كانت الحياة التي نعيشها في القرية سهلة وسعيدة جداً نأكل ما ننتجه ونلبس ما نخيطه نعيش في بيوتٍ من صُنع خاماتنا وأيدينا، نعمل قليلاً ونرتاح ونمرح كثيراً والحب يملأ حياتنا، نمتلك الوقت الكثير ونقضيه بالتزاور مع أهلنا وجيراننا ونتمتع بضحكات أطفالنا وبراءتهم، نربيهم وندللهم بأحضاننا ونعمل كل ما نحبه ونرغب، ولا نمرض إلا قليلاً، فالأمراض أشياء طبيعية تحدث للجميع، تُترجمها أجسادنا إلى الشعور بالألم حينما نُسيء إليها بكثرة استخدامها جسدياً أو البكاء والألم عاطفياً، ونستعمل الأعشاب لعلاجها التي توارثناها عن أجدادنا وآبائنا، ويتشابه الناس في امتلاك الأراضي وبالمجان بحسب حاجاتهم لبناء بيت والمساحة التي اختاروها وبجهود وعدد أفراد عائلاتهم لزراعتها.
بدأت مشاكلنا حين دخول التلفاز للقرية والذي أوحى لأهلها بالتخلف والتأخر وبأننا تعيسون، وعلينا بذل الجهود لتحسين أحوالنا ويتطلب ذلك الدراسة في الجامعات، وأن الثانوية لا تكفي.
وذهبت للمدينة، وكانت الدراسة صعبة ومعقدة ولساعاتٍ طوال ومن دون تمكننا من فترات للراحة أو التأمل، نعيش في علبٍ صغيرة مُكتظة، مع آخرين، فالأكل شحيح، وبالكاد نأكل وجبة واحدة وسيئة في اليوم، والسكن ضيق وحار، وأن دراسة الهندسة تُعلمنا الاعتداء على الطبيعة وهدم الجبال الجميلة لاستخدامها في البناء واستهلاك الأراضي الزراعية وردم البحار وقتل الأسماك، لنبني بيوتاً أسمنتية ضيقة. لم أعجب بهذه الدراسة المدمرة، ووجدتني مُتعباً مُنهكاً ولم أشعر بأية مُتعة أو تعليم مفيد لحياتي وافتقدت السعادة.
وقررت العودة بعد عامٍ إلى قريتي غير نادمٍ، فأنا في قريتي أعمل شهرين في العام لزراعة الأرز وحصاده فقط ولا أعمل بعدها إلا ما أرغب به، لنجلس للتأمل ولفهم ذواتنا لنتجلى بعدها في الإبداع ولعمل ما نحبه ونرغبه، فتجد من ينحت الخشب والصخر وعمل أجمل السبائك من أوراق الشجر وجذوعها... الخ.
فنحن عائلة من ستة أفراد نتعايش من الاعتماد على زراعة الأرز، ولدينا حوضان من الأسماك ونربي الدجاج، علاوة على حديقة لزرع الخضروات والفاكهة بأنواعها ونأكل إنتاجنا ونبيع الفائض، لشراء ما نحتاجه، ونبني بيوتنا في ثلاثة أشهر من قوالب الطين المحروق وخاماتها مجاناً والتي نصنعها بأيدينا، وباستطاعة الجميع بناء بيوتهم من دون صعوبة.
أما من يعيشون في المدينة فهم قد يضيعون أعمارهم في الدراسة ومن ثم العمل الشاق بلا طعم أورغبة، مجبرون كي يبنوا بيتاً ربما بعد ثلاثين عاماً، ثم يدفع ما ادخره لتعليم أبنائه وينقصف العمر سريعاً من دون التمتع بمن أنجبهم أو بالحياة، بسبب متطلبات الحضارة من سيارات وأثاث وأجهزة إلكترونية... الخ. فأنا أشعر بالحرية حينما أشعر بأن زمام حياتي غير مرتبط بالحضارة الزائفة، وبأنني أصنع ما أريد ووقت ما أحتاج ومن محيطي القريب.
