اعتبر إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أن الاستهانة بدماء وأعراض المسلمين، من أقبح صور التفرّق والاختلاف في الأمة الإسلامية، مؤكداً أن استهداف المصلين الأبرياء في المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي هدفه إثارة الفتنة والطائفية.
وحذّر القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (29 مايو/ أيار 2015)، من الفرقة والاختلاف، وتشويه صورة الإسلام، داعياً إلى الوحدة الوطنية «والعمل على كل ما يُحقِّقُ اتحادَ الكلمة، ووحدة الصفِّ، وحَذَارِ من التناحُر والتنازُع والتفرُّق المُؤذِنِ بالفشل وذهابِ الريح؛ فإنه أسوأُ مصيرٍ ينتظِرُ المُتخاصِمِين المُتنازِعين».
ورأى أن «من أقبح صُوَر التفرّق والاختلاف في الأمة الاستهانةُ بدماء وأموال وأعراض المسلمين، ومِن ذلك الاستهانةُ والتسارُع والتساهل في تكفير المسلمين، تلك المسألةُ والطامّة الدَّهياء، التي زلَّت بها أَقلامٌ، وضلَّت بها أَفهام، وسقطَ بسببها في البلاء فِئام».
وقال: «إنَّ مما يُؤسَف له ويحزَن له كلُّ مسلِم غَيورٍ على هذا الدينِ أن يرفعَ المسلم السلاحَ على أخيهِ المسلم في مواطنَ شتى من بلدانِ المسلمين... ورسولُنا (ص) يقولُ محذِّراً أمّتَه من التهاونِ بقتلِ مسلمٍ: (من مرَّ في شيء من مساجدِنا أو أسواقِنا ومعه نَبلٌ فليُمسِك ـ أو: ليقبِض ـ على نِصالها بكفِّه؛ أن يصيبَ أحداً من المسلمين منها بِشيءٍ)».
وأفاد بأن «ائتلافَ القلوب، واتحادَ المشاعر، واجتماعَ الكلمة، من أوضح صفات المُسلمين المُخلصين، الذين جعل الله الأُخوَّة في الدين قاعدةَ وأساسَ العلاقات بينهم»، مشيراً إلى أنه «لما كان التفرُّق والتناحُر والتدابُر مُبايناً لذلك كلَّ المُبايَنة؛ لأنه مِعولُ هدمٍ في بُنيان هذه الأمة، وسببٌ لتقويضِ عوامل القوة والعِزَّة والخيرية، التي كتبَها الله لها، جاء التحذيرُ الربانيُّ من التفرق والخلاف والنزاع الذي وقع فيه مَن قبلَنا من الأمم، فحملَهم على التناحُر والتقاتل والتلاعُن، مع مجيءِ البيِّنات الهادِيات المانِعات من الوقوع في ذلك.
وخاطب المسلمين وشباب الإسلام في كل مكان قائلاً: «إيّاكم أن يستزلَّكم الشيطانُ، وتَدعوَكم المصالح الآنيّةُ إلى الوقوعِ في فتنةٍ تُغضِب الرحمنَ وتفرِح الشيطانَ».
وأكد أن «الأمّةَ اليوم في حاجةٍ إلى العَمل بتلك الوثيقةِ العظيمةِ التي تركها لهم نبيُّهم في حجّة الوداع حينما قال: (يا أيّها النّاس، إنَّ دماءَكم وأموالكم وأعراضَكم عليكم حَرام كحرمةِ يومكم هذا، في شهركم هذا، في بَلَدِكم هذا)». وناشد القطان المسلمين، وأهلَ الإيمان، وشباب الإسلام في كلِّ مكان، بأن يتقوا الله، ويتعلموا بهذه الأصول الإيمانيّة، وأن يلتزِموا بهذه المبادئ القرآنيّة والوصايا النبويّة.
وطالبهم بأن يجتمعوا على كلمةِ القرآن ومنهَج سيّد ولد عدنان. وقال: «اتَّحدوا واجمعوا صفَّكم فيما يخدِم دينكم ودنياكم، فوِّتوا الفرصةَ على الأعداء المتربِّصين لتفريقِ صفِّكم وتمزيقِ شملكم، اعتَصِموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا، قدِّموا مرضاةَ الله على أهواء النفوس ورَغَباتها، قدِّموا منطقَ العقل والحكمة، واعمَلوا بالرّوِيّة والتحلِّي بالصّبر والرِّفق ومقاصِد الشريعة؛ فدرء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، والمصالح العامّة مقدَّمَة على المصالح الخاصّة، ولا ضرَرَ ولا ضِرار في الإسلام، عظِّموا الدماء، واحترِموا الأموالَ والمقدَّرات، وصونوا الأعراضَ والحُرُمات».
وأشار إلى أن «مِن أعظم ما رُزِئت به أمّةُ الإسلام اليوم، استجابةُ بعض أبنائِها لمخطَّطات الأعداء، تلك المخطّطاتُ التي تتلوَّن بأساليبَ شتى وصُوَرٍ لا تُحصَى؛ لتصلَ بأمّة الإسلام إلى تفريق صفِّها، وتمزيق شملِها، وتحطيم كيانها، على حدِّ قاعدتهم المشئومة: (فرِّق تسُد)».
وأضاف «تارةً تسودُ الفُرقة ويحصل الاختلاف بسَبَب الابتعادِ عن منهج الوحيَين، والبعدِ عن فهمِ سلف هذه الأمة لهذا الدين، فنشأت في الأمّةِ بسبَبِ ذلك فِتَنٌ كبرَى، تفرَّقت بسببها الأمة، وتشعبَّت بها السبل، بما حدثَ مِن ابتداعٍ في الدين، وبُعدٍ عن كلامِ الله ربِّ العالمين، وسنّة سيّد الأنبياء والمرسلين، وعُدولٍ عن منهَج الآل والأصحاب والتابعين».
