العدد 4646 - الأربعاء 27 مايو 2015م الموافق 09 شعبان 1436هـ

د. خوجه "للوسط الطبي" (1 – 2) :نُقوّم أعمالنا عبر دراسة دورية

المجلس التنفيذي نفذ 77 برنامجاً صحياً خلال 40 عاماً

تواجه المنظومة الصحية الخليجية العديد من التحديات التي فرضها ارتفاع أعداد السكان، واستيطان العديد من الأمراض المزمنة في المنطقة، بل وتصدرها عالمياً كأمراض السكر التي تعد دول الخليج من الدول العشر الأوائل في نسبة الإصابة بالداء. وليس شبح السمنة وما يصاحبه من سلسلة أمراض عنا ببعيد.

التحديات تفرض كُلفاً عالية من ناحية المعاناة البشرية من جراء هذه الأمراض وتوابعها، وكُلفاً اجتماعية واقتصادية ترهق موازين حكومات دول الخليج وتدفع بها لضخ المزيد من الأموال لمعالجة هذه الأمراض.

في مقابل هذه التحديات يبرز دور المجلس التنفيذي لوزراء مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي الذي ساهم ويساهم في رسم السياسات الصحية التي تواجه هذه التحديات وترسم المستقبل للمنظومة الصحية الخليجية.

وللتعرف عن قرب على عمل هذه المنظومة التقت «الوسط الطبي» المدير العام للمكتب التنفيذي للمجلس، والقلب المحرك لها، البرفسور توفيق بن أحمد خوجة، الذي أكد بدوره أن المجلس نفذ ومنذ انطلاقته قبل 40 عاماً 77 برنامجاً، لافتاً إلى أن المجلس يصدر دراسة تقويمية كل ثلاث سنوات لقياس أعماله.

وأوضح خوجة أن المجلس اعتمد خلال السنوات الثلاث الماضية العديد من المواثيق «كالتزام سياسي» لتحسين الصحة العمومية، والتي اعتمدت لدى بعض المنظمات الإقليمية والدولية والعالمية المعتبرة.

اللقاء ضم تفاصيل عديدة، نتركك عزيزي القارئ معها:

ما التحديات التي تواجهها منظومة الصحة في دول الخليج؟

بعد مرور 40 عاماً على إنشاء المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون فقد تبنى المكتب العديد من البرامج بلغ عددها 77 برنامجاً بعضها انتهى، ومعظمها مستمر إضافة إلى البرامج التي يتم استحداثها مؤخراً وتعتبر حصيلة دراسات اللجان الفنية المتخصصة ومجموعات وفرق العمل والندوات وحلقات العمل والمؤاتمرات العلمية التي نظمها المجلس خلال هذه الفترة.

وهنا أتقدم بوافر شكري وتقديري لمعالي وزراء الصحة بدول المجلس وسعادة أعضاء الهيئة التنفيذية وأعضاء اللجان الفنية ولجان الشراء الموحد والتسجيل المركزي والإخوة الزملاء منتسبي المكتب التنفيذي على جهودهم الخيرة وإسهاماتهم المثمرة نحو تطوير العمل بالمكتب ورسم الموقع الصحيح للمكتب التنفيذي خليجياً وإقليمياً وعالمياً.

واستكمالاً للنهج التطويري وتنفيذاً للعهد الذي قطعته على نفسي منذ أن تحملت مسئولية العمل شرعت بإعداد دراسة تقويمية تصدر كل ثلاث سنوات لرصد الإنجازات وتحديد المعوقات ومعرفة مواطن القوة والضعف في كافة الأعمال المنوطة بعمل المكتب. وتقدم الدراسة الاقتراحات المناسبة لتطوير العمل والبحث عن فرص التحسين والاستفادة من خبرات الماضي وعلوم ومعارف الحاضر لبناء المستقبل على أسس وبراهين علمية موثوقة ومعتبرة بحول الله لزيد من الجودة وتحقيق الرفاهية الصحية للمواطنين والمقيمين في خليجنا الحبيب.

حدثنا أكثر عن الدراسة التقويمية؟

ترتكز الدارسة التي قمت بإعدادها على أربعة محاور رئيسية تحلل كافة البرامج التي احتوت عليها هذا الدراسات، والمحور الأول بمثابة مرآة للوضع الحالي يرصد أهم الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الماضية ومنذ إعداد الدارسة التقويمية الأخيرة، أما المحور الثاني فيرصد المعوقات، ويتناول المحور الثالث التحديات والمتطلبات التطويرية خلال الفترة المقبلة، فيما يشمل المحور الرابع النظرة المتسقبلية المستهدفة لأهم أوجه العمل الصحي الخليجي.

وألفت هنا إلى أن هذه الدراسات أخذت الكثير من الجهد والوقت لكي نسجل الوقائع بكل مصداقية وشفافية ما استتطعنا إلى ذلك سبيلاً.

وأشير هنا إلى أن كافة المعلومات التي دونت بهذه الدارسات استوفيت من مصادر عدة أهمها ما قام به الزملاء رؤساء الأقسام بالمكتب التنفيذي بتقديم ما لديهم من أفكار ورؤى لتطوير العمل إضافة إلى ملاحظاتي الشخصية ومعارفي وتجاربي، وخبراتي التي اكتسبتها من إدارتي للمكتب التنفيذي وعلاقاته بكافة المنظمات الخليجية والإقليمية والدولية ذات العلاقة.

وتهدف الدراسات التقويمية إلى مواكبة المستجدات العلمية والعالمية على الساحتين الإقليمية والدولية.

كيف يواجه صانعو السياسات الصحية تلك التحديات؟

- هذا سؤال في منتهى الأهمية ونظراً لحساسية الموضوع وطبيعة الوضع التي تمر به المنطقة الآن نحو بلورة أنظمة صحية جديد وتعديل الهياكل القائمة، فإن معالي وزراء يعقدون دائماً اجتماعات جانبية ولقاءات ثنائية لمناقشة واستعراض التحديات التي يواجهها النظام الصحي والتطلعات المستقبلية لنظام الرعاية الصحية الوطنية، والبحث عن الفرص المتاحة للعمل معاً من أجل التركيز على التطلعات ومواجهة التحديات.

وتستعرض اللقاءات الوضع الحالي في دول المجلس وتبادل الخبرات والمرئيات وتعزيز أطر التعاون فيما بينها على طريق تطوير النظم الصحية فيها.

وأكد الوزراء أكثر من مناسبة أهمية انتهاج السياسات التطويرية المستمرة والمستدامة لعلمية إصلاح النظام الصحي من خلال الاستفادة من خبرات وزارات الصحة في دول المجلس، والأخذ في الاعتبار العوامل الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية كافة، وما يتلاءم مع حاجات السكان وتطلعاتهم، ويضمن التوازن بين كُلف الخدمات الصحية المتزايدة وتقديم خدمات صحية ذات جودة عالية.

إضافة إلى إقامة نظم معلومات صحية حديثة ومتطورة تلبي حاجات الإصلاح في القطاع الصحي وتتماشى مع متطلبات العصر ومواكبة المستجدات التكنولوجية. مع تشجيع إجراء بحوث النظم الصحية وإيلاء التخطيط الاستراتيجي الأهمية التي يستحقها.

وتتساوق هذه الخطوات مع دعم الجهود الرامية إلى تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المجال الصحي لتخفيف العبء على النظام الصحي الحكومي باعتباره شريكاً أساسياً في التنمية الصحية.

هنا أود الإشارة إلى الوثيقة التي أعدها المكتب التنفيذي حول تطوير النظم الصحية بدول المجلس بمشاركة خبراء من منظمة الصحة العالمية والتي تم تحديثها بما يتناسب مع المتغيرات العالمية الجديدة، وجارٍ الآن الإعداد لورقة عمل يقدمها المكتب التنفيذي حول استراتيجية العمل وتوجهات العمل الصحي خلال السنوات الخمس المقبلة، كذلك فإن المؤتمر الـ 78 لمجلس وزراء الصحة والذي عقد بالمملكة العربية السعودية في فبراير/ شباط الماضي كان موضوعه «قياس أداء النظم الصحية - طريق الامتياز».

ما البرامج الحالية التي يقوم المجلس على تنفيذها؟

- قمت حديثاً باستحداث العديد من البرامج مثل برامج مكافحة الأمراض غير السارية (المعدية)، وداء السكري والأمراض القلبية والوعائية والصحة النفسية والرعاية الصحية المبنية على البراهين وأخلاقيات المهن الصحية وتحسين وقياس أداء النظم الصحية وجودة الرعاية الصحية وسلامة المرضى ومكافحة العدوى، وتطوير وتحديث برنامج مكافحة السرطان، ومكافحة التدخين. إضافة لزراعة الأعضاء، وتطوير الأداء في برنامج العمالة الوافدة.

ومن هذه البرامج أيضاً التوسع في برنامج الشراء الموحد ووضع أدلة الإجراءات الخاصة بهذا البرنامج، علاوة على استحداث برنامج متابعة الآثار الجانبية للدواء والأخطاء الدوائية وتطوير الخدمات التمريضية والبحوث الصحية، والمراكز الخليجية المرجعية المتعاونة.

كما استحدثت في الآونة الأخيرة برامج عدة حول الصحة والسلامة المهنية، والصحة المدرسية وصحة اليافعين والشباب، وصحة الفم والأسنان، وخدمات طب الطوارئ، وصحة المسنين، والاعتلالات العصبية.

وتقوم استراتيجية تطوير العمل بالمكتب التنفيذي على مواصلة العمل في بعض اللجان القائمة وتنشيط البعض الآخر واستحداث لجان جديدة وإنهاء عمل بعض اللجان الخاصة التي قطعت شوطاً متقدماً في سبيل تحقيق أهدافها أو انتهت أنشطتها وبرامجها.

كم عدد المشروعات التي نفذها المجلس في السنوات الثلاث الماضية؟ وما أبرزها؟

- أطلق مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي ومكتبه التنفيذي العديد من المشروعات الصحية الفاعلة خلال السنوات الثلاث الأخيرة واعتماده عدد من المواثيق المهمة «كالتزام سياسي» لتحسين الصحة العمومية والتصدي لمكافحة الأمراض غير المعدية، وخصوصاً قضيتي الأمراض القلبية وداء السكري.

وتم إصدار وثائق بشأنها مثل إعلان الرياض وجدة لمكافحة داء السكري، وإعلان جدة لسلامة المرضى، وميثاق القلب، وإعلان المنامة لاقتصاديات الأمراض القلبية، وإعلان دبي حول الأمراض المزمنة (غير السارية)، ووثيقة المنامة لمكافحة الأمراض غير السارية، ووثيقة الكويت للخطة التنفيذي للحملة الخليجيية للتوعية بالأمراض غير المعدية، وإعلان مسقط حول اقتصاديات الأمراض غير السارية، وإعلان جدة لصحة اليافعين والشباب، والميثاق الخليجي في الرياض لرعاية المسنين. وكذلك مبادرة الكويت لتعزيز الصحة المهنية، وإعلان المنامة لتمويل النظم الصحية، حيث تمت الإشادة بها مع بعض المنظمات الإقليمية والدولية والعالمية المعتبرة، وتم تدوينها كوثائق رسمية ونشرها على المواقع الإلكترونية بهذه المنظمات، وترجمت إلى خطط عمل على المستوى الوطني والخليجي للإسهام في تعزيز النظم الصحية في هذا الخصوص.

كل هذه المواثيق والإعلانات والخطط التننفيذية الاستراتيجية التي اتخذت الصفة الإقليمية والعربية، بل والعالمية، تؤكد السبق والريادة لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي في مجال «الالتزام السياسي الشامل» والذي يعني التزام القيادات الصحية والمجتمعية في اتخاذ القرار من خلال قوى المسئولية والتأثير والضمان لإعطاء هذه البرامج المهمة المصداقية والموارد والدعم اللازم على المستويات كافة؛ الصحية والمجتمعية والإعلامية والسياسية والحكومية وغير الحكومية والخاصة، إضافة إلى المجتمع المدني.

ما البرامج المستقبلية في أجندة المجلس الوزاري؟

- عقد مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون خلال شهر فبراير الماضي المؤتمر الثامن والسبعين تحت شعار «قياس أداة النظم الصحية - طريق الامتياز»، وقد ناقش معالي الوزراء تقريراً مفصلاً عن نشاط المكتب التنفيذي وإنجازاته خلال الدورة المنتهية ومتابعة القرارات والتوصيات السابقة وآخر المستجدات العلمية لتطوير الخدمات الصحية في الدول الأعضاء، كما تضمن جدول أعمال معالي الوزراء مناقشة عدد من الموضوعات منها: مكافحة الأمراض غير السارية (NCD)، ومكافحة السرطان، ومعايير وضوابط التعاون مع الجمعيات الخليجية الصحية، ومكافحة التدخين، والصحة المهنية، والنشرة الإحصائية والمؤشرات الصحية الأساسية، والملتقى العلمي للشئون الإدارية والمالية بوزارات الصحة بدول المجلس، والعمالة الوافدة، وشلل الأطفال، وبوابة الربط الإلكتروني بين مراكز المعلومات في دول المجلس والمكتب التنفيذي وتعزيز نظم المعلومات الصحية، والبطاقة الذكية، والشراء الموحد للمستحضرات الصيدلانية، ولوازم تجهيز المستشفيات، والتسجيل الدوائي المركزي، علاوة على الشئون الإدارية والتنظيمية الأخرى، وميزانية المكتب التنفيذي وصندوق الائتمان المودع والبحوث، وتطوير وتحسين العمل بالمكتب التنفيذي، وتوسعة مبنى المكتب التنفيذي، والإشراف والرقابة المالية والإدارية من قبل الأمانة العامة لمجلس التعاون، واللائحة الخليجية للتطوير المهني المستمر، إضافة إلى المناقشات التقنية.

ويعتزم المجلس عقد مؤتمره التاسع والسبعين خلال الشهر الجاري في جنيف على هامش اجتماعات الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية، ويناقش الوزراء عدداً من البرامج المستقبلية منها مكافحة الأمراض غير السارية، والمؤشرات الصحية، والعمالة الوافدة، وبوابة الربط الإلكتروني بين مراكز المعلومات في دول المجلس والمكتب التنفيذي وتعزيز نظم المعلومات الصحية، وتطوير وتحسين العمل بالمكتب التنفيذي، وميزانية المكتب التنفيذي للعام 2014م والموازنات المقترحة للأعوام (2016-2018)، وصندوق الائتمان المودع والبحوث، وحصة الجمهورية اليمنية في موازنة المكتب التنفيذي.

كيف ستجذبون القطاع الخاص للمساهمة بشكل أكبر فاعلية في المنظومة الصحية الخليجية؟

- يعتبر القطاع الصحي الخاص رديفاً ومكملاً لما تقوم به المؤسسات الصحية التابعة للقطاع الصحي العام أو الحكومي، وعليه فإن دعم هذا القطاع الحيوي يمثل أحد المحاور المهمة وفي مقدمة الأولويات التي يوليها المكتب التنفيذي بالتنسيق مع وزارات الصحة بدول مجلس التعاون ودعمه والوقوف معه من أجل تعزيز دوره الريادي في دول المجلس، حيث إن القطاع الخاص شريك أساسي وناجح وفاعل في منظومة العمل الصحي الخليجي المشترك، ولذلك فإن جانباً كبيراً جداً من المؤتمرات الخليجية والإقليمية والدولية التي ينظمها المجلس يكون للقطاع الخاص دور أساسي ومساند لدعم مثل هذه الملتقيات العلمية.

ومن أجل مساندة القطاع الصحي الخاص قامت وزارات الصحة بإنشاء إدارات داخل هذه الوزارات تعنى بهذا الموضوع، وهو ما يعزز عملية الترخيص والإشراف على المؤسسات الصحية الخاصة بطرق مبنية على التشريعات والنظم والسياسات الحديثة، وذلك لضمان كفاءة الخدمات الصحية وانسجامها مع الخدمات الصحية الحكومية.

وعلى ضوء هذا التوجه تم إدارج مجال المؤسسات الصحية الخاصة ضمن الخطط الخمس للتنمية الصحية بالدول الأعضاء، والتي تشتمل على خطة عمل تهدف إلى استكمال التشريعات المنظمة للعمل ووضع آليات عمل للجوانب المختلفة للرعاية الصحية بما في ذلك تقييم ومتابعة الخدمات الصحية المقدمة من القطاع الصحي الخاص، وعليه فإن هذا الجذب للقطاع الخاص يتطلب حشد جهود الوزارات والجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتنفيذ خارطة طريق واضحة الأهداف والمسارات لحماية الحياة طوال العمر ومن خلال البرامج والسياسات المتعددة المحاور والتي يلتزم الجميع بالعمل على تنفيذها.

من هنا كان دور المكتب التنفيذي في أن يجعل من القطاع الصحي الخاص بجميع مكوناته شريكاً كاملاً وحليفاً قوياً ومسؤولاً في دعم العمل الصحي والإسهام في رفع الوعي العام بالقضايا الصحية وتعزيز الرسالة الصحية الهادفة، حيث إنه يمتلك من القدرات والمؤهلات والخصائص ما يمكنه من زيادة دوره الذي يقوم به في الوقت الحاضر إلى أقصى مدى ممكن ومضاعفة دوره الإيجابي بين الفرد والمجتمع، من أجل تعزيز صحة المواطن الخليجي.

العدد 4646 - الأربعاء 27 مايو 2015م الموافق 09 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً