العدد 4646 - الأربعاء 27 مايو 2015م الموافق 09 شعبان 1436هـ

فضيلة ورباب يروين رحلتهن لعلاج البدانة

د.سعد: 70 % من سيدات الوطن العربي سمينات

البدانة.. هي من الأمراض المزمنة في عصرنا الحالي. وكلما زاد وزن الفرد ازدادت معه مخاطر عدة، منها: الضغط والسكر وأمراض القلب وأمراض أخرى. ومن الأسباب المؤدية إلى البدانة هي: الجينات الوراثية والهرمونات والمؤثرات النفسية والبيئية، والعادات السيئة في تناول الأطعمة. ونستطيع القول إن السبب الأخير هو الأساس في البدانة؛ إذ أصبح الفرد يهتم بما يرضي معدته من أطعمة مشبعة بالدهون، مرتفعة السعرات الحرارية تفتر للقيمة الغذائية من دون أن يدرك المخاطر التي من الممكن التي تؤدي إليها.

يلجأ المصابون بالبدانة إلى عملية تسمى «قص المعدة»، وهي ظاهرةٌ باتت متفشية في مجتمعنا، بل في العالم أجمع!

فما هي عملية قص المعدة تلك التي بدت حلاً سريعاً لمشكلة السمنة؟

سنتعرف من خلال هذا التحقيق الصحافي على ماهية قص المعدة، فوائدها وأضرارها الجانبية... وسنتطرق بذلك إلى الحديث مع بعض الأطباء وأفراد قاموا بهذه العملية.

د. التمياط: النساء الأكثر إقبالاً

وللوقوف على حجم هذه الظاهرة في دول الخليج التقينا استشاري جراحات السمنة د. سلطان التمياط، فقال: «إن البدانة أصبحت ظاهرة متفشية في مجتمعاتنا الخليجية. إذ تحتل الكويت المرتبة الأولى، والبحرين المرتبة العاشرة في العالم». وأوضح التمياط أنه «في كل عام أصبح متوسط الخصر للعالم يرتفع من خلال إحصاء قامت به منظمة الصحة العالمية، ويعود ارتفاع متوسط الخصر إلى التطور في التكنولوجيا والوجبات السريعة، إضافةً إلى أن الناس لم تعد تمارس الرياضة بسبب وجود السيارات، والجهل في ثقافة الأسلوب الصحي الواجب اتباعه». وبيّن: «فكلما ازدادت السمنة ازداد طلب الناس للحلول السريعة للتخلص منها!».

وكشف التمياط عن النتائج المترقبة لعملية قص المعدة، قائلاً: «إنها تساعد في التخلص من أمراض عدة مثل السكر والضغط. إذ إن هناك بعض المرضى لا يجرون العملية للوصول للوزن المثالي في المقام الأول، بل من أجل من مرض السكر».

واسترسل في حديثه شارحاً أنواع جراحات السمنة، فقال: «هناك أنواع للجراحات وهي: قص المعدة والحزام والتحوير المصغر».

وأوضح أن أولى عمليات جراحة السمنة كانت عملية حزام المعدة، وهي عبارة عن زراعة حزام حول الجزء العلوي من المعدة (10% من حجم المعدة) كي تصير هذه هي المعدة الجديدة، وسيشعر المريض بالامتلاء فور تناول كميات قليلة من الطعام.

وأكمل: «أما عملية تحوير المعدة فتكون عن طريق المنظار وهي فصل جزء (جيب معدي) صغير من المعدة عن باقي المعدة، وذلك لتقليل حجم الأكل بقدر الإمكان. ومن ثم إعادة توصيل الجيب المعدي مباشرة بالأمعاء حتى يمر في فرع الأمعاء من دون هضم».

