العدد 4654 - الخميس 04 يونيو 2015م الموافق 17 شعبان 1436هـ

سيكولوجية التعصب والناصفة

فاطمة النزر

أخصائية علاج نفسي

ناصفة حلاوة... ذكريات جميلة يمر بها هذا اليوم في كل عام وأنا أتذكر والدتي رحمها الله، قرقاعون عادت عليكم... وذكريات ستأتي بعد فترة ليست بطويلة سأحتفل بها مع والدي أطال الله في عمره.

بين هاتين المناسبتين سأحدثكم اليوم كأخصائية نفسية، في سيكولوجية التعصب ونتائجه، النفسية بالطبع قد أكون من الأفراد القلائل المحظوظين من وجهة نظري الشخصية بأني تربيت وسط مذهبين مختلفين بزواج استمر أكثر من أربعين عاماً بالطبع حدثت به مشكلات أسرية لكنها لم تكن في يوم مذهبية.

أن ما يدفعني دائماً للكتابة، هي المواقف اليومية التي تمر بي وبالحالات التي تصلني في العيادة النفسية أو تراسلني، وهذا ما جعلني أكتب اليوم عن سيكولوجية التعصب، وهذا ما نواجه مع حالات أنا وزملائي الأطباء، فقد فقد بعض الأفراد الثقة بالطرف الآخر وهذا كله بسبب سيكولوجية التعصب الفكري، فقد يذهب أحدهم لطبيب ما لمجرد أنه من مذهبه الديني بغض لنظر عن مدى كفاءته أو لا يذهب لطبيب ما لمجرد اختلافه معه في الرأي وتتدهور حالته الصحية، وكما قال لي أحد زملائي الأطباء مازحاً «(يا حظك) حالاتك من الصوبين، يثقون بك».

علمياً يعرف علم النفس الحديث التعصب بأنه «اتجاه نفسي لدى الفرد يجعله يدرك موضوعاً معيناً أو فرداً آخر غيره أو جماعة من الناس أو طائفة أو مذهباً (إدراكاً إيجابياَ محباً) أو (إدراكاً سلبياً كارهاً) دون أن يكون لطبيعة هذا الإدراك بجانبيه ما يبرره من المنطق أو الأحداث أو الخبرات الواقعية».

أن أصعب ما نواجه كاختصاصيين في علم النفس هو مواجهة الأفراد أنفسهم بما يدور في داخل ثناياها وما تخبؤه، وذلك بسبب ما تحمله من نزعات تنطوي على الكثير من الأخطاء. ويرى علماء النفس أن التعصب ظاهرة اجتماعية لها بواعثها النفسية، وهي تنشأ أولاً وقبل كل شيء من بواعث نفسية لا علاقة لها في الأصل بالعقيدة الدينية، وإن اتجاهات التعصب تفسر على النحو التالي: إن العدوان طاقة انفعالية لابد لها من منفس، ويتخذ لذلك موضوعاً معيناً تفرغ فيه الشحنة الزائدة، وإذا لم يتمكن العدوان من أن يصل إلى مصدر، فإنه يلتمس مصدراً آخر يصبح كبش الفداء، ومثال على ذلك الشخص الذي يوجه له رئيسه التأنيب في العمل فتراه يصب جام غضبه على أي فعل يراه في الطريق من سائق أخر مثلاً، ويحتمل أن يتحول العدوان لدى الإنسان من موضوع إلى موضوع آخر، أو يستبدل هدفاً بهدف لغرض التفريغ والتخلص من الشحنات المكبوتة.

والتعصب وسيلة للدفاع عن النفس، وهو أوهام تبعث للشعور بالأمان وتزويده بالطمأنينة، واعتقاداً بوجود خطر خارجي، فبدلاً من انتظاره ومواجهته، يعجل بالهجوم عليه وإنهائه في حين لا أساس في الواقع لهذا الخطر، ولا داعي لها، فهي مجرد تخيلات لدى الفرد المتعصب، يصنعها من خياله ويعتقد بها ويبدأ في ممارستها عملياً.

إذاً ما علاج التعصب من الناحية النفسي، أرى أن التعصب هو نتاج لعدد كبير من العوامل يجب الالتفات لها فبين توجيه التنشئة الوالدية وخاصة المتسلطة منها والتي تؤدي إلى التعصب وطريقة التعامل مع الأبناء واستراتيجيات التحكم في الغضب وبين التفريغ الانفعالي وبين الإحساس بالأمان وعدم القلق وبين مشكلات عديدة تجتمع لتنتج التعصب والتصلب بجميع أنواعه ومستوياته فنحتاج لتوعية وإرشاد ومواجهة مع أنفسنا.

فاطمة_ السيكولجست: التعصب العرقي أو الفكري أو القومي أو الطائفي أو المذهبي أو الرياضي أو القبلي، تعددت الأنواع والنتاج واحد... كراهية وبغضاء.

إقرأ أيضا لـ "فاطمة النزر"

العدد 4654 - الخميس 04 يونيو 2015م الموافق 17 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 4:15 م

      فكر راقي

      فكر راقي للكاتبه اهنيها

    • زائر 6 | 7:24 ص

      الخلاف سياسي

      الخلاف سياسي و ليس ديني لم يكن وجود للخلاف قبل الثورة الايرانية الطائفية المتطرفه التي قابلها صعود تيار طائفي متطرف مقابل هذه هي الحقيقة التي لا يتجرأ اخد على قولها

    • زائر 5 | 5:22 ص

      شكرا على المقال . ماذا نسمي هذا المرض ؟

      أريد تشخيص هذه الحالة :لي زميل سابق بالعمل وكنا مع بعض نأكل و نخرج كالاصدقاء بالرغم من اختلافنا المذهبي. بالأحداث كنت متتبع بالتويتر وكان هناك حساب مجهول الهوية شغله الشاغل سب المذهب ب الفاظ قذره كغيرها من الحسابات الطائفية. بعد فتره وفي نشوة التعينات الحكومية! صاحبنا استقال من الشركة وتوظف بالحكومة وانقطع ب المراسلات كالواتساب وبعد فترة من التعيين كشف عن نفسه بأنه صاحب الحساب الطائفي بكل جرأة و آخر رسالة رسلتها له صورة للحساب مع كلمة (رحمة الله والديك)

    • زائر 4 | 4:14 ص

      هاده

      هاده الي صاير من تعصب خصوصا فى المذاهب سببه اهل النفاق والكذابين الي نشرو الفتن بين الشعب وهم معرووفون وكل جمعة فى مساجدهم يسبون طائفة المغضوب وشكرا للكاتبه

    • زائر 3 | 2:50 ص

      الإقتباس من الموضوع نفسه سيكون

      أفضل جواب أو رد لوجهة نظر الأخصائية وعليه لا دخل للمذهب أو العقيدة في ذلك . (( ويرى علماء النفس أن التعصب ظاهرة اجتماعية لها بواعثها النفسية، وهي تنشأ أولاً وقبل كل شيء من بواعث نفسية لا علاقة لها في الأصل بالعقيدة الدينية، وإن اتجاهات التعصب تفسر على النحو التالي: إن العدوان طاقة انفعالية لابد لها من (متنفس)، ويتخذ لذلك موضوعاً معيناً تفرغ فيه الشحنة الزائدة، وإذا لم يتمكن العدوان من أن يصل إلى ( المصدر المسبب لذلك الإنفعال لتفريغ الشحنة ) ، فإنه ( يبحث عن) مصدراً آخر يصبح كبش فداء.

    • زائر 7 زائر 3 | 7:26 ص

      ؟؟

      مع احترامي للموضوع و الكاتبة و اهمية الموضوع ايظا الا اني اتساءل شنو العلاقة بين الناصفة و التعصب ؟!

    • زائر 2 | 2:09 ص

      يا حظك العاثر اليوم

      مع الأسف الموضوع غير مترابط! !

    • زائر 9 زائر 2 | 12:15 م

      كيف ؟

      وهل لك ان تشرح للقراء معنى الترابط يا فهيم !!

    • زائر 1 | 12:42 ص

      موضوع للتأمل

      هذا الموضوع يستحق القراءة فعلا

اقرأ ايضاً