نقلت الصحافة عن مصادر خليجية وغربية، حدوث تغير روسي تجاه دعم النظام السوري، وفسرت الموقف استناداً لاتصالات خليجية مع روسيا التي برأيها بدأت تهتم بأولوية معالجة تداعيات العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، ودللت على صحة الخبر بمؤشرين أولهما، إجلاء الروس مؤخراً لمئة من كبار موظفيهم في غرفة عمليات دمشق مع عائلاتهم عبر مطار اللاذقية وتقليص عدد العاملين في سفارتها، أما ثانيهما فيتمثل في عدم إيفاء الروس بعقود صيانة طائرات السوخوي السورية، الأمر الذي دفع بوزير الدفاع السوري لزيارة طهران الشهر الماضي طلباً لتدخلها لدى الروس.
إلى هنا لن نسأل عن دقة الخبر المتداول، فهو ليس بجديد، إذ سبق تداول مثله مرات ومرات منذ بدايات الحرب على سورية وحتى اللحظة. الاتجاه المؤيد لنظام الأسد نفى الخبر جملة وتفصيلاً، واعتبره جزءًا لا يتجزأ من حرب نفسية وإعلامية تشنها أطراف معارضة ومعهم الحلف المعادي المساند للتنظيمات المتشددة من «داعش» إلى «جبهة النصرة» و»القاعدة» وأخواتها مما يطلق عليهم «جيش الفتح». والسؤال: هل فعلاً روسيا في وارد التخلي عن حليفها النظام السوري؟ ولأجل ماذا؟
لا أظن أياً منا يختلف على كون روسيا اليوم دولة كبرى تتمتع بموارد ضخمة، ولها مصالح محددة في المنطقة، بل إن منطقة الشرق الأوسط تمثل بالنسبة لها منطقة نفوذ بامتياز، كما لا يخفى على المتابعين سعيها الدؤوب كي تلعب دوراً قوياً وحضوراً مميزاً بين الأقطاب في الساحة الدولية، لاسيما مع تنامي اقتصادياتها بما تتوافر عليه من مخزون للنقد والثروات الطبيعية كالغاز والذهب والبلاتين المقدر بحوالي 134 طناً، وبالتالي من التسطيح التعامل مع الخبر أعلاه دون تفكيك باطنه في سياق تحليل يرتكز إلى مسببات وعوامل ذاتية وموضوعية. فقد سبق للمحلل السياسي ياسر الزعاترة أن غرّد في حسابه على «تويتر» ذات مرة قائلاً: «إن الدعم الإيراني-الروسي لنظام الأسد سوف يستمر، وأن ما يتم الترويج له من قابلية روسيا وإيران التخلي عن بشار الأسد إنّما هو استدراج للمعارضة... ثمة رفض إيراني، حتى لتهميشه».
ثمة أمور مهمة تطرق إليها محلل آخر بشأن احتمالية تخلي روسيا عن الأسد مفادها «أن روسيا تعارض الإطاحة بالنظام علناً، لكنها تتفاوض على ما تريده تحت الطاولة، فهي وكي تتخلى عن الأسد؛ لابد وأن تتخلى بالمقابل بعض دول المنطقة عن دعم المقاتلين الشيشان الذين يشكّلون مصدراً إرهابياً يهدد روسيا ومصالحها، وضمان إيقاف أي مشروع لمد أنابيب الغاز الطبيعي من الخليج عبر سورية إلى أوروبا كي تستمر من طرفها باستعمال ورقة الغاز في أية مفاوضات مع أوروبا، فضلاً عن التوقيع معها على اتفاقيات سرية تضمن لها ولنظام الأسد وعائلته إغلاق الملفات المتعلقة بصناعة أسلحة محظورة في سورية من قبلها سابقاً، وعدم فتح ملف أطنان النفايات النووية للمعامل والمفاعلات الروسية، وعدم ملاحقة أي أموال مسجلة باسم عائلة الأسد أو شركات قابضة يساهم فيها الرئيس أو عناصر النظام من الصف الأول والسماح بدخولها إلى الأسواق والمصارف الروسية، إلى جانب عدم نشر أو البحث عن أية وثائق سرية تتعلق بمرحلة الحرب الباردة وسرقة النفط السوري عبر جماعات روسية وصينية متعاونة مع النظام، إلى جانب بقاء الجيش السوري في منظومة التسليح الروسية واستيراد سلاحها كما السابق، وضمان دفع الديون الروسية بعشرات مليارات الدولارات من قبل أي حكومات سورية قادمة».
وماذا أيضاً؟ أيضاً «عدم السماح بأي دور لتركيا للتحكم في السياسة السورية»، خصوصاً وأنقرة تشترط لمحاربة الإرهاب إنشاء منطقة حظر جوي ومنطقة عازلة على حدودها مع سورية لإسقاط حكومة الأسد، الأمر الذي ترفضه إيران حليفة روسيا.
وعليه فالثمن المتوقع أن تحصل عليه روسيا وراء تخليها عن الأسد باهظ القيمة، وله علاقة بوضع سياسي معقد ومتشابك يواجه تحديات وتداعيات في المشهد السياسي المتقلب إقليمياً ودولياً، خصوصاً لو تأملنا في تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأخيرة، بأن «مواقف روسيا وأميركا بشأن سورية تتقارب فيما يتعلق بالتصريحات، ولا بديل عن الحل السياسي على أساس بيان جنيف 2012، وسنواصل مع الولايات المتحدة، للتشجيع على الحوار السياسي الوطني الشامل بين جميع القوى السورية». وانتقد في الوقت نفسه واشنطن لدعمها مجموعات مسلحة في سورية، معتبراً أن هذا النهج يتسم بـ «قصر النظر ويعيد إنتاج الإرهاب».
في كل الأحوال، ثمة أسباب يجمع عليها أغلب المحللين والمتابعين لجهة الدعم الروسي للأسد؛ أولها يتمثل في سعي روسيا للحفاظ على قاعدتها في ميناء طرطوس، حيث توفّر لها موطئ قدم على البحر الأبيض المتوسط، على رغم أنها لا تضم -حسب خبير روسي- سوى عدد قليل من الأشخاص والثكنات، وكقاعدة لا تتمتع بأي ميزات استراتيجية سوى رفعها للعلم الروسي، كما إن مبيعات الأسلحة حسب رأيه لسورية لا تمثل سوى 5% من إجمالي مبيعات السلاح الروسية حتى العام 2011، وإن روسيا لم تبع تكنولوجيا متطورة وأسلحة ذات قوة نوعية. إلا أن أهمية عدم الإطاحة بنظام الأسد بالنسبة لروسيا -حسب تحليله- لها دلالات رمزية تتعلق بانهيار حليف رئيسي لها بعد نظام القذافي، الأمر الذي قد يهز مكانتها كقوة عظمي. كما أن ما سيأتي بعدها من أوضاع وتطورات لن يصب في مصلحتها، خصوصاً مع وصول جماعات الإسلام المتشدد، لكن، إلى أي مدى يمكن أن تذهب روسيا في مساندتها للنظام السوري؟
مدير مركز كارنيغي في موسكو ديمتري ترينين، سبق وذكر قبل عامين أن الدعم الروسي «لن يصل إلى مستوى المخاطرة والدخول في صدام أو مواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية، وإذا حدث ووصل الوضع إلى نقطة مواجهة، فسوف تتخلى روسيا عن الأسد وتتجه نحو إيران بمزيد من الأسلحة والتكنولوجيا لمنع أي عمل عسكري يطيح بإيران، الحليف القوى لروسيا في المنطقة».
إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"العدد 4652 - الثلثاء 02 يونيو 2015م الموافق 15 شعبان 1436هـ
صراحه.
الروس لا يتخلون عن حلفائهم او مصالحهم كالعرب ولكم في فيتنام عبرة .
مجرد تهويل وتلفيق اعلامي
لن تتخلى روسيا عن الأسد حتى لو وصل القتال لشوارع موسكو .. هذه الكلمات هي كلمات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين .. روسيا لن تتخلى عن الأسد على الإطلاق مهما تعرضت للضغوط والعقوبات وإلخ .. ولو كانت تريد أن تتخلى عنه لتخلت عنه منذ زمن .. الرئيس الأسد باقٍ وصامد ولا يمكن أن يرحل ويترك سوريا لهؤلاء المرتزقة والإرهابيين والتكفيريين الأوباش .. رحيل أو سقوط الأسد هو كلام من الماضي واسطوانة قديمة يعيش عليها الواهمون
نعم والف نعم
الروس والغرب وراء المصالح ومن يدفع بسخاء اكثر هم معاه وكلهم وراء المصالح فقط اما نحن العرب البقره الحلوب
حفظ الله سوريا الاسد
حفظ الله الاسد...والأسد يبقى أسد ولو غارة عليه الفئران
سوريا بعد الاسد
ان سقط الاسد ستصبح سوريا ليبيا اخري وسيكون بها نزاع لا نهاية له بين الفصائل الاسلامية .
اصبحت اؤمن بحكم الدكتاتور كانت ليبيا افضل ابان حكم القذافي..