كان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «اليويفا» يمني نفسه بان يطيح برأس السويسري جوزف بلاتر والحؤول دون وصوله إلى كرسي رئاسة الاتحاد الدولي «فيفا» لولاية خامسة، لكن القارتين الآسيوية والإفريقية لعبتا دورهما في خسارة الأمير الأردني علي بن الحسين فبقي «سيب» في مكانه.
وبعد إن انتهت المعركة الرئاسية التي ترافقت مع فضائح فساد وتوقيفات من قبل السلطات السويسرية والأميركية على حد سواء، بدأ الحديث عن نوع العلاقة المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي والسلطة الكروية العليا. وعلت بعض الأصوات الأوروبية المطالبة بالانفصال عن فيفا، لكن القارة العجوز بقيادة الفرنسي ميشال بلاتيني لن تصل إلى هذا القرار «المتطرف» الذي لا يتمناه الأخير.
في السادس من يونيو/ حزيران وعلى هامش نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا الذي تحتضنه برلين بين برشلونة الاسباني ويوفنتوس الايطالي، سيجتمع مسئولو الاتحاد الأوروبي لتقرير العلاقة المستقبلية مع اتحاد بلاتر ويقوم الدنماركي ألن هانسن، عضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد القاري، بالتجييش من اجل اتخاذ القرار «المتطرف».
«في برلين، سأطالب مجددا بان ينسحب اليويفا من الفيفا»، هذا ما قاله هانسن الذي لا يرأس اتحاد بلاده للعبة، في تصريح لصحيفة «الكسترا بلاديت» الدنماركية.
لكن الانفصال عن الفيفا يعني غياب المنتخبات الأوروبية عن نهائيات كأس العالم التي ينظمها الفيفا وهذا الأمر سيؤثر كثيرا على مستوى البطولة وعلى المنتخبات الأوروبية أيضا، إلا أن هانسن الذي يشغل منصب عضو لجنة التدقيق والامتثال في فيفا، وجد الحل: «يجب على الاتحاد الأوروبي أن ينظم كأس أوروبا للأمم كل عامين من اجل التعويض».
وهناك وجهة نظر أخرى يجسدها رئيس الاتحاد الألماني وولفغانغ نييسرباخ، احد ممثلي أوروبا في اللجنة التنفيذية لفيفا، فهو يرفض الوصول إلى هذا القرار الانفصالي: «من الواضح بان يويفا يريد تحقيق التغيير في فيفا. لكن ليس هناك أي انفصال بين فيفا ويويفا. دور يويفا لا يتغير، يجب أن نعمل مع فيفا».
وبلاتيني نفسه يعارض أيضا فكرة ترك فيفا، وهو عبر عن ذلك بشكل واضح عشية الانتخابات التي أجريت أمس الأول (الجمعة) في زيوريخ، قائلا: «سنعقد اجتماعا بين الأوروبيين في برلين في السادس من يونيو لنرى إذ كان هناك من (مسئولين في يويفا) لا يرغب بالجلوس إلى جانب بلاتر، أو إذا كنا ستولى مسئولياتنا بأساليب أخرى. أنا لا أتمنى كل ذلك، لكني سأستمع إلى ما يريدونه».
وهناك عضو في الاتحاد القاري اتخذ قراره قبل اجتماع السبت المقبل، والحديث هنا عن البريطاني ديفيد جيل الذي انتخبه الاتحاد الأوروبي لشغل منصب احد نواب رئيس فيفا، إذ أعلن عن مقاطعته لجلسات اللجنة التنفيذية اعتبارا من أمس (السبت).
«لا اخذ هذا القرار بخفة لكن الأحداث الرهيبة التي جرت في الأيام الثلاثة الماضية أقنعتني بأنه من غير المناسب أن أكون عضوا في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي مع القيادة الحالية»، هذا ما قاله جيل، مضيفا «اقر بان بلاتر انتخب بطريقة دراماتيكية وأتمنى لفيفا كل النجاح في مواجهة القضايا المثيرة للقلق. مع ذلك، فان سمعتي المهنية أمر بالغ الأهمية بالنسبة لي، ولا أرى كيف ستحصل أي تغييرات من اجل خير اللعبة في حين لا يزال السيد بلاتر في منصبه».
وتابع «سأتابع مهامي في الاتحادين الانجليزي والأوروبي وأنا آخذها على محمل الجد ويشرفني أن أقوم بها».
ولدى معرفته بقرار جيل، حاول بلاتر أن يتعامل مع الموضوع بشيء من الاستهزاء، قائلا: «ديفيد جيل؟ انه ليس متواجدا ولم يعط أي عذر لغيابه» عن اجتماع اللجنة التنفيذية أمس (السبت)، لكن سرعان ما اتخذ الحديث منحنى جديا بالنسبة للسويسري بعدما كثرت الأسئلة حول موقفه من الانتقادات الأوروبية له: «على الاتحاد الأوروبي أن يساعد فيفا ويتحمل مسئولياته عوضا عن الغياب عن الاجتماع الأول!».
من المؤكد أن العلاقة بين بلاتر وبلاتيني لن تكون طبيعية بعد الآن بعد إن أصر رئيس الاتحاد القاري على مطالبة السويسري بالتنحي قبيل الانتخابات، لكنه حافظ على «البروتوكول» وجلس إلى جانب رئيس الفيفا في اجتماع أمس (السبت).
ولم ينتظر بلاتر طويلا لكي يرد عن حملة الأوروبيين والأميركيين، وهو أعرب عن «صدمته» للطريقة التي استهدف بها القضاء الأميركي المنظمة الرياضية العالمية وندد بما اعتبره حملة «كراهية» ضده من قبل مسئولي كرة القدم الأوروبيين.
وفي مقابلة مع التلفزيون السويسري قال بلاتر انه يشتبه في أن اعتقال 7 من كبار مسئولي الفيفا الأربعاء الماضي في زيوريخ بموجب مذكرة توقيف أميركية لمكافحة الفساد كان محاولة «للتدخل في أعمال مؤتمر الاتحاد الدولي» الذي أعاد انتخابه لولاية خامسة متتالية الجمعة.
وفي الوقت الذي أشار فيه مسئولون أميركيون إلى إمكان توجيه إدانات جديدة ضمن التحقيق، علق بلاتر بالقول أن هناك حملة متعمدة ضد فيفا شملت القيام بعمليات توقيف قبل يومين فقط على التصويت. وقال بلاتر لقناة ار تي اس السويسرية: «هناك مؤشرات لا تكذب الأميركيون كانوا مرشحين لمونديال 2022 وخسروا». وأضاف «لست متأكدا لكن الأمور غير مطمئنة».
وتابع إن الولايات المتحدة هي «الراعي الأول» للأردن موطن الأمير علي الذي كان يسعى لإسقاط بلاتر.
ورد بلاتر على بلاتيني، قائلا: «الكراهية لا تأتي فقط من شخص في الاتحاد الأوروبي بل من منظمة الاتحاد الأوروبي التي لم تتقبل إني أصبحت رئيسا للفيفا في 1998 (فاز في الانتخابات على السويدي لينارت يوهانسون رئيس الاتحاد الأوروبي آنذاك)».
ما هو مؤكد أن الحرب كلامية حتى الآن وابرز دليل أن الفيفا لم يعاقب الاتحاد القاري على «عصيانه» بل أبقى له على مقاعده الـ13 في كأس العالم 2018 في روسيا مع إضافة مقعد آخر للبلد المضيف، يعني أن القارة العجوز ستكون ممثلة بـ14 منتخبا، على أن يعود العدد إلى 13 في نسخة 2022 في قطر.
العدد 4649 - السبت 30 مايو 2015م الموافق 12 شعبان 1436هـ