أكد الأمين العام لجائزة عيسى لخدمة الإنسانية علي عبد الله خليفة أن الجائزة التي أطلقها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين عام 2009، وتحمل اسم الأمير الراحل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة ـ طيب الله ثراه ـ لا تعكس تقدير عاهل البلاد المفدى للجهود المبذولة في خدمة الإنسانية فحسب، وإنما تحمل أيضا لمسة وفاء حانية ومتوقعة من جلالة الملك تجاه الأب الراحل، وذلك تخليداً وتقديراً لمكانته وللدور التاريخي الرائد الذي أضطلع به في استكمال مقومات الدولة الحديثة في البحرين.
وأكد في حوار خاص مع وكالة أنباء البحرين "بنا" أن جائزة عيسى لخدمة الإنسانية عكست المعايير والأسس والقوانين التي تنتهجها سياسة مملكة البحرين والتي تنطلق من تقييم جهود الإنسان الذاتية في خدمة البشرية دون التميز بين الديانة أو المذهب أو العرق أو اللون أو الجنسية.
عن الجائزة والهدف منها ومعايير ومنهجية الاختيار وانعكاساتها على العالم كان لوكالة أنباء البحرين أكثر من سؤال، وفيما يلي نص الحوار:
س/ ماذا عن تجسيد الجائزة لرؤية عاهل البلاد المفدى الثاقبة والواعية للخدمة في المجالات الإنسانية؟
ج/ الحقيقة أن الجائزة عكست هذه الرؤية الثاقبة الواعية المتوقعة دائما من جلالة الملك المفدى، كما ساهمت في معرفة العالم للصورة الحقيقية لمملكة البحرين، فما لمسته كأمين عام للجائزة ومن خلال المترددين على الموقع الإلكتروني والمستفسرين عنها والمشيدين بفكرتها على مدى الدورتين، أجد أن هناك من العلماء والخبراء من عرفوا الصورة الحقيقية للمملكة عندما اطلعوا على معايير نيل الجائزة، وأدركوا أن مملكة البحرين لا تميز بين البشر سوى بأعمالهم وإنجازاتهم، فمعايير الجائزة تكشف عن النهج الذي تنتهجه قيادة المملكة الرشيدة في تقدير الآخرين، هذا التقدير الذي يعتمد على الجهد والعمل والتفاني وتقديم المزيد للنهوض بالعمل الإنساني برمته، فتقييم الإنسان دون الاهتمام بجنسيته أو بعرقة أو بديانته أو مذهبه أو مظهره يعطي قدرا من التجرد في الحكم والاختيار.
س/ ماذا عن فكرة الجائزة والهدف منها؟
ج/ في عام 2009 صدر الأمر الملكي السامي رقم (9) بإنشاء جائزة عالمية تحمل اسم الأمير الراحل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة ـ طيب الله ثراه ـ وذلك تخليدا وتقديراً لمكانته، فهو مؤسس البحرين الحديثة، مشيد النهضة الجديدة، منشئ الكثير من المشاريع الضخمة التي ما زالت باقية إلى الآن، وساهم في انتعاش الأعمال والاقتصاد بالمملكة، كما أن الأمير الراحل هو من استكمل استقلال البحرين، وهو الأب الذي احتوى الجميع بقلبه الكبير، وتعد الجائزة لمسة وفاء جميلة من قبل الابن لأبيه، لمسة وفاء جسدت كافة معاني إنسانية جلالة عاهل البلاد المفدى.
وتبدو أهمية الجائزة في قيمتها المعنوية، رغم أن القيمة المادية المخصصة لها تبلغ مليون دولار، إضافة لميدالية ذهبية وشهادة تقدير ملكية تحمل اسم الفائز والعمل الذي حصل بموجبه على الجائزة وملخص بالإنجاز الذي حققه.
وتمنح الجائزة في احتفال كبير يقام كل عامين برعاية عاهل البلاد المفدى، وتهدف إلى تقدير كل من أسهم في أي جهد لخدمة الإنسانية، وتحقيق النفع العام للبشرية في الحاضر والمستقبل، وتكريم العلماء أو الباحثين أو الأفراد أو المؤسسات أو المراكز أو المنظمات غير السياسية عن إنجازاتها المتميزة في مجال خدمة الإنسانية، بالإضافة إلى تعزيز الجهود المبذولة في هذا المجال، وحل المشكلات والقضايا الإنسانية، وتبني الأفكار والنظريات المبتكرة للارتقاء بمستوى الحياة الإنسانية.
