العدد 4656 - السبت 06 يونيو 2015م الموافق 19 شعبان 1436هـ

أين الاستراتيجية الأميركية في المنطقة؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من أكثر المقولات المضللة انتشاراً ما يقال عن غياب الاستراتيجية الأميركية في المنطقة. فهل أصبحت هذه القوة العظمى المتحكمة في العالم، فجأةً من دون استراتيجية في المنطقة؟

ربما يدفع لانتشار هذا التصوّر ما يشعر به بعض أصدقاء أميركا من خذلانٍ وتخلٍّ، مع أن هذا الخذلان والتخلّي عن الأصدقاء ليس جديداً على السياسة الأميركية. لكن الشعور بالخذلان لا يعني عدم وجود استراتيجية أميركية في المنطقة.

المؤكد أن ما يجري اليوم في المنطقة يخدم السياسة الأميركية ويحظى بفرح ساستها، حتى وإن لم يعبّروا عن ذلك إلا أنه يظهر على قسمات وجوههم وفلتات ألسنتهم. وكثيراً ما صرحوا أن الحرب على «داعش» ستستمر سنوات طويلة، بل إن أحدهم توقّع أن تطول ثلاثين عاماً، وتلك هي أمانيهم.

إن ما يجري في قلب المنطقة العربية هو ما كانت تخطط له الإدارة الأميركية اليمينية السابقة، وكانت عرّابتها وزيرة الخارجية كونداليزا رايس، التي بشّرت شعوب المنطقة بالشرق الأوسط الجديد الذي يولد على أساس «الفوضى الخلافة»، والتي استهلت بحرب تموز على لبنان (2006)، وحرب غزة (2009). وإن كان ثمة فاصل قصير مثلته ثورات الربيع العربي، الذي جاء على غير توقع من الاستخبارات الأميركية والغربية، إلا أن تدخل القوى الأجنبية والإقليمية ساهم في تحريف اتجاهه، واستبدال ثورات الشعوب بقوى تدميرية تم الزجّ بها في الساحة لاختطاف حركة الشعوب الأصيلة. وهكذا أُغرق هذا الربيع بالدم والدموع، بعد استقدام مقاتلين من 80 دولة عبر العالم، لا تدري كيف تم تسهيل حركة سفرهم عبر المطارات، وتدريبهم في معسكرات بعض دول المنطقة لضرب دول أخرى!

كل ذلك كان يجري تحت رعاية وحماية القوة الكبرى: الولايات المتحدة الأميركية. ومن يقول إنه لا يوجد لدى أميركا استراتيجية فهو مخطئ أو مضلّل. فما يجري يخدم ويحقّق المصالح الأميركية العليا، في عموم المنطقة، ورأس الحربة في هذا المشروع هذه القوى التكفيرية المستخدَمة، وعلى رأسها «داعش».

لنبدأ بقلب المنطقة، العراق، الذي ظل يحاول التفلت من القيد الأميركي، وقاوم في نهاية فترة نوري المالكي طلب الإبقاء على «حامية أميركية»، يعود اليوم في عهد خلفه حيدر العبادي ليتوسّل من أميركا وحلفائها الأوروبيين الدعم في مقاتلة «داعش»، رغم علمه بعدم جدية هذا التحالف الزائف في مقاتلة التنظيم. في وقت يذهب الأكراد إلى واشنطن التماساً لبركتها في دعم الانفصال، ويذهب بعض ساسة السنّة إليها طلباً للتسليح وتكوين قوة ثالثة يمكن استخدامها نواةً للتقسيم الذي ينادي به بايدن. كل القوى العراقية الكبرى، بقيادتها السياسية الفاشلة، سنةً وشيعةً وأكراداً، تبدو وهي تتحرك كالدمى وفق الرغبات الأميركية، فكيف يُقال إنه لا توجد استراتيجية أميركية؟

في سورية، استراتيجيتها أكثر وضوحاً، وهو استمرار استنزاف هذا البلد العربي، دولةً ونظاماً وشعباً، وهل هناك استراتيجية تحقق المصلحة الأميركية في سورية أفضل وأذكى من استمرار النزيف لأطول فترة ممكنة؟

في شمال إفريقيا، يتحلل النظام السياسي في ليبيا، وتتفكك الدولة فيها حتى دخلت نادي «الدول الفاشلة»، حيث تشهد اقتتالاً مناطقياً تشترك فيه 40 قبيلة، وتنشب قوى «داعش» وأخواتها بأجزاء كبيرة منها. وأخذت تصدّر المقاتلين إلى سورية والعراق، وإلى جارتها الكبرى مصر، لتزيد الاضطراب الأمنى فيها، وخصوصاً في سيناء. والمصريون يعرفون اليوم أن بلدهم لن يستقر دون أن تستقر ليبيا التي تصدّر لبلادهم الأسلحة، من المخزون الهائل الذي خزّنه نظام القذافي طوال أربعين عاماً، فأصبح غنيمةً باردةً بأيدي الإرهابيين.

واليمن؟ هل هناك استراتيجية أميركية أفضل مما يجري هناك؟ ولبنان؟ والسودان؟ وبعدها يقولون ليس للأميركان استراتيجية في المنطقة!

كان الفيلسوف يحمل مصباحاً في النهار ويدور به في الشوارع، وحين سخروا منه قال إنه يبحث عن الحقيقة الضائعة، وهو ما نحتاجه اليوم للعثور على الاستراتيجية الأميركية المختفية في وضح النهار!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4656 - السبت 06 يونيو 2015م الموافق 19 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 4:09 ص

      شعار السيد الخمينى رحمة الله عليه

      يقوول دائما الى كل الاوطان امريكا عدوة الشعووب لاكنهم لم يسمعوا كلامه والحين صار على العرب ما قال لهم الخمينى ادمرت الاوطان وصنعت امريكا الدواعش باموال ..............لكى يقتلوا الناس الابرياء ويشردوونهم هم لايقدروون ان يعملوا اي شى الى باوامر امريكا وحلفائها قاتل الله الجهل الي خلت العرب تتبع الكفار وهادى هى النتيجة وشكرا سيدنه

    • زائر 8 | 3:48 ص

      وتماما سيحصل ما حدث في أفغانستان حينما انقلب السحر على الساحر

      هي مسألة وقت....وسنرى من هو يبدأ بالصراخ....أما من شظي عقله بهوى طائفي لإشعالها فهو أول من يتلظى بنارها

    • زائر 5 | 3:13 ص

      اعترفوا بإنشاء القاعدة والآن اعترفوا بإنشاء داعش فماذا تريد اكثر من ذلك

      استراتيجيتهم واضحة جدا فهم من انشأ القاعدة لضرب الروس والآن انشأوا داعش لضرب ايران والمذهب الشيعي ودول الممانعة وهاهم يستنزفون خيراتنا ويتخلصون من الارهابيين يبعثونهم لمناطقنا لتدميرها وهل يوجد افضل من هكذا نجاح
      باموال الشعوب تدمّر الشعوب ومستقبلها

    • زائر 10 زائر 5 | 8:26 ص

      داعش

      انشأوا داعش لضرب ايران و مذهب الشيعى بس اظن ان داعش ضيعو البوصلة بدل ما يضريون ايران و مذهب الشيعى اتحدو مع......فى سوريا لقتل شعب السورى و فى العراق لاحتلال الانبار\\فلوجة\\الرمادى كلها مناطق السنية ما انشوفهم لهم اى عمليات داخل ايران او مناطق الشيعية فى سوريا او العراق ما ادرى اشلون انشأوا لضرب ايران و مذهب الشيعى

    • زائر 4 | 3:10 ص

      الاستراتيجة واضحة وهي شفط اكبر قدر من ثرواتنا واموالنا باشعال حروب طاحنة

      بسبب وجود انظمة متسلطة ولا تريد مشاركة شعوبها لذلك من السهل تمرير أي مخطط امريكي او بريطاني على هذه الدول ولمجرد تحريك أي ملف من الملفّات ترتجف حكومات المنطقة وتخرّ الاموال والثروات للخزينة الامريكية في صفقات سلاح ومعدّات و غيرها كالمساهمة في انشاء منظمات ارهابية وزعزعة الامن في البلدان التي تقف امام العدوان الصهيوني

    • زائر 3 | 12:54 ص

      داعس هي لعبة الضعيف وأمريكا اصبحت هشة وسقطت من زمان .

      متى نعي ذالك .

    • زائر 6 زائر 3 | 3:23 ص

      المستفيد الاول اسرائيل

      مايحصل في المنطقه تخطيط مخابراتي عالمي لتحقيق الامن والرخاء للمحتل الاسرائيلي وعليه يجب ان تكون ردت الفعل من المسلمين والعرب توجيه بوصله الحرب والدمار من مناطقهم الي داخل العمق الاسرائيلي مثل مايقول المثل على وعلى اعدائي والا استولت اسرائيل علي الوطن العربي وحددت دولتها المستقبليه بعد ان انهكت الدول والشعوب في حروب عبثيه بينهم وهم لايشعرون فهل من متفكر

    • زائر 2 | 12:48 ص

      كيف يحاربونها

      وهم من يشغلونها ويستخدمونها كما استخدموا القاعدة من قبل؟

    • زائر 1 | 11:15 م

      محاربة داعش اكذوبة امريكية

      لماذا امريكا تحارب داعش ؟ هل تشكل خطر على امن امريكا ؟ هل تشكل خطر على اسرائيل ؟ داعش تكفلت بتحقيق رغبة اسرائيل بتدمير الدول التي تشكل خطرا عليها او تشغلها و تنهك منظمات تقاتل اسرائيل

اقرأ ايضاً