وخلاصة القول هو إننا بحاجة إلى توافر بعض الأساسيات في قريتنا وبذل الجهود لتوفيرها محلياً والاعتمادعلى أنفسنا ونبدؤها بالآتي:
أولاً: (learn to be together y) عمل مراكز للعمل والتعلم الحياتي المشترك وبتوفيرالدواء والبيوت مجاناً للجميع وللأشياء الضرورية الأخرى مثل الثياب والغذاء بأن تكون رخيصة وبمتناول الجميع والاعتماد على أنفسنا بصناعتها وبمساهمة الدولة معنا.
ثانياً: تسهيل الحياة (make our life easy) لتبسيط الحياة الحديثة التي أصبحت شاقة ومعقدة لتعلقنا بأشياء لا نحتاجها من الكماليات التي تتعبنا وترهقنا لشرائها لذا فتبسيطها أصبح ضرورياً بخبرات الآخرين من المتطوعين ونشر الود والمحبة بينهم.
ثالثاً: (seed center) الزراعة أم الحياة وعمل مُجمع لتجميع البذور، وتشجيع الزراعة وتنمية الأراضي وتوزيعها للعائلات لإنتاج الخضروات والفاكهة المحلية فمن دون الغذاء سنبقى دوماً عبيداً للآخرين.
وبذلك نتمكن من العيش بهدوء وراحة البال في القرية الواسعة والجميلة، وتوفير الأعمال للجميع ومن دون الحاجة لمتابعة الدراسة الجامعية، وخاصةً ذلك النوع الذي حينما يتخرج الفرد منها ولا يجد عملاً بتخصصه، وهو عقيم عن المعلومات والتجارب الحياتية ويهيم مضطراً للسفر والغربة عن أهله وحرمانه من التمتع بخيرات بلاده.
هذا الكلام عن تجربة إنسانية وواقعية عن لسان إنسان من تايلند، أرجو أن تعجبكم كما أعجبتني كثيراً، وقررت أن أضعها بين أيديكم علها تساهم في تسليط الضوء على بعض الحلول لمشاكل الجامعيين وغيرهم ولحياة أفضل للجميع في بلادنا الصغيرة البحرين فربما قد نعيد مجدنا بالمليون نخلة.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4642 - السبت 23 مايو 2015م الموافق 05 شعبان 1436هـ
الأراضي ليست مجاناً
لكي يبدأ الجامعيون العاطلون عملهم بالزراعة.. وما يصلح في تايلند ليس بالضرورة أن يكون صالحاً في دولة أخرى
ونحن لا نعمل لكي نكسب قوتنا وحسب .. نحن نعمل لنتطور
زائر 4
خلك تحصل ارض تسكن فيها ويا عيالك اول بعدين يعطونك ارض للزراعة
مقاله رائعه
بامكاننا الزراعة مع مساعدك الدوله بتوزيع الاراضي للزراعة فقط واعطاؤها للعاطلين ومساعدتهم بدايةً الى ان يقفون على ارجلهم وتمرير حب الزراعة والارض للاجيال القادمة وبذا نتمكن من زراعة الارض وتوفير بعض الغذاء اللازم وربما لالمستقبل يمكتننا تطويرها الى المزيد مقاله رائعة تحتاج الافكار الذكيه لتطبيقها
هصبة الرفاع الخصيب
سوف نباشر بزراعة هضبة الرفاع و مد قنوات الري من نهر الصخير
قصة جميلة لكن لانستطيع تطبيقها في البحرين
امور كثيرة وقوانين كثيرة تمنع تطبيق الفكرة في البحرين اما في تايلند او اندونيسيا او جنوب افريقيا الخ فيمكن حدوثها
فالينظر كل الى نفسه ما قدم
.
لو علم كل متا نفسه ةتعلم وعلم للاخرين بصدق ةةقف مع تفسه وسألها ما قدمت لصلح الفرد ةالنحتنع
ان هو محرد كلام يقال ويكتب