وعن عملية قص المعدة «الشهيرة»، قال: «في السنوات الخمس الأخيرة أصبحت عملية قص المعدة (التكميم) هي العملية التي تحظى بشهرة كبيرة؛ لأن هذه العملية تتميز بسهولة عملها من قبل أي جراح عام وليس بالضرورة جراحاً متخصصاً في عمليات البدانة، وهذا ما أدى إلى إقبال كثير من الناس عليها. والتكميم عبارة عن استئصال نحو 3/4 من حجم المعدة».

وحول رأي د. التمياط في هذه العمليات، قال: «يجب على الشخص ألا يلجأ إلى هذه العمليات إلا بعد أن أجرى الكثير من المحاولات لخفض الوزن للمستوى المثالي عن طريق الأنظمة الغذائية وبإشراف اختصاصي تغدية. لذا يجب أن تكون هذه العمليات هي الخيار الأخير للأفراد»

70 % من السيدات في الوطن العربي سمينات

وللتعرف على رأي اختصاصي التغذية في الحلول الجراحية للسمنة، التقينا اختصاصية تغذية وحميات غذائية، الطبيبة هديل حسين، فقالت: «غالبية الحالات التي تأتي إلى العيادة هي عبارة عن أوزان فوق المعدل الطبيعي، وهي التي لا تحل بسهولة عن طريق البرامج الغدائية إلا بعد فترة طويلة من الرياضة واتباع الحمية».

وأضافت حسين: «للأسف، يرفض هؤلاء الأشخاص العمل معنا نحن اختصاصيي التغذية، وذلك بسبب التجارب الكثيرة الفاشلة التي مروا بها في محاولة إنقاص الوزن واتباعهم للبرامج الغذائية المنتشرة على الإنترنت غير المدروسة وغير المنتظمة، واشتراكهم في مراكز تفتقر إلى الخبرة الكافية في عملية إنقاص الوزن».

وأشارت إلى النتائج السلبية للسمنة، فقالت: «تؤثر زيادة الوزن على الفرد في تعامله داخل مجتمعه وحركته ونشاطه اليومي. خصوصاً النساء اللاتي يعانين من زيادة في الوزن يلجأن إلى العيادة لإنزال وزنهم من أجل أن يكونوا قادرات على الإنجاب».

ولفتت إلى أن 70% من السيدات في الوطن العربي يعانين من زيادة في الوزن، وغالبية المقبلين على العيادة هم النساء.

وعن رأيها في اللجوء إلى الحلول الجراحية لعلاج السمنة، بينت: «كاختصاصيي الغداء لا ننصح بأي عملية، ونحث الشخص الذي لديه احتمالية ولو ضئيلة بأن يقوم بعمل برنامج غذائي صحي، على علاج السمنة عن طريق هذه البرامج».

وكشفت د. حسين عن دور اختصاصيي العلاج الطبيعي في التهيئة لجراحات السمنة، قائلة: «هناك بعض المرضى يأتون إلى طبيب المناظير لعمل العملية، ولكن تكون هناك خطورة عليهم بسبب تراكم الشحوم الدهنية الشديدة، وهذا الأمر يعرقل عمل الطبيب في العملية، فهو لا يستطيع أن يصل إلى الجزء المطلوب». وتابعت: «يأتي دورنا كاختصاصيي تغذية أن نقوم بعمل برنامج غذائي لهؤلاء الناس من أجل إنقاص قسم من أوزانهم لتهئيتهم للعملية. والأمر الجيد أن هناك مرضى يقتنعون من خلال عمل هذا البرنامج الغذائي بأنهم ليسوا بحاجة إلى العملية وبأنهم قادرون على إنقاص وزنهم من خلال البرنامج الغذائي».

عبدالجليل: الحمية والرياضة أفضل

وللوقوف على تجارب حية، نستعرض أمثلة خضعت للعلاجات الجراحية للسمنة، ونبدأ مع فضيلة عبدالجليل، امرأة متزوجة ولديها طفلان، وخضعت لعملية قص المعدة.

وحول الأسباب التي دفعتها لإجراء العملية، أوضحت: «لم أكن أعاني من سمنة مفرطة، ولكن تشجيع زوجي لي على عمل العملية دفعني لإجرائها كي أبدو بصورة أجمل، خصوصاً أنني قد لجأتُ إلى الرياضة فترة ولكن ضعف الإرادة جعلني غير قادرة على الوصول للشكل المناسب». وواصلت حديثها: «أصبح قرار العملية هو الحل الوحيد لأحصل على الشكل المناسب، وقبل ذلك بالطبع قمنا بقراءة تفاصيل عن العملية، وبحثنا عن تجارب سابقة لأناس قاموا بالعملية وعن الأطباء المتخصصيين في هذا النوع من الجراحات».

وتابعت: «نظراً لكلفة العملية العالية في البحرين سافرتُ لإحدى الدول العربية لإجرائها كون المبلغ مناسباً لنا».

وأشارت إلى نتائج العملية موضحة: «هناك جانبان للعملية، إيجابي؛ فقد فقدت الكثير من وزني، ولكن من ناحية أخرى هناك أمور سلبية حدثت معي حيث تعرضتُ لالتهاب في جرح العملية ونقص في الفيتامينات والدم، ولهذا الوقت أقوم بأخذ بعض الأدوية مع أجل معالجة هذه المشكلات».

ووجهت نصيحة من واقع تجربتها للبدناء، قائلة: «لا أنصح بإجراء العملية، لأنه بالحمية (الرجيم) وممارسة الرياضة يستطيع الشخص الوصول والحصول على الشكل المناسب وعلى صحة قوية حتى وإن طال الوقت.. ولكن في حال أن الشخص كان وزنه عالياً جداً وحاول كثيراً إنقاص وزنه ولم يجدِ ذلك نفعاً يستطيع اللجوء إلى عمل العملية».

مضاعفات مميتة

علي المعلم من الأشخاص الذين كان لديهم دافع كبير لعمل عملية قص المعدة... تروي لنا زوجته ما حصل معهم.

وروت حكاية رحلة علاجها وعلاج زوجها: «لم نكن نملك المبلغ الكافي لعمل العملية في البحرين، لذا لجأنا إلى إحدى الدول العربية لعمل العملية لي ولزوجي. إذ قمنا بعملية البحث عن المستشفيات والأطباء المتخصصين في مجال قص المعدة حتى وجدنا المستشفى والطبيب المناسبين لعمل العملية».

وواصلت: «تم عمل الفحوصات اللازمة لعمل العملية، وكانت نتيجة الفحوصات تتطلب يوماً إلى يومان حتى تظهر، ولكن بسبب الأحوال الجوية السيئة التي ستتسبب في إغلاق الكثير من الأماكن، قال لنا الدكتور أنْ نقوم إجراء العملية من دون ظهور نتائجنا حيث لا مجال للتأجيل أو انتظار النتائج بسبب حالة الطقس! كان زوجي متشجعاً لإجراء العملية ولم يتردد في عملها».

وكشفت عن تفاصيل ما بعد العملية، قالت: «أجريت العملية ويُفترض أن نبقى تحت الملاحظة لمدة لا تقل عن 48 ساعة، ولكن الدكتور قد أمر بخروجنا من المستشفى، إذ لم نكمل حتى 24 ساعة! حينها كان زوجي يستفرغ من فمه دماً ويعاني من صعوبة في التنفس.. وحين سألنا الدكتور عن ذلك أجابنا بكل بساطة بأن هذه الأمور طبيعية وتحصل للمرضى. عدنا للفندق ولا يزال زوجي كما هو.. حتى أنه لم يكن يستطيع المشي لوحده مسافة متر!».

وأضافت: «أخبرني زوجي بأنه يحتاج إلى دورة المياه، وما إنْ توجه إليها حتى سقط مغشياً عليه.. لم أكن أملك إلا صوتي.. سمعني من في الفندق وأتوا مسرعين، لم أدرك حينها بأن زوجي قد فارق الحياة!».

رباب.. 10 سنوات من حرب مع السمنة

كاهتمام ومبتغى كل شاب وشابة بأن يظهر أمام الآخرين بمظهر يليق بسنه ويعطيه ثقة بنفسه أكثر، لجأت رباب علي، فتاةُ الثلاثين، إلى عمل برامج صحية وممارسة الرياضة في فترة دامت 10 سنوات، وكانت تحصل على نتائج جيدة ولكن لفترة قصيرة ويعود وزنها ضعف ما سبق!

أبت هذه الشابة ألا تستسلم لوزنها وشكلها الذي بات أسوأ من السابق لتضع حلاً نهائياً لمشكلة السمنة التي تعاني منها.. التقيتُ بها لأعرف المزيد عما مرت به من تجارب لإنقاص وزنها ولأعرف نتائج آخر نتائج معركتها ضد السمنة، فقالت: «نعاني في أسرتنا من السمنة... وفي عصرنا هذا بات الإنسان يخشى على نفسه من مخاطر الأمراض التي سيتعرض لها في المستقبل بسبب السمنة».

وأوضحت: «قمتُ بعمل ومتابعة عديد من برامج التغذية والتي لم ترضِ نفسي على مدى عشر سنوات.. سئمتُ من عودة ضعف وزني في كل مرة.. وفي حملي الأول بطفلي زاد وزني بشكل أكبر، ولكني كنتُ متفاءلة بأنها مجرد أعراض الحمل، ولابد للجسم من أن يكون هكذا ومن ثم سيعود كما السابق.. ولكن بعد ولادتي لم يتغير وزني وكنت متأثرة نفسياً بهذا الأمر، وكنتُ أواسي نفسي بأكل المزيد من الأطعمة».

وواصلت: «كنتُ أنظر إلى ملابسي وفي داخلي حزن على نفسي وسؤال هل سأعود لأرتدي ملابسي القديمة؟».

تتابع رباب حديثها: «كنتُ أنا وزوجي نبحثُ عن حلول للقضاء على السمنة، وفي كل مرة أجد حلاً، ولكن لكلفة هذا الحل أتغاضى عنه». وأضافت: «لا أنكر أنني كنتُ متأثرة والخوف في داخلي من الأمراض التي تصاحب السمنة، ولكني لم أكن أُظهر هذا الأمر للآخرين، وخصوصاً زوجي، بل كان الدافع لديّ قوياً للحصول على الحل حتى سمعت عن عملية قص المعدة في إحدى الدول العربية والتي كانت كلفتها معقولة».

وأكملت: «سافرتُ مع زوجي لعمل العملية.. وقمتُ بعمل الفحوصات اللازمة لعمل العملية، ولا أنسى متابعة الطبيب والممرضات لي على مدى كل الوقت ودقتهم وحرصهم على أخذ المعلومات اللازمة، ما شجعني أكثر على إجرائها. قمتُ بعمل العملية.. وحُظيت بالنجاح».

وحول مضاعفات العملية بيّنت: «لم تواجهني أية مشكلات أو أضرار من جراء عمل العملية، وذلك يعود لملازمة ومتابعة الطاقم الطبي لي والتزامي بإرشاداتهم وبأخذ العلاجات المناسبة». وأضافت: «ها أنا اليوم قد حصلتُ على الشكل الذي أريده.. ولا أزال أتبع إرشادات الطبيب وأنتبه لطعامي وأبتعد عن كل ما يسيء لصحتي! إذ أصبحتُ اليوم أُجزئ طعامي إلى أجزاء عدة على فترات متفاوتة».

وفي كلمة أخيرة لرباب علي، قالت: «تجربتي تدفعني إلى نصح من يعاني من السمنة وقام بتجارب عديدة بإنزال الوزن ولم تفده، بأن يقوم بعمل هذه العملية التي أصبحت علاجاً للقضاء على أمراض مثل السكر والضغط».

العدد 4646 - الأربعاء 27 مايو 2015م الموافق 09 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً