اختار المدعو صالح القشعمي تفجير نفسه في مسجد بحزام ناسف محمّل بمادة «آر دي اكس»، نتج عنه استشهاد 21 مسلماً بريئاً، وإصابة 101 من المصلين وهم راكعون. جريمة سارع تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية «داعش» إلى تبنيه.
تأتي هذه الجريمة البشعة كثاني اعتداء ذي طبيعة طائفية في أكبر دولة خليجية في أقل من عام واحد، حيث سبق أن شهدت محافظة الإحساء في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي هجوماً من 4 مسلحين على حسينية فقتلوا 7 بينهم أطفال في بلدة الدالوة، بعد أن قتلوا رجلاً في قرية قريبة وسرقوا سيارته لاستخدامها في الهجوم.
خطر المحرّض في مثل هذا الجرائم النكراء أكثر من خطر المنفّذ للجريمة، لأن المحرّض سيظل يؤسس لمناخ محفّز لثقافة عَدَميّة يُغذّي بها العقول الفارغة والنفوس المشوّهة التي تستسهل قتل الآخرين على الهويّة، وتتعامل مع أرواح البشر بخفة، بل وتعتبر إزهاق أرواح الأطفال والنساء طريقاً سالكاً يؤدي إلى الجنّة ويمنح شرف «الشهادة»! وبالتالي فالمحرّض يصنع من هؤلاء المغفلين مشروعاً للقتل وآلة مرعبة للفتك بالآخرين.
وهذا يعني بالبداهة أن المعالجة الأمنية لهذه الجريمة المنكرة لا تكفي لدرء مخاطر تكرارها، ما لم تتغير الذهنية التي استمرأت واعتادت الأحقاد، ونشأت على الكراهية، ونمت على عقيدة تكفير الآخر واعتبار كل من يختلف معها على أنه من الفئة الضالة التي لا حُرمة لها ولا كرامة.
سيظل البعض يردّد كلاشيهات بالية، ومعزوفة ظلت - لفرط التكرار - تبعث على الضجر عن المخاطر الإقليمية، والمؤامرات الدوليّة التي تتربص بالأمة العربية من أعدائها، وحروب الوكالة والطابور الخامس، دون أن يُكلّف هؤلاء أنفسهم عناء الإصغاء لتفشي خطابات التكفير التي تبث ليل نهار في الإعلام المرئي والمسموع ضد المسلمين الشيعة، ويقوده مشايخ دين ودعاة ملتحون على أعواد المنابر الدينية التي تحظى برعاية رسمية أو تجاهل سمج. وللإمام الشافعي أبيات يقول فيها:
نعيب زماننا والعيبُ فينا
وما لزماننا عيبٌ سوانا
وحسناً قال الإعلامي السعودي داوود الشريان عندما كتب: «المسيرات، والمقالات، والخطب والتصريحات المندّدة لن توقف هذه الجرائم ضد الأبرياء، طالما استمر خطاب التحريض على المواطنين الشيعة في بلادنا. جريمة القديح يجب أن تصبح محطة فاصلة، إذا كنا جادين في لجم الإرهاب المذهبي. يجب إصدار قانون يجرّم كل من ينال من المذاهب».
مواجهة الإرهاب تتطلب أكثر من إجراءات مجتزأة تلاحق ذيول الجريمة وتتساهل مع مقدماتها، تتعقب المنفذين - إن كانوا أحياء - والمتورطين معهم ممن أعان وتستر، وتتناسى الدور الخبيث لأبواق الفتنة وخطباء الذبح وقطع رؤوس البشر وبتر الأعضاء بالأحزمة الناسفة.
المشهد المأساوي لمسجد الإمام علي بالقديح مُرشح – مع الأسف - للتكرار ليس في المملكة السعودية فحسب، بل وفي البحرين التي تعيش وضعاً شديد التعقيد على مستوى التأجيج الطائفي وانفلات الخطاب الديني المتطرف. مشهد القديح الدموي قابلٌ للإعادة والاستنساخ ما لم يتم اتخاذ إجراءات قانونية فورية تلجم دعوات التنافر والتناحر بين المواطنين على أسسٍ مذهبية.
