في مهرجان الناظور الدولي للشعري الذي أقيم قبل أيام في الناظور بالمملكة المغربية، كان المبدع المغربي المحلي حاضراً بقوة، شاعراً وفناناً تشكيلياً ومطرباً وموسيقياً وإعلامياً، والأهم من كل هذا أنه كان حاضراً كمكرّمٍ رئيسي في الدورتين؛ إذ سميت الدورة التاسعة من مهرجان الناظور باسم الشاعر القدير الحسين القمري الذي تم تكريمه خلال حفل الافتتاح، هو والإعلامية المغربية سميرة الفيزازي.
كنت وعلى رغم سعادتي بهذا التكريم، أشعر بالشجن الذي قاسمني إياه زميلي في المقعد المجاور الشاعر الأردني سعد الدين شاهين حين همس لي: «ما أجمل أن يحضر المبدع تكريمه، لا أن يكرّم بعد وفاته». فما الذي يمنع أية دولة عربية من تكريم أبنائها الذين غالباً ما يكرّمون في الخارج وتقام الحفلات على شرفهم، بينما لا تلتفت إليهم أوطانهم إلا بعد خسارتهم وفاةً أو هجرةً؟
الذي قامت به إدارة مهرجان الناظور هو ذاته ما فعلته إدارة مهرجان الدبلوماسية الثقافية الشعري بالرباط؛ إذ كُرِّم وزير الثقافة المغربي السالم بنحميش في حفل الافتتاح كشخصية المهرجان على دوره البارز في المجال الثقافي، وعلى رغم أن الدورة احتفت بمدينة نزوى العمانية باعتبارها «عاصمة الثقافة الاسلامية»، إلا أن إدارة المهرجان أبت إلا أن تكرّم الفاعلين المحليين في الوسط الثقافي.
ما أثار انتباهي أيضاً هو وجود الفرق والفنانين المحليين خلال المهرجانين، وعدم «استيراد» من يحيي حفلات الافتتاح والاختتام في ظل وجود من يستطيع ذلك من المبدعين المغاربة، وهو ما أكده رئيس مهرجان الرباط الشاعر أحمد التاغي حين قال: «إننا نريد أن يرى الشعراء العرب والأجانب ما نمتلكه من مواهب في المغرب». وهو ذاته ما أراد مدير مهرجان الناظور حجوط بوزيان إبرازه عندما سعى إلى دعوة فنانين وعازفين وفرق موسيقية من شتى مناطق المغرب لإحياء ليالي المهرجان الذي بدا فنياً شاملاً أكثر منه شعرياً بحتاً.
ولا يمكنني حين الحديث عن إيجابيات المهرجانين من وجهة نظري أن أغفل عن دور المؤسسات الرسمية في رفد الثقافة وتمويل المهرجانين؛ إذ عقد المهرجانان بشراكة مع وزارتي الثقافة والخارجية والمجلس البلدي وغيرها من المؤسسات التي تسعى لخدمة الثقافة والمبدع المحلي.
مثل هذه المهرجانات التي تأخذ طابعاً دولياً عندما يشارك بها مبدعون من مختلف الدول، هي خير وسيلةٍ لتسويق ثقافة البلدان التي تقام بها وتنشيط السياحة فيها والتعريف بمبدعيها من خلال إبرازهم وإشراكهم في فعالياتها من غير اعتمادها على الوافد اعتماداً رئيسياً. ولو أن دولنا تقيمها ولو مرةً في كل عام، تركز خلالها على مبدعيها المحليين وتراثها المحلي لما شعر المبدع الوطني بالغبن والأسى على تهميشه، ولاستطاعت أن تكون له بوابة للعالم من خلال معرفة المشاركين به وبالتالي تعريفهم به في بلادهم عندما يعودون إليها بعد انتهاء المهرجانات، وهو ما تبناه بعض المشاركين المغاربة معنا خلال المهرجانين عندما أوصونا أن نكون سفراء لبلادهم في بلادنا.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4646 - الأربعاء 27 مايو 2015م الموافق 09 شعبان 1436هـ
مقال جميل
رصد ممتاز للمهرجانين
استيراد !!!
صدقاً : "و عدم «استيراد» من يحيي حفلات الافتتاح والاختتام " هكذا هي المهرجانات بأثواب محلية على مقاس أهلها ، و بحياكة أيدي مهرة تصممها لمقاصد ثقافية سباحية ، تحكي مخزون ثقافتهم ، و تذيع رأسمالهم التراثي ، تسوّق بذلك لسياحتهم .
الله يرحم الوطن العربي
هو فيه وطن عربي .. مابقي من روح الثقافة شيئ يذكر في الوطن العربي اصبحنا في عصر الهشك بشك وخطوب وخبط لبط .. لا طعم لحياة نتذوقها فالدماء ما تكاد تجف من بقعة الا وتئن في مكان آخر ، والمشتكى لله وحده .