وتابع «يجرّ الأعداءُ أبناءَ الأمّةِ الإسلاميّة إلى التفرُّق والاختلاف بسبَب الدعواتِ المقيتة التي تحمِل أفكاراً مسمومَة، ودعواتٍ مشئومة، مازالت تَفُتّ في عضُد الإسلام وأهله، وتحطِّم مصالحَ المسلمين، وتجعَلهم في الذلّة والهوان، وإلا فهل وَجَد المسلمون من الشعاراتِ الطائفية، والدعواتِ الحزبيَّة، والتيَّارات العنصريَّة، إلاّ كلَّ ذلٍّ وعارٍ وهوان، فللَّه كم جرَّت تلك الشعاراتُ على المسلمين من فتنٍ كبرَى، ومَصائب عظمى، عاشها الكبار وأدركَها الصغار، ويلاتٌ وقودُها النفوس والأموال والأعراض، وعاقِبَتها تمزيقُ الشَّمل وغرسُ العداوَة والشحناء في القلوب».
كما خاطب القطان العلماء والدعاة والخطباء، ورجالَ الإعلام، ورِجال الفكر والثقافة، ومُلاّك القنواتِ الفضائيّة، مشدداً عليهم بقوله: «اتَّقوا الله تعالى في أنفسكم، وفي شعوبكم وفي أوطانكم، واحذروا من ربكم، احذَروا أن تكونوا بما تنشرونه للناس، أو تدعونهم إليه عبر منابركم، أو بما تسطِّره أقلامُكم أو تعرِضه قنواتكم، احذروا أن تكونوا وسيلةً لتفريق الأمّة المحمديّة، وإِذكاء الفرقةِ والخلافات والصراعاتِ الطائفية والثقافيّة والسياسيّة والعسكريّة، وشيوع الأحقاد والكراهية والبغضاء، الزموا الصدقَ في نشر المعلومات السليمةِ، والحقائق الثابتة، وكونوا محاطين بتقوَى الله عز وجل ومخافتِه، فلَتُسألُنّ يومئذٍ عمّا تقولون وما تَفعلون».
وختم إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي خطبته بالتحذير من الخلافات، في حين استنكر «الأصوات التي تدعو إلى الفرقة والتحريض على هتك اللحمة الوطنية، بالاعتداء على أبناء الوطن الواحد، كما حدث في الجمعة الماضية بالمملكة العربية السعودية، من حادثة نكراء بشعة استهدفت الأبرياء من المصلين في بيت من بيوت الله تعالى من غير مراعاة لحرمة المساجد، ولا للدماء والأنفس المعصومة غفر الله لها ورحمها، وألهم أهلها وذويها الصبر والسلوان، وغاية ما فيها تشويه صورة الإسلام وإشعال النزاع والفتنة، وإثارة النعرات والطائفية وتأجيجها بين أبناء البلد الواحد، وجرهم إلى احتراب طائفي يدخله في دائرة من العنف والعنف المضاد، كما يحدث في بعض الدول التي ابتليت بالصراعات الطائفية... فعلينا جميعاً معاشر المسلمين التعاون جميعاً فيما يتحقق به الاجتماع والأمن والإيمان في البلاد والعباد، والحذر من سبيل الفتنة والدعاة إليها».
العدد 4648 - الجمعة 29 مايو 2015م الموافق 11 شعبان 1436هـ
اللهم لك الحمد
الحمدلله على نعمة العقل ، ونشكر الخطيب الشيخ القطان على حفة باقي المسلمين على حرمة دم المسلم و حرمة بيوت الله
نشكر الشيخ القطان
نشكر الشيخ القطان على موقفه و لكن نتمنى من إخواننا علماء السنة و الأخوة السنة الكرام إتخاذ موقف موحد و أكثر صرامة و صراحة مما يجري لإخوانهم الشيعة. البحرين بلد خليط من الطائفتين و لم نشهد قبل أية مشكلة تعايش و لا زلنا نعيش مع أصدقائنا متحابين نلتقي و نعمل مع بعض دون أية مشكلة. أشدد على ضرورة الوقوف مع إخوانكم الشيعة في هذا الوضع العصيب الذي نمر به و إلا فإن الفتنة ستعم الجميع و الله على ما أقول شهيد.
بارك الله
أشهد انك أنسان مؤمن وتحب الدين والوطن ياشيخ القطان جميع خطب الشيخ قبل الازمة وبعد جميعها يدعو فيها للوحدة
سبب و نتيجة
هناك مسببات هي ما تحدد مسار العلاقات بين المسلمين تفرقا او تآلفا و محبة، و السؤال هنا...... هل اللغة التي استخدمت من على بعض منابر الجمعة منذ احداث 2011م هي لغة تفرقة ام لغة تآلف ومحبة ووحدة؟؟
لمعلوماتك
داعش هم منفذين التفجير الإرهابي وتعليقك بالكامل ليس له علاقة.
حديث
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من ائتمنه الناس على اموالهم.
اين لمن طبل وفرح وسكت ولم يستنكرلما حدث ويحدث من هذا.
شكرا لك يا شيخ.
بارك الله فيك
جزاك الله خيرا فهذا هو الخطاب الذي ينبغي للجميع تبنيه بأن نؤكد على أن الشيعة أخوتنا في الإسلام ولا يجوز التعرض لهم بسوء وأن ندعو لتنقية المناهج الدراسية والإعلام والسياسة من التمييز والتحريض والتكفير.