وتتضمن مجالات الخدمة الإنسانية لنيل الجائزة: الإغاثة والتصدي للكوارث، التعليم، خدمة المجتمع، الحوار بين الحضارات، تعزيز التسامح الإنساني، تعزيز السلم العالمي، التحضر المدني، العناية بالبيئة والتغير المناخي، الإنجاز العلمي، التخفيف من وطأة الفقر والعوز، والتغير المناخي، والمجالات الإنسانية الأخرى.
س/ ماهي معايير الترشح لنيل الجائزة؟
ج/ لدينا موقع إلكتروني لتلقي الترشيحات من جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى اختيار الإنجازات المرشحة لنيل الجائزة من قبل لجنة الترشيح التي يختارها مجلس الأمناء في كل دورة من دورات الجائزة، والتي تكاتب بدورها مراكز البحث العلمي والدول والأفراد والمؤسسات في العالم، شريطة ألا تكون سياسية أو حزبية، وأن لا تتلقى مساعدات من جهات حكومية أو رسمية، وإنما تعتمد على التبرعات.
ثم يشكل مجلس الأمناء بعد ذلك، فريق من المحكمين، كل محكم ينتمي إلى قارة، والفريق يمثل جميع قارات العالم، ويتميز المحكمون بالخبرة العملية في مجالات الخدمة الإنسانية، ويجتمعون عدة مرات حتى تصل تصفيات المرشحين إلى ثلاثة أشخاص، وتقدم لجنة التحكيم أسماء الأشخاص الثلاثة إلى مجلس الأمناء، مؤكدة إنها موافقة على اختيار أي اسم من هذه الأسماء لنيل الجائزة.
ويقوم مجلس الأمناء بتشكيل فريق ميداني يتضمن: قانوني وعضو من أعضاء الأمانة العامة، بالإضافة إلى عضو لجنة التحكيم، ويذهب هذا الفريق لرؤية المرشحين للجائزة في بلدانهم ومواقعهم ليطلع على واقع أعمالهم، ويفاضل بين هذه الأعمال المرشحة، ثم يقدم التقرير النهائي لمجلس الأمناء الذي بدوره يقوم باختيار الفائز.
ومنحت الجائزة في دورتها الأولى للدكتورة الماليزية "جميلة محمود" في مجال الإغاثة من الكوارث، وأعلن مجلس أمناء جائزة عيسى لخدمة الإنسانية برئاسة سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة أن المجلس قرر منح الجائزة في دورتها الثانية إلى الدكتور "أشيوتا سامنتا" من ولاية أوديسا بجمهورية الهند الصديقة في مجالي الرعاية الاجتماعية ومحاربة الفقر والعوز، حيث رعا 250 ألف طالب من مرحلة الحضانة إلى المرحلة الجامعية، وأنشأ كل من معهد "كلنج" للخدمة الاجتماعية، وجامعة "كلنج" للعلوم التقنية.
س/ جائزة الشيخ عيسى لخدمة الإنسانية، إلى أي مدى تحفز المهتمين بتحقيق الإنجازات؟
ج/ جائزة الشيخ عيسى عالمية، وهي الوحيدة في الوطن العربي المهتمة بهذا الجانب، وهي جائزة مفتوحة لكل الأديان والجنسيات والأشخاص المميزين في هذا النوع من الأعمال، والذي يتطلب إمكانيات مادية كبيرة. والفائزون في العادة تكون أعمالهم شاقة، وذات جهد إنساني متواصل وكبير وبلا مقابل، وفي نفس الوقت لا يعنيهم الإعلام ولا الشهرة. وتأتي جائزة الشيخ عيسى وغيرها لتكشف لهؤلاء الرواد أن هناك من يتابع أعمالهم ويقدر جهودهم الخيرية والإنسانية، ويطلع على تميزهم، وأن هناك من ينظر ويفرز ويدقق ويكشف ويقدر. وتعبر الجائزة في أحد معانيها عن الدعم والمؤازرة التي يمكن تقديمها لهؤلاء الأشخاص ولغيرهم ممن يسهمون في الارتقاء بالعمل الإنساني، وهذه النوعية من الجوائز العالمية تحمل صدى كبيرا، وتعطي حوافز نفسية ووجدانية معاً للمشتغلين في هذا الحقل.
س/ ما هي رؤيتكم لمستقبل تطور الجائزة ودورها في المرحلة المقبلة؟
ج/ أتمنى أن تكشف هذه الجائزة مزيدا من الأفراد والمؤسسات، وتطرق أماكن مجهولة في العالم لا يعرفها الناس، وهذه مهمتنا، فنحن نسعى إلى المزيد من البحث لتعطى الجائزة دائما لمن يستحقها، فهناك أعمال مميزة لشخصيات اجتهدت من أجل العمل للبشرية، وكلما ذكر اسم الجائزة قرين بشخصية من هذه الشخصيات تكون أكثر قيمة وفائدة للعالم بأسره.