أعلنت جائزة البوكر الدولية فوز الكاتب المجَري لازلو كراسزناهوركاي، بجائزتها للعام 2015، عن روايته «visionary» في مجال الإنجاز على مستوى الخيال في الرواية. الجائزة أعلنت بمتحف فيكتوريا وألبرت بمدينة لندن. وجاء اختيار لازلو من قائمة ضمَّت عشرة متنافسين من مختلف أنحاء العالم.
كراسزناهوركاي، ذلك المسكون بأعمال كافكا، والذي لا ينفكُّ يفكِّر في عالمه، ويعتبر بطله الأدبي الأول، قارنته لجنة التحكيم بكتَّاب عالميين كبار، مثل بيكيت، وفي أعماله مناخات دانتي، وغيرهما من كبار الكُتَّاب.
أليسون فلود، من صحيفة «الغارديان»، كتبت تقريراً يوم الثلثاء (19 مايو/ أيار 2015)، تتبَّعت فيه خبر الفوز بالجائزة، وتقرير لجنة التحكيم، وشهادات مطولة عنه؛ مع تضمين التقرير جانباً من سيرته الذاتية وأهم أعماله، من قبل المحرر الثقافي في «الوسط».
يبدأ التقرير بمقارنة رئيس لجنة التحكيم، والأكاديمية، والكاتبة مارينا وارنر، عمل كراسزناهوركاي بكافكا؛ إذ يمتلك الكاتب بطله الأدبي المُجْترح والخاص. واصفة العمل بأنه يمثل نوعاً من الخديعة، ويمنح مُتعة غريبة، بما يحويه من مستويات مبدعة. مضيفة أن الرواية تبدو وكأنك كنت في قصة لكافكا، وربما نشهد قريباً القول، أمام أعمال روائية في المستقبل، إن السرد فيها يجري مثل قصة لكراسزناهوركاي.
الجائزة التي تُقدَّر قيمتها بـ 60 ألف جنيه إسترليني، وتمنح كل سنتين، تهدف إلى تكريم الكتَّاب الأحياء، وهي مُخصصة للأعمال الروائية باللغة الإنجليزية، وتُمنح لأفضل رواية كتبها مواطن من المملكة المتحدة، أو من دول الكومنولث، أو من جمهورية أيرلندا.
ما يلفت في دورة هذا العام، أنها ضمَّت اسمين عربيين، لهما حضورهما العالمي في مجال الرواية: هدى بركات من لبنان، وإبراهيم الكوني من ليبيا.
ويُلاحظ على قائمة المتنافسين التي ضمّت عشرة لهذه الدورة، التنوع الجغرافي، وأسماء ربما لم تُعرف في كثير من دول العالم، أو لم تحظَ بشعبية كبيرة خارج حدودها، ومن بينها: فاني هوي من أميركا، سيزار عيرا من الأرجنتين، ماريز كوندي من غوادلوب، مياكوتو من موزمبيق، آلان من الكونغو، مارلين فان من جنوب إفريقيا، أميتاف غوش من الهند.
الرؤية المُكثَّفة
وقالت وارنر: «نحن كنا نفضّل حقاً ألاَّ نختار فائزاً واحداً؛ إذ كل واحد من العشرة المتنافسين يعد لافتاً للنظر ومن أوجه مختلفة، وليس هناك من بينهم من لا يعتبر جائزة بحد ذاته حين تعمد إلى قراءته، وأعني حتى أولئك الذين لم يفوزوا بالجائزة ضمن القائمة القصيرة.
مضيفة، أن كراسزناهوركاي، كان في عمله «كاتباً ذا رؤية مكثفة وغير عادية، تحمل مجموعة من الأصوات التي تلتقط نسيجاً من وجود الوقت الراهن، تلك التي تبدو في المشاهد المرعبة، الغريبة، الهزلية والمروِّعة، وغالباً هي جميلة في تهشُّمها». موضحة، كما أن «مُترجميْ روايته قاما بخدمته بطريقة رائعة بالصورة التي خرج بها العمل»، وهما جورج زيرتس وأوتيلي مولزت اللذان سيتقاسمان جائزة المُترجِمين التي تُقدَّر بنحو 15 ألف جنيه إسترليني.
ولقيت رواية الكاتب الأولى «»Satantango، والتي نشرت العام 1985، إشادة كبيرة في المجر، وتم تكييفها في وقت لاحق لتكون فيلماً سينمائياً برؤية المخرج بيلا تار، بالتعاون مع كراسزناهوركاي.
قصته المصورة «الحدّ البائس» تتناول بلدة مجرية كئيبة، يسكنها مخمورون، ويهيمن عليها ما يُظنُّ أنه شيطان. الرواية لم يتم إطلاقها باللغة الإنجليزية، حتى العام 2012، حين تولَّى زيرتس ترجمتها.
الرؤية الساخرة والمتنبئة
تبِع كراسزناهوركاي تلك الرواية بأخرى في العام 1989 وحملت عنوان «كآبة المقاومة»، وصدرت باللغة الإنجليزية في العام 1998؛ وتتبَّع فيها حالاً من الهستيريا العنيفة في أعقاب وصول سيرك معية حوت ميت في مدينة مجرية صغيرة. الرواية فازت بجائزة «Bestenliste German» لأفضل عمل أدبي للعام.
وقال أعضاء لجنة تحكيم جائزة مان بوكر الدولية في بيان إن «الكتاب في مجمله يمكن أن يوصف بأنه رؤية ساخرة ومتنبئة، لمنطقة تاريخية مُظلمة والتي يتم تمريرها باسم الحضارة الغربية».