للقديح مكانة كبيرة في نفوس البحرينيين، ليس بلحاظ القرب الجغرافي فحسب، بل بسبب العلاقة التاريخية القديمة بين المجتمعين. فالقديح كانت الواحة الدافئة التي احتضنت شتات البحرينيين يوم أن عاكستهم الظروف فخرجوا يبحثون عن ملاذٍ في أرض الله الواسعة، فاختاروا القطيف محلاً للعيش الدائم، يتعايشون مع نخيلها الأخضر الباسق الذي يذكّرهم بنخيل الوطن وأيامه الماضية، ويقيمون في أحداق عيون القديحيين الذين وجدوا فيهم الأهل والأحبّة وسماحة الروح والأدب العالي والخلق الرفيع.
هكذا ستكتشف في كل حيّ من أحياء القديح بيتاً ينحدر من أصول بحرينية، فمن عائلة الشيخ أحمد آل طعان الذي له مسجدٌ يحمل اسمه، مروراً بعائلة الشيخ علي البلادي الذي له سلالةٌ كبيرةٌ في القديح، إلى عائلة الستري وآل حميدان وآل الجشي وآل أبي المكارم في العواميّة... ستكتشف أننا شعب واحد يفصلنا بحر أزرق، لكن ما يجمعنا تاريخ وهويّة وألوان متعدّدة.
ألم القديح مسّنا جميعاً. الدماء الزاكيّة التي سالت في محراب الصلاة وفي يوم الجمعة، في أقدس بقعة وفي بلد الحرمين، تكشف عن خسة مرتكبي هذا الفعل الشنيع. العار والشنار لمرتكبي هذا العمل الجبان، والعزة والرحمة لشهداء القديح الأبرياء الذين وفدوا على رحمة الله وهم ركع سجود.
إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"العدد 4644 - الإثنين 25 مايو 2015م الموافق 07 شعبان 1436هـ
اعجبتني هذه الجملة
استشهاد 21 مسلماً بريئاً وإصابة 101 من المصلين وهم راكعون.
اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك
تلك نتيجة سوف لن ينجو منها احد
ما تقوم به بعض الدول من تغذية للفكر المنحرف والذي يغذى باسم الدين وهنا تكمن المشكلة انهم جعلوا هذا الانحراف هو من الدين ويتقربون الى الله بقتل الابرياء
مقال موفق
حينما تعبر عن الواقع وتربطه بالأحداث التاريخية ستجد أن هناك طعما مميزا في قرائة أي مقال يتعامل مع هذه المنهجية ، أتمنى منك يا أستاذ وسام أن تسير على هذه المنهجية كي يكون مقالك مميزا ،، إلى الأمام دووما
ورح الله شهداء القديح وألهم أهلهم الصبر والسلون ،،
ممتن لك
ممتن لكم ياصديقي .. سعادة ان اسمع منك هذا. وسام
الخطاب مستمر
هناك إيعاز للمحرضين والشتامين بمواصلة هذا الدرب
حتى قيل عن أحد أكبر مكفري الشيعة في البحرين بلسان مسئول كبير ونشر في الصحافة المحلية أنه منا ونحن منه
مع الأسف هناك رعاية رسمية لهؤلاء من خلال تمكينهم اجتماعيا وتقريبهم وتدليلهم وذلك احتسابا ليوم ما
و فجاة ينقلب السحر على الساحر
بالفعل لكن مالا تعلمه هذه الجهات التي ترعاههم بانها قبل ان تستفيد منهم وتهدد بهم في وجه من يطالبون في حقوقهم سينقلب هؤلاء فجاة عليهم
في المنطقة المتنوعة مذهبيا مدينة عيسى ماذا يقول للمصلين ؟
يحضر صلاة الجمعة كل جمعة كل الفئات بينهم عسكريين وربما قضاة محاكم مدنية و محاور الخطبة لم تتغير تتكرر اسبوعيا:
الشيعة كفار مجوس صفويين طابور خامس يقتلون اهل السنة و يسبون الصحابة و يتهمون عرض النبي هم اخطر من اليهود و النصارى من يتعايش معهم مغفل و آثم ليس بينه و بينهم الا السيف . هذه و هو معين من قبل وزارة العدل و في مسجد تابع لوزارة العدل .
سترك يارب
لا اقول الا سترك يارب من القادم
ان كنت تدري
ان كنت تدري فتلك مصيبة وان لم تكن تدري فالمصيبة اعظمُ..