كشف المنسق الرسمي للجنة التحضيرية لـ«مؤتمر القبائل الليبية»الشيخ عادل الفايدي، الذي بدأت فعالياته في القاهرة أمس، عن تلقي كثير من شيوخ وعواقل القبائل تهديدات من التنظيمات المتطرفة في بلاده، ومنها «داعش» و«الإخوان»، لمنعهم من حضور المؤتمر، لكنه قال في حوار مع صحيفة الشرق الأوسط إن كثيرا من الشخصيات القبلية تحدت هذه المخاطر وغامرت للوصول إلى القاهرة، مشيرا إلى أن المؤتمر يهدف إلى جمع الليبيين حول طاولة واحدة للحفاظ على وحدة الدولة من خطر التقسيم، ورفع الغطاء الاجتماعي عن أبناء القبائل المنخرطين في الميليشيات المسلحة.
وفيما يأتي أهم ما جاء في الحوار:
- مَن القبائل المشاركة في المؤتمر؟
نحن وجهنا الدعوات إلى جميع القبائل وأعيان المناطق في الدولة الليبية. وحتى الآن لم يأت رفض مباشر أو رفض واضح من قبيلة معينة بأنها لا تريد المشاركة، أو لا تريد أن تأتي. ليبيا فيها تقريبا نحو 122 قبيلة. إذا حضر في هذا الاجتماع ستون أو سبعون قبيلة فقط فهذا نعده إنجازا كبيرا جدا، في ظل ما تشهده الأراضي الليبية من صراعات. ولا ننسى أننا لا نريد أن نضغط على الناس ونقول لماذا لم يحضروا هنا. توجد ضغوطات أخرى تقع عليهم. توجد تهديدات.. تهديدات مباشرة لبعض مشايخ القبائل بألا ينتقلوا إلى القاهرة للمشاركة في المؤتمر.
- تهديدات مِن جانب مَن؟
تهديدات من جانب قوات فجر ليبيا، ومن جانب أنصار الشريعة، ومن جانب الدواعش. ومن جانب جماعة الإخوان المسلمين. هؤلاء يذهبون إلى منزل شيخ القبيلة ويتحدونه ويقولون له إياك أن تتحرك أو تتوجه للمشاركة في مؤتمر القاهرة. أنا أقول لمن يهددون شيوخ القبائل الآتي: نحن نعرف لمن ذهبتم ومن أرهبتم من الشخصيات لكي تحجم عن حضور المؤتمر، لكن، بفضل الله، سوف تفاجأون بأنهم موجودون في القاهرة للمشاركة، وسيضحون برؤوسهم ورؤوس أولادهم من أجل ليبيا.
- أنت من قبيلة الفوايد. ما موقع القبيلة في المؤتمر؟
أنا صاحب فكرة على مستوى الدولة.. لا أمثل قبيلة الفوايد فقط ولا أمثل برقة فقط، بل ليبيا ككل. ونرى أن فكرة المؤتمر قد تمثل حلا للمشكلة الليبية، وقد نخلص إلى مخرج من خلاله للأزمة التي تواجهها البلاد طوال السنوات الأربع الماضية وحتى الآن، إذ ما زالت تراوح مكانها.
- هل يمثل الحاضرون للمؤتمر مناطق ليبية بعينها؟
نحن نقول ونعيد ونزيد أن الدعوة لحضور المؤتمر وجهت إلى الجميع. ومن بادر وأرسل لنا صور جوازات سفره وصل إلى 400 من كل المناطق.
- وماذا عن قبائل سرت؟
سرت لا تستطيع أن توجه إليها اللوم في ظل هذه الظروف التي تمر بها، لكن نحن شرفنا بحضور شيخ في حجم الشيخ مفتاح الزادمة. وهو من سرت، ورغم كل التحديات فإنه أصر على الحضور وتمكن من المجيء. هذا نداء للوطن.
وما أهم أهداف المؤتمر؟
* يهدف أساسا إلى لم شمل الليبيين وتوحيد كلمتهم، والتوافق حول ثوابت لإقامة الدولة. هذا أول أمر. الأمر الثاني التوافق حول آلية للخروج من هذه الأزمة. وهناك أشياء كثيرة أخرى مثل كيفية دعم مؤسسات الدولة. الآن نحتاج إلى تقديم براهين فعلية وتقديم أفعال على دعم البلاد في هذه المرحلة الحرجة.. في نفس الوقت أيضا نحن نقول إن القبائل ينبغي أن تتحمل مسؤوليتها الأساسية وهي الحفاظ على السلم والأمن الاجتماعي داخل الدولة في الظروف الصعبة كالتي تمر بها.
- على هذا هل يمكن القول إن المؤتمر يدعم الشرعية الموجودة الآن في ليبيا، أي البرلمان والحكومة والجيش، أم أن هناك بعض المشاركين لا يدعمون البرلمان والجيش؟
من لا يدعم البرلمان والجيش لا يكون ليبيًا. البرلمان هو السلطة الشرعية في البلاد، وهو الذي يمثل الدولة بعد أن انتخبه الشعب بإرادة حرة، وهو المعترف به دوليا، وهو الذي يمثل ليبيا، فكيف لا ندعمه في تحمل مسؤولياته التاريخية؟ ومن الذي لا يدعم الجيش وهو يقوم بمحاربة الإرهاب الأسود؟ الجيش يحارب من يقومون باختطاف أبنائنا وقطع رؤوسهم، وابتزاز الناس. نحن ندعم الجيش في حملته ضد الإرهاب.
- هناك أبناء قبائل منخرطون في الميليشيات المتطرفة، ودائما يوجد تعويل على شيوخ القبائل بأن يقوموا بالضغط على أبنائهم للخروج من هذه الميليشيات. ما حقيقة هذا الموضوع؟
نحن نعتقد أنه يجب أن يتفق الليبيون جميعا على رفع الغطاء الاجتماعي عن أي شخص يتعامل أو يتعاون مع هذه الميليشيات أو ينضم إليها. يجب أن ننادي أبناءنا لكي يخرجوا من هذه التنظيمات الإرهابية والأجسام الغريبة، ولكن يجب أيضا على الحكومة وعلى البرلمان أن يقدما برامج أخرى بديلة لاستقطاب هؤلاء الشباب. أربع سنوات وهم يتحدثون عن دمج الكتائب والميليشيات في الجيش وفي الشرطة، فلا هم دخلوا الجيش ولا هم دخلوا الشرطة. كل المؤسسات التي جاءت في السابق لم تفعل شيئا. وبالتالي أصبح الوضع من سيئ إلى أسوأ، ولكن ما دام هناك جيش يقوم بمحاربة الإرهاب فنحن ندعمه، والدعم الذي يمكننا تقديمه الآن هو رفع الغطاء الاجتماعي عن أبناء القبائل وأبناء الليبيين الذين ينضوون تحت لواء هذه الميليشيات.
- هل ميليشيات المتطرفين تملك قوة كبيرة، أم أنه يمكن حسم المعركة معهم من جانب الجيش في وقت قريب؟
نعتقد أن هذه الميليشيات تملك قوة وتملك دعما كبيرا من دول تمولها بالمال والسلاح، للأسف الشديد، وتمدها بالأفراد أيضا. وهذا أمر في الحقيقة في غاية الخطورة. على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه هذه الأمور. هناك قرارات للأمم المتحدة تختص بهذه النقاط، لكن لم تفعَّل حتى هذه اللحظة، أو أن بعض الدول تغض الطرف عن إصلاح الوضع من أجل تحقيق مصالحها الخاصة. هذا شيء مؤلم جدا. يجب أن يكون من ضمن النقاط التي يتناقش فيها الليبيون أن يعرفوا كيف يوجهون نداءهم أو خطابهم للدول الصديقة والدول المهتمة بالشأن الليبي والدول الكبرى، وما المهام المطلوبة منهم، وما الدور الذي ينبغي أن يلعبوه.
- مصر تقف مع الشرعية في ليبيا وهي الراعية للمؤتمر، ماذا تحتاجون منها أكثر مما تقدم الآن؟
في الحقيقة مصر طوال تاريخها وهي تعطي، ليس لليبيين فقط، ولكن للوطن العربي بصفة عامة، ولها دور كبير لا أريد أن أخوض فيه. ما نأمله منها الآن أن تقوم بدعم المؤسسات في الدولة الليبية، والمساعدة في تحقيق رغباته وآماله في وطن آمن ومستقر.
- بعض القبائل تردد أن لديها تحفظات على عقد المؤتمر خارج ليبيا. ما تعليقك؟
من يتحدثون عن عدم قبول لقاء القبائل خارج ليبيا، كانوا بالأمس القريب يجتمعون في تونس ويجتمعون في الجزائر، وكانوا يجتمعون في مصر أيضا. والسؤال هو: لماذا لا يريد هؤلاء أن يحضروا اليوم في هذا المؤتمر؟ هل يرغبون في الاجتماع ككيانات منفصلة، أي «برقة» و«فزان» و«طرابلس»؟ هذا يعني أنك تريد الحضور وأنت تقسم ليبيا بين ثلاثة أقاليم.. لا تنسَ أن هناك بعض دعاة الفيدرالية وبعض دعاة الانفصالية. وإذا نجح المؤتمر وتمكنّا من حشد الليبيين حول وطن موحد على كامل التراب الليبي فإن الفيدرالية والانفصالية لن تجدا لهما مكانا، وبالتالي من يروجون لرفض حضور المؤتمر لأنه ينعقد خارج ليبيا يدافعون عن مصالحهم التي تتعارض مع وحدة ليبيا. هؤلاء هم الأعداء الحقيقيون لمثل هذا اللقاء.
- معلوم أن هناك شيوخا وقيادات كبيرة للقبائل، لكن يبدو أن أسماءهم أصبحت بعيدة عن طاولة الحل، خصوصا طاولة هذا المؤتمر. ما تفسيرك؟
بالطبع يوجد شيوخ كبار وهم عواقل ومهمون، لكنهم أصبحوا شيوخا مسيسين. النزعة الاجتماعية والنزعة العرفية لديهم طغت عليها السياسة. وبالتالي تتأثر تصرفاتهم أو مواقفهم بالتغيرات السياسية من حولهم، لكن إذا تحدثنا عن الشيوخ وزعماء القبائل الاجتماعيين الفعليين فهؤلاء لا يتأثرون لا بالتغيرات السياسية ولا بالتغيرات الاقتصادية، ولا حتى بالتغيرات العسكرية. ليس لهم علاقة بمثل هذه الأمور، لأن لديهم منظومة قيم هي التي يحتكمون إليها في النهاية، وهي الدستور الذي يسيرون عليه.
- هل يوجد ممثلون لقبائل مثل المقارحة وورفلة والقذادفة؟
المقارحة حاضرون للمؤتمر، وكذلك هناك عدد كبير من قبيلة ورفلة، أما القذاذفة، وحتى هذه اللحظة، فقد تحدثت مع رئيس المجلس الاجتماعي للقذاذفة، ومع القذاذفة الموجودين في الساحة المصرية عن سبب عدم مجيئهم للحضور. لكن هذه القبيلة موجودة في مناطق صعبة في ليبيا، سواء في سرت، أو في سبها. في مناطق يسيطر عليها متطرفون. توجد عليهم ضغوط من هؤلاء المتطرفين. ولا أستطيع أن أضغط عليهم أكثر من هذا.
- كانت هناك تصريحات من أحمد قذاف الدم، وهو من قبيلة القذاذفة وابن عم القذافي، مؤيدة لهذا المؤتمر.
هذا رأيه كمواطن ليبي في النهاية. وعبر عن رأيه تجاه هذه القضية، رغم أنه غير منخرط في أعمال المؤتمر وليس داعما له.