ومضى المؤلف قدما للفوز بمجموعة من الجوائز الأدبية الأخرى؛ بما في ذلك أعلى تكريم ثقافي في الدولة المجرية، وجائزة كوسوث، وجائزة أفضل كتاب تُرجم في الولايات المتحدة لمدة عامين على التوالي، وكان آخرها جائزة عن روايته There Below» Seiobo» والتي نشرت في المملكة المتحدة هذا الشهر، حيث عودة الإلهة اليابانية Seiobo إلى الأرض.
رواياته: «كآبة المقاومة»،Satantango» «، «Seiobo There Below»، هي أعمال رائعة من الخيال والعواطف العميقة والمُعقدة، حيث الكوميديا البشرية المتعالية على الألم»؛ بحسب ما قالت وارنر.
وأضافت «حظي كراسزناهوركاي بمرحلتين مختلفتين، الأولى في فترة ثمانينات القرن الماضي، عندما كتب روايات تناولت موضوعات مُروِّعة... الظلام، والإمعان في التفكير. روايات حول المدن الصغيرة، تدمير شعب صغير. ثم انتقل إلى مرحلة جميلة مضيئة، تلك التي منحتنا Seiobo»» باللغة الإنجليزية. إنه حقاً كتاب غير عادي».
ونعتت وارنر نثر كراسزناهوركاي بأنه «مذهل تماماً»، وتجربة «مثيرة» للقراءة. «هذا النمط غير العادي لديه، والذي يعترض عليه الناس في بعض الأحيان - إذا كنت تعتقد أنه مثل الموسيقى، قطعة تبدأ، ومنذ البداية لا تعرف أين أنت، إنها غير مألوفة، وبعد ذلك تبدأ تشعرك بأنها طبيعية، يعمل الإيقاع على استدراجك إلى مدى طويل». وأضافت أنه «صعب بالطريقة نفسها التي كانت عليها صعوبة بيكيت، أو صعوبة دانتي. وكافكا أيضا لديه تلك النوعية المُلفتة من الصعوبة».
البطل الأوحد: كافكا
أخذ تحفة»Satantango» من كافكا «في هذه الحالة، سأفوِّت شيئاً بالانتظار». وقال كراسزناهوركاي لصحيفة «الغارديان»، في وقت سابق من هذا الشهر، إن لديه بطلا أدبياً واحداً فقط: «K، في أعمال كافكا. أقتفي أثره».
وفي مقابلة مع «The White Review»، بحضور زيرتس، قال: «عندما لا أقرأ كافكا أفكر فيه. وعندما لا أفكر فيه، افتقد ذلك لفترة من الوقت. بعد أن يغيب التفكير فيه لفترة من الوقت، أخرج أحد كتبه لأقرأه ثانية».
وفي بيان إشادة بكراسزناهوركاي، كتبته وارنر وزملاؤها القضاة، البروفيسور ون شن أويانغ والمؤلفون: نديم أسلم إيليك بومر، ومدير التحرير في «نيويورك ريفيو بوكس كلاسيكس» إدوين فرانك، جاء فيه «الجُمَل غير العادية، والجُمَل الممتدة بشكل لا يصدَّق، تلك التي تذهب في بعض إضاءاتها إلى امتدادات مما لا يُصدَّق... نبرة تحوُّل الجُمَل من الاتزان إلى الطيش، إلى التهكمي، إلى الخراب، في ذهابها إلى الطريق المُضِل. إنها جُمل مَلْحَمَة، مثل لفافة من الوَبَر، تقوم بالتقاط كل الأشياء بأنواعها الغريبة وغير المتوقعة؛ لأنها تتراكم حتماً وتتحوَّل إلى فقرات بكل الأثر الذي تُحدثه، وكما هي، خشنة تارة، وموسيقية تارة أخرى».
وقد تم من قبل نشر طبعات صغيرة مُترجمة إلى الانجليزية،
من أعمال كراسزناهوركاي، قامت بها «تورسكار روك» التي أصدرت «Seiobo» في المملكة المتحدة، لكنه، يُعوِّل على بعض الأسماء الكبرى بين جمهوره ومُعجبيه.
ضوء على السيرة
يُذكر، أن لازلو كراسزناهوركاي ولد في جيولا، بالمجر، في 5 يناير/ كانون الثاني 1954. ابن جيورجي كراسزناهوركاي، وكان يعمل محامياً، أما والدته جوليا بالينكاس، فكانت تعمل مسئولة في الأمن الاجتماعي.
بعد الانتهاء من دراسته الثانوية في العام 1972 بمدرسة إيركيل فيرينك؛ حيث تخصص في اللغة اللاتينية، درس القانون في الفترة ما بين 1973-1976 في جامعة جوزيف أتيلا، والتي تحمل الآن اسم جامعة سيجد.
وفي الفترة ما بين 1976 و1978 تلقى تعليمه في جامعة إيوتفوس لوراند (سابقا جامعة بودابست). وبعد الانتهاء من دراسات القانون، سعى للحصول على شهادة البكالوريوس في اللغة الهنغارية والأدب من جامعة إيوتفوس لوراند. ونتيجة لمتطلبات العمل على الشهادة، قدَّم أطروحة عن أعمال وتجارب الكاتب المجري والصحافي ساندور ماراي (1900و1989) بعد فراره من المجر في العام 1948، هرباً من النظام الشيوعي الذي استولى على السلطة بعد الحرب العالمية الثانية (عاش ماراي في المنفى بإيطاليