سقطت الرمادي وقبلها الموصل. كادت سامراء أن تسقط في فترة ما. وصل الأمر إلى حزام بغداد الغربي. نتحدث عن هذه المأساة ونحن نستحضر ذكرى حل الجيش العراقي من قِبَل الأميركيين والتي تصادف اليوم السبت (23 مايو/ أيار 2015). كان الهدف فقط هو كيفية التخلص من قوة العراق العسكرية، ثم فليأتي الحديث عن أشياء أخرى. حدث ما حدث فباتت الدولة مكشوفة.
لقد كُسِرَت يد العراقيين بهذا القرار فلم يقْدروا على حماية أعينهم من الفَقْء. ونحن نسترجع هذه الذكرى الأليمة نرى أطراف العراق وهي تُقطَّع من دون أن يستطيع جيش العراق الجديد أن يحميها أو يسترجعها. بل أصبح يسترجع شبراً ما يلبث أن يسقط مرة أخرى وهكذا دواليك، كما جرى في بيجي. ما هذا الجيش الذي لا يقدر على أن يحافظ على مدينة كالرمادي، ثم لا يستطيع تأمين «بعض» المناطق التي استرجعها بعد السقوط؟
دعونا نحتكم إلى الأرقام بدل الإنشاء الذي قد يعتبره البعض تجنياً. هناك اثنان وستون مديرية بوزارة الدفاع العراقية الحالية. القوات البرية في الجيش العراقي تتكون من الفرقة الأولى تدخل سريع بالرمادي وبها خمسة ألوية: لواء التدخل السريع ولواء الفرسان في الرمادي، ولواءان تدخل سريع في ديالى، ولواء تدخل سريع في الموصل. أما الفرقة الثانية ومقرها الموصل فهي تتكون من أربعة ألوية. والفرقة الثالثة ومقرها سنجار تضم أربع ألوية مشاة. والفرقة الرابعة (ومقرها تكريت) تضم أربعة ألوية مشاة. والفرقة الخامسة ومقرها بعقوبة بها أربعة ألوية مشاة.
وهناك الفرق السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة والسابعة عشرة موزعة في كل من الكرخ والرستمية والرصافة والمحمودية في بغداد والبغدادي في الأنبار والديوانية والناصرية وكركوك والبصرة. وإلى جانب القوات البرية هناك قوات جوية وقوات بحرية لها تفريعات وألوية كذلك (من دون احتساب قوات الأمن والشرطة والاستخبارات التي لا تقل عن الجيش حيث إن العراق به أكبر قوة شرطية في المنطقة).
هذه القوات كلها تمتلك من السلاح ما يجعلها «افتراضاً» قوة ضاربة. لديها دبابات تي 72 ومدرعات إم 113 إس وبي إم بي 1 ومدافع هاون وراجمات توس 1 وغراد والصواريخ المضادة للدبابات، وطائرات استطلاع وتدريب ودعم ونقل وقتال وهجوم وحزمة أخرى من السلاح بمليارات الدولارات، وبها مئات الآلاف من الجنود، يدعمهم مليون من المتطوعين (البعض يقول مليونين). لذلك يأتي السؤال المُلِحْ بعد كل هذا: لماذا فشلت كل هذه القوة الكبيرة في العدة والعدد عن الصمود في وجه تنظيم «داعش» إلى الحد الذي تنهار فيه القيادات ومراتب الجند بشكل سريع ومفاجئ؟
الجواب على ذلك يجب أن يكون شفافاً، لأن الأسباب مُركَّبة ومتداخلة. أولاً يجب أن نتحدث عن العقيدة العسكرية التي بُنِيَ عليها الجيش العراقي ما بعد الحل هي عقيدة فاشلة ولا صلة لها بالعقائد المعروفة في الجيوش، حيث غابت الوطنية فيها وحلَّت المذهبية والطائفية، التي باتت تُرفع كشارات وعناوين وصور. وعندما تتكرّس مثل هذه العقائد يصبح الجيش ملكاً للبعض دون الآخر، وعندما يكون كذلك تموت الثقة فيه من قِبَل من لا يعتقد أنه ينتمي إليه أو يُمثله، فيبدأ الخوف منه ويعتبره عدواً وليس صديقاً يُؤتمن.
الأمر الثاني، أن الجيش العراقي الجديد تشرَّب في فروته وأطرافه بضباط «الدمج». بمعنى أن جميع القوى والأحزاب العراقية التي جاءت بعد الاحتلال أرادت التمثّل فيه بغضّ النظر عن كفاءاتها، فأدمِجَت فيه عبر منتسبيها الذين أصبحوا ضباطاً كباراً بلا قواعد مهنية عسكرية، ومن دون أن تكون لهم خبرة في الانضباط والطاعة وفق التراتبية العسكرية المعروفة، بل وعدم معرفة حتى في أداء التحية العسكرية. لذلك ترى ضباطاً صغاراً أقوى من ضباط يرأسونهم لأنهم يستقوون بأحزابهم وقياداتهم الحزبية والدينية.
وحتى عندما قام رئيس الوزراء العراقي السابق والأسبق وما قبله من استقدام بعض القيادات العسكرية السابقة، لم تستطع أن تفرض هيبة عسكرية في الجيش لأنها كانت غير مُطاعة عند الكثيرين، بل كانت عُرضة للمساءلة من قِبَل أحزاب وقيادات لا صلة لها بالجيش والإمرة، فضلاً عن التشهير بها من قِبَل آخرين لأنها مُرِّرت من دون رضاهم أو موافقتهم. رأينا ذلك في قائد عمليات بغداد السابق. هذا الأمر أثر بشكل كبير على بُنية الجيش العراقي وجعله هشاً.
أمر ثالث لهزيمة الجيش في الموصل والرمادي وهو المتعلق بالخطأ التاريخي الذي قام به الأميركيون، وهو المتعلق بمن سُرِّحوا من الجيش العراقي السابق. فـ 2.5 مليون من العراقيين رأوا أنفسهم بين ليلة وضحاها بلا مصدر رزق بعد الحل والطرد من الجيش سنة 2003، فأصبح هؤلاء صيداً سهلاً عند مَنْ يُعوّضهم بالمال أو مَنْ يعطيهم قدرة على الانتقام في آن، فدخل عديدة من هؤلاء في سلك الجماعات المسلحة، بينما اختار الأغلب المنافي بدل التصفيات الجسدية والسياسية.
وإذا ما علمنا أن أولئك الضباط كانوا على درجة عالية من الكفاءة، والكثير منهم قد اجتاز دورة الأركان في الجيش ودخل دورات تدريبية ولديهم خارطة العراق من أقصاه إلى أقصاه فإن المستقطبين الجدد حصلوا على كفاءات قتالية متقدمة جعلتهم أقوى من جيش بأكمله. هذا الأمر لا أقوله أنا بل تحدث عنه باستفاضة أهل الدراية من العراقيين كرئيس مركز العمليات المشتركة في العراق السابق الذي قادها بعد الاحتلال مباشرة.
باعتقادي أن هذه الأسباب هي التي أدت لأن تسقط الرمادي وقبلها الموصل. إن العراق يمكنه أن ينهض ويمتلك جيشاً قوياً بشيء واحد فقط، وهو أن يعيد برمجة الدولة وفضاءها وصورتها وزخمها بين العراقيين من البصرة حتى كركوك بما يتناسب مع الهوية الجامعة للعراقيين.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4646 - الأربعاء 27 مايو 2015م الموافق 09 شعبان 1436هـ
لماذا سقطت الرمادي؟
واضح لماذا سقطت الرمادي؛ لأن الأوامر صدرت للجيش بالانسحاب ؛ حت تتدخل إيران ؛ بعدها لا يعود أي من النازحين إلى منازلهم المحررة من قيل إيران.
للعلم في المناطق المحررة من قبل الحشد الشعبي لم يعد أحد إلى بيته.
والحاضنة الاجتماعية والسياسية لداعش
غفلت ام تغافلت عنها؟
المقارنة بين الجيش ايام صدام واليوم خطأ
لا ذاك الجيش عدل وهذا اليوم عدل ايام المقبور صدام كان الناس مجبرين وان لم يمتثلوا الأوامر يبادون هم وعائلاتهم عن بكرة ابيهم اذا الخوف هو الدافع من البطش ، اليوم من كان محبوس طوال السنين الماضية بالدكتاتورية صعب عليه يتعود على الديمقراطية والكل صار يتصرف بطريقته ليس لأن العراق طائف او مذهبي فكلا المذهبين حينما تولوا ذبحوا بعضهم البعض ولكن في الفترة الحالية بوتيرة اقل ، سعي المخلصين من العراقيين يقابله جيوش جرارة من مبغضي العراق واستقراره من الداخل والخارج لذا لن يستقر والأيدي تعبث به .
متابع . . . شهادة الكبار
قال علي خضيري، المستشار السابق في القيادة المركزية للجيش الأمريكي، إن لديه معلومات تشير إلى إنهيار 6000 عنصر من القوات العراقية أمام 150 مقاتل بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) !!!!
وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر قال : "كما هو واضح، فإن ما حدث أن القوات العراقية أبدت عدم رغبتها في القتال" !!!
لهذا سقطت الرمادي ، 6000 مقاتل أمام 150 داعشي ، لأن المقاتلين لا يريدون القتال ، و الأسباب النفسية موجودة في مقال الأستاذ محمد .
جيش صدام وطني
ما نفهمه هنا أن جيش صدام كان وطني محض ولم يكن طائفي ولا عرقي ، هناك قرار في موقع ما لا يريد للعراق الاستقرار.
لماذا لم تسقط البصرة ؟
تعليق على المقال
مقال جيد يستحق القراءة .
أشكرك عليه
بل اهرار
محد خرب العراق ال ر............ الدواعش..................
....
على رغم خطأ حل الجيش العراق.. الا انه لو لم يحدث لكانت له ارهاصات .. فالجميع يعلم ان الكثير من الضباط والجنود كانت ايديهم ملطخه بدماء العراقيين فلو لم يحل . هل لك ان تتصور ماذا كان سيحدث
اما انا اقول لانها رمادية اللون والرما.دي تكون الرؤية غير واضحة ومشوشة
ولابد الوضوح والشفافية في الحياة اما ان تكون رمادي لا احد يثق بك ويعتمد عليك ، وهذا الذي حاصل في العراق منذ السقوط 2003 المواطنين ليسوا ناصعين مع بعضهم البعض ، لان حزب البعث غرس فيهم الشك وعدم الثقة ببعضهم البعض وجاءت الاحداث فزادت الطين بله بفتح الباء ، فلا بد من اعادة اللحمة بينهم والا ستغرق السفينة بمن فيها واقصد - الوطن - وهذا ينطبق على كل الاوطان وشعوبهم ، واذا الشعب يوما اراد الحياة .. فلابد ان يستجيب القدر ،والله سبحانة وتعالى يسير الامور حسب طبيعتها هذا ما يقصده الشاعر التونسي الشابي .
الاخ زائر 2 تجاهل الرسالة وتوجه نحو المرسل
الكاتب يتحدث عن المآسي التي حلت بالجيش العراقي نتيجة ما يحدث عندما يوكل الامر لغير اهله وانت تصر علي ان تكون اجندتك حزب البعث .. عجيب امر البعض
من مشايخ الدول العربية طالما عندهم تسهيلات داعشية
ولا غير
كلام سليم و دقيق
كلامك استاذي سليم و دقيق فبعيداً عن العاطفة الطائفية فأن من استلموا الحكم في العراق بعد سقوط النظام السابق لم يديروا الامور بعقلية الدولة بل الكعكة التي توزع على الانصار و ابناء الطائفة!!
و اذا تحدثنا عن الجيوش في بعض الدول العربية القريبة من العراق فهي لا تختلف كثيراً عن تركيبة الجيش العراقي الحالي من حيث التشكيل الطائفي و الترقيات المبنية على الولاء و الانتماء العائلي و القبلي لكن الفرق ان العراق حدث فيه ما يكشف تلك العيوب و يبرزها بسرعة على العكس من الدول المستقرة امنياً
صباح الخير.
السبب الأساسي هَم السياسيين من المذهبين .
صباح الاختلاف
دعنا نختلف معك من الصباح . هل تريد أن لا يحكم العراق أكثريته وهل تريد ان يعود البعث للحكم . راجع الحسابات
اكثريه او اقليه ليست هذه المشكله.
المشكله الفساد السياسي .
محرقي بحريني
أتفق معك عزيزي بان الاكثرية يجب أن تحكم ولكن الغريب أنكم لاتريدون لهذه الاكثريه ان تحكم سوريا بل تريدونها أن تظل تحت رحمة الاقلية
هل حلال في العراق وحرام في سوريا ؟
اليس هذا تناقض غريب ياعزيزي
لن يكون هناك حل من الخارج
اذا لم يتكاتف الإخوة الاعرب في ابعاد شبح هذا الدمار سوف تتم ابادتهم بالكامل لقد استخدموا الدين لكي يدمروا العراق سوريا اليمن والبقية قادمة ( المقصود امريكا وإيران ) الحل ليس في السلاح وحدة بل بقوة العلم ووقف كل التعاليم الماورائية التي سببت كل هذا الدمار وكل هذا الاقصاء للاخر، الحياة نعمة من حق هذا العالم المنكوب بالجهل ان يعيشها بسلام