قرأت منذ مدة كتاباً عن الخوف وكيف أنه سلاحٌ ذو حدين، وكيف يقينا من الوقوع في الخطأ والآلام إذا ما اتبعنا أحاسيسنا، أو أن يوقعنا في شر جرأتنا إذا ما لم ننتبه إليه، والذي لطالما نستشعره في قلوبنا وحياتنا، وكيف أن شعور الخوف الدفين هو مشاعر عاطفية تنبض من القلب قبل العقل وتؤثر في تصرفاتنا العشوائية، والتي تحمينا من الأخطاء ومن اندفاعاتنا الهستيرية في الأشياء الخطرة، والتي قد تؤدي إلى ما لا تُحمد عُقباه، وهنالك أنواعٌ من الخوف وأذكر بعضها...
أبدأ من الخوف من المشاهد المؤلمة والمرتفعات العالية أو المخيفة في السينما أو الواقع والخوف من المجهول وعلى أطفالنا وما يخبئه المستقبل لنا والخوف من نهاية حياتنا أو من الأمراض الخبيثة السارية، والذي يجعلنا نفكر ملياً في كيفية تحاشيها لحماية أنفسنا سواء بالأكل الصحي أوالقيام بما يساعد على صيانة أجسادنا وعقولنا من الرياضة وغيرها، كما نخاف حينما لا نعرف ما يدور في عالم الغيب، ونخاف ما سيأتينا به من مصاعب أو مشاكل إذا لم نعمل «كيت وكيت»، وبذلك نصبح دائمي القلق، ومما يُحدد مصيرنا من دخول الجامعة أو المقابلة لوظيفة أو للامتحان، كما نخاف ونقلق من فقدان عزيز بسبب المرض أو غيره... الخ، من المخاوف التي لا تنتهي، وكلها تُعتبر طبيعية وصحية ويستشعرها معظم الناس تحت الظروف المعتاده نفسها.
وهنالك الخوف المرضي والمُبالغ فيه، والذي يحول الحياة إلى عذاباتٍ وآلامٍ مُتتالية وشكوك في الآخرين، والبعض ممن قد أسرهم الخوف وسيطر عليهم لدرجة أنهم باتوا غرباء وتعرقلت حياتهم، ولا يرون سوى الخوف من الشبح المرضي منها.
هؤلاء قد يعيشونها بدواخلهم المغلقة وبإبعاد عوائلهم وأطفالهم عن المجتمع لخوفهم من العادات السيئة من الآخرين وبدرجاتٍ تفوق حدود المعقول، والتي قد تُخبئ كنوز الدنيا في دواخلهم من المغامرات الفرحة والسعادة التي لا يدركونها ويخسرون متع الحياة بجهل الخوف.
وهنالك الخوف المرضي الآخر من اتخاذ الحياد في المواقف الحياتية دائماً، وأن الخوف يُصبح أداة عدوانية وسلبية وإلى عدم اتخاذ المواقف الصادقة (ومسك العصاية من المنتصف) في القرارات لسبب إرضاء الجميع وعدم الانتماء لأية جماعة أو طرف، ما يُضعف الفرد ويتسبب في فقدان الثقة به بسبب بصماته الحيادية المتكررة، فالخوف يحجب حرية الكلمة ويقيد المشاعر الدفينة الصادقة التي تتجول في دواخلنا، وكلمة الحق، فالنظر في انتهاك البعض مثلاً للمال العام والتزام الصمت إزاء تلك السرقات للقمة العيش وأراضيها هو أمرٌ هام ولا يستدعي أياً من الخوف، لأنه واجبٌ وطني وأساسي، وبأن نفكر بالعقل وليس بالقلب، وبأن نكون أو لا نكون، وأن لا نضع العقاب أو دخول السجون في المقدمة، وقد لا يكون الأمر كما يعتقد، وأنه توجد الكثير من السُبل لتلك الممارسات الهامة ومن دون ردع، وأن لا ندع ذلك الخوف المرضي يحدد سلوكنا في المجتمع، وأن نقاوم الظلم وسوء الاستغلال لأوطاننا مهما كان الخوف جلياً.
عموماً هذه نبذة قصيرة عن أنواع الخوف والتي تكبل البشر، وهي مرضٌ تتفاوت درجاته فيما بينهم وتجعلهم جبناء وسلبيين لا إرادة لديهم بسبب ضعفهم، فالخوف قتلٌ للمشاعر، فمن عاش على هامش الحياة كان ولكنه لم يكن.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4649 - السبت 30 مايو 2015م الموافق 12 شعبان 1436هـ
الحياه لغز
الحياة تعلمنا الكثير من التجارب وكتاباتك تعمق معانيها شكراً لهذا الابداع
كلام للحياة
الحياة تحتاج لهذا القلم والمواضيه بوركت يداك يا دكتوره
كتابة للقلب
معجب بكتاباتك العميقه وهى التي تندي الصفحه بعد الكتابات السياسيه المؤلمة