقطة الثانية التي جرى التحفظ عليها فتتعلق بمسألة تشكيل جيش موحد، حيث اقترح ممثلو برلمان طبرق صيغة بديلة تكمن في إعادة تأهيل الجيش الوطني الليبي لقطع الطريق أمام الكثير من الميليشيات المسلحة.
ودعت دول مجموعة السبع في ختام قمتها في ألمانيا، أول من أمس، الوفود المتفاوضة إلى اتخاذ «قرارات سياسية جريئة» وإبرام «اتفاق سياسي». وقالت في بيانها الختامي «لقد ولى زمن المعارك وجاء زمن القرارات السياسية الجريئة. وندعو الليبيين إلى اغتنام هذه الفرصة لإلقاء السلاح» داعية إلى إبرام «اتفاق سياسي».
وكان ليون قد قال الليلة قبل الماضية «اليوم تتجه أنظار الشعب الليبي إليكم مع الأمل بأن يؤدي عملكم إلى إسكات الأسلحة.. إنكم قادرون على تجنيب الليبيين مآس أخرى».
ونشرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مسودة الاتفاق الأخيرة على موقعها، وتتكون من 69 مادة تنص خاصة على تشكيل حكومة وفاق لمدة عام، وتعيين رئيس وزراء أمامه مهلة شهر لطرح تشكيلة حكومته على البرلمان. وتضمنت المسودة الجديدة ثمانية بنود هي: حكومة الوفاق الوطني (18 مادة)، المجلس الأعلى للدولة (10 مواد)، تدابير بناء الثقة (7 مواد) الترتيبات الأمنية (14 مادة)، العملية الدستورية (6 مواد)، الهيئات والمجالس المختصة (3 مواد)، الدعم الدولي (3 مواد)، الأحكام الختامية (8 مواد).
وأعلن ليون الأسبوع الماضي استعداد الأمم المتحدة اقتراح أسماء الشخصيات الليبية التي يمكن أن تشارك في حكومة الوفاق، بمجرد ما يجري التوصل إلى اتفاق.
في غضون ذلك، عزز تنظيم داعش في نسخته الليبية من سيطرته على مناطق قريبة من مدينة سرت الساحلية ومسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، بعدما أحكم مقاتلو التنظيم قبضتهم على محطة للكهرباء إلى الغرب من مدينة سرت الليبية.
وقال التنظيم في بيان له: «قام جنود الخلافة باقتحام المحطة البخارية التي يتخذها (مرتدو فجر ليبيا) مقرا لهم غرب مدينة سرت من عدة محاور وبكل أنواع الأسلحة ثم السيطرة عليها بحول الله وقوته وبهذا أصبحت مدينة سرت محررة بالكامل».
وأكد مصدر أمني بالقوة المكلفة تأمين وحماية مدينة سرت، أن ثلاثة من عناصر الكتيبة 166، قتلوا وأصيب عشرة آخرون في هجوم مسلح سنته عناصر «داعش» على البوابة الأمامية لمحطة الخليج البخارية لتوليد وإنتاج الطاقة الكهربائية.
ونقلت وكالة الأنباء الموالية للبرلمان السابق عن المصدر قوله، إن ما يسمى تنظيم داعش حاول الدخول للمحطة البخارية ومنطقتي جارف والثلاثين غرب مدينة سرت والطريق الرابط بين منطقة سرت والوشكة، وهم الآن بمنطقة نخلة الستين غرب المدينة.
وقال مصدر آخر بالكتيبة، إن التنظيم هاجم عناصر الكتيبة بشراسة مدعوما بالمدفعية والأسلحة الثقيلة، ما أدى إلى تراجع قوات الكتيبة إلى خارج محطة الخليج البخارية التي تقع في منطقة القبيبة في الضواحي الغربية لسرت بمنتصف الساحل الليبي.
وتمكن «داعش» قبل أسبوعين من إخراج الكتيبة من وسط مدينة سرت ومعظم أحيائها، بعد هجوم كبير تمكن على أثره من السيطرة على قاعدة «القرضابية» الجوية وميناء المدينة، بالإضافة إلى مقار عسكرية.
وقبل يومين، شن مسلحو التنظيم المتطرف هجوما على نقطة أمنية شرق مدينة مصراتة (200 كم) شرق طرابلس، ما أوقع أربعة قتلى وثلاثة جرحى، بحسب مصدر محلي.
وبرز اسم «داعش» في أحداث عنف عدة وقعت خلال الشهور الماضية في ليبيا، كان أبرزها إعدام 21 قبطيا مصريا والهجوم على فندق كورنثيا أكبر وأشهر فنادق طرابلس في يناير (كانون الثاني) الماضي، والذي أسفر عن سقوط تسعة قتلى.
وتشهد ليبيا نزاعا مسلحا منذ يوليو (تموز) الماضي وانقسمت سلطة البلاد بين حكومتين، واحدة يعترف بها المجتمع الدولي في الشرق، وأخرى مناوئة لها تدير العاصمة منذ أغسطس (آب) 2014 بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت اسم «فجر ليبيا».
من جهة أخرى، قال المتحدث الرسمي باسم القوات البحرية الليبية العقيد أيوب قاسم، إن عناصر القطاع الأوسط لحرس السواحل، أوقفوا جرافة مصرية داخل المياه الإقليمية تقوم بأعمال الصيد غير القانونية قبالة شواطئ منطقة بويرات الحسوم غرب مدينة سرت.
وقال قاسم إن الجرافة التي تحمل اسم «الأميرة منى» وعلى متنها 16 صيادا مصريا، دخلت المياه الإقليمية من دون إذن مسبق من السلطات، مشيرا إلى أن الجرافة رفضت الامتثال لأوامر حرس السواحل الليبية، وحاولت الهرب قبل توقيفها واقتيادها إلى ميناء مصراتة.
من جهة أخرى، أعلن مسؤول بصناعة الشحن البحري، أن معظم الموانئ في ليبيا لا تزال قادرة على العمل رغم وجود حكومتين متنافستين في البلاد والفوضى الاقتصادية والعنف المتزايد بين الجماعات المسلحة.
وقال عاصم الباروني المدير العام لشركة الربان العالمية للتوكيلات الملاحية ومقرها طرابلس: «تعمل جميع الموانئ الرئيسية في الوقت الراهن باستثناء بنغازي ودرنة». وأضاف: «لا توجد مشكلة من جانب القوى العاملة». وقال إن الشركات تضطر للعمل مع السلطات المنفصلة للموانئ في مناطق تسيطر عليها الحكومتان المتنافستان.
ونقلت عنه وكالة «رويترز» قوله: «نتعامل مع السلطات داخل الميناء.. الأمر يحقق نتائج بطريقة أو بأخرى».
وتابع الباروني أثناء زيارة إلى لندن: «دخول درنة غير وارد لفترة لا يعرفها أحد.. إنها منطقة محظورة، وقال إن الهجمات على السفن لم تؤثر في الوقت الراهن على الملاحة التجارية»، مضيفا أنه «ينظر إليها على أنها حوادث فردية».
وأضاف: «إذا وقع حادث آخر تسبب في سقوط قتلى ومصابين فإنني على ثقة من أنه سيكون هناك رد فعل من مالكي السفن». وبعدما عد أن الوضع داخل ليبيا سيتدهور إذا حقق تنظيم داعش المزيد من المكاسب، قال: «سيصبح أكثر سوءا خلال وقت قصير جدا.. إذا لم تحل كل المشكلات».