العدد 4655 - الجمعة 05 يونيو 2015م الموافق 18 شعبان 1436هـ

قل لا ليقول لك الكون نعم

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

يقول محمد الرطيان في إحدى شذراته: «الـ لا حروفها أقل من الـ نعم، وتكلفتها أكبر!».

في كثير من الأحيان لا يقوى أحدنا على قول «لا» فيما يتعلق بالأفراد أو الأشياء أو الأحزان أو الضغوط أو العمل أو أي مجال من مجالات الحياة، وعلى رغم أن الـ نعم قد تكون سبباً في إحداث كارثة لنا على المستوى الشخصي فإن أموراً عديدة تجعل قولها صعباً وأحياناً مستحيلاً.

تكلفة عدم قول هذين الحرفين تكون أحياناً باهظة كما ذكرتُ أعلاه، على رغم أننا من اخترنا هذه التكلفة بإرادتنا؛ إما لخوف من فقد أحد الأحبة الذين يتعلق بهم الأمر، أو لخوف من فقد شيء اعتدنا وجوده واعتدنا أن يحمّلنا ما لا طاقة لنا به، ناسين أو متناسين أن هذا الفقد - لو أنه حدث - سيكون في صالحنا؛ فمن يتعلق بنا ويربط مصير علاقتنا به من أجل سبب ما غير الحب والرغبة الصادقة في البقاء معنا، يجب ألا يبقى في محيط دائرتنا، ومن يحبنا لأجل سببٍ غير الحب، يجب أن نكون نحن من نمتلك أسباباً في الابتعاد عنه.

أعرف شخصاً لم يعتد على قول «لا» لأحد حتى بلغ الثلاثين من عمره، وبسبب موقف تعرض له مع أكثر الأشخاص الذين كان تحت إمرتهم متى شاؤوا وكيفما شاؤوا وبما شاؤوا، تغيّر نمط حياته كله؛ لأنه قرر أن يقول هذين الحرفين، ويتحرر من بعض الضغوط، ففي فترةٍ ما فقد وظيفته، وفقد معها سيارته التي اضطر إلى بيعها ليسدد ديون الإيجار المتراكمة على والده المقعد، فلجأ لصاحبه كي يوصله لمقابلة عمل في إحدى الشركات يوما؛ إذ لم يكن يملك حينها ثمن سيارة أجرة، وعلى رغم أن كلاهما كان يعلم أن هذه المقابلة ستشكل فارقاً في حياته إن شاء الله، فوجئ برفض صاحبه توصيله بحجة رغبته في الذهاب مع أصدقائه إلى الصخير، وكان الوقت حينها شتاءً. لم يستطع الرجل فهم الموقف لصدمته، وشرح لصديقه أهمية هذه المقابلة وأخبره بظروفه التي كان يعرفها تماماً، لكن هذا الشرح لم يغير من الأمر شيئاً، فلجأ لأحد جيرانه من كبار السن الذي أوصله بكل سرور، وبالفعل حصل على الوظيفة ومن يومها صار يعرف كيف يقول لا حين لا يستطيع قول نعم حتى مع أقرب الناس إليه حين يستدعي الأمر.

هل نحن بحاجة إلى صفعات كهذه؛ كي ننتبه إلى زيف بعض الأرواح من حولنا؟

هل نحتاج إلى صفعات كهذه؛ لنتعلم قول لا في حين أن قول نعم يرهقنا، وينعكس سلبًا على مسيرة حياتنا لما يسببه من ضغوط مادية ومعنوية ووقتية؟

وهل نحتاج إلى كل هذه الصفعات كي نستطيع أن نعيش ببساطة، من غير الخوف من ردة فعل الطرف الآخر حين لا يكون على قدر من النقاء في طبيعة علاقته معنا؟

من المهم أن نعي أن للإنسان قدرة على التحمل قد ينفجر بعدها حين تزداد عليه الضغوط، ومن المهم أن نفهم جيداً أن الآخرين بشر مثلنا قد لا يستطيعون تلبية حاجتنا حين لا نستطيع نحن ذلك، والأهم أن نكون بشراً بأرواح وضمائر وإحساس حين نتعامل مع الكون - كل الكون - من حولنا.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4655 - الجمعة 05 يونيو 2015م الموافق 18 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:14 ص

      موفقين

      عجبني المقال
      ياريت تكثرون من المقالات الايجابية اللي فيها قصص جذي وبتفيد شخص اخر يقراها

    • زائر 1 | 10:32 م

      malakooti

      العجلة الى تضبح الأنسان

اقرأ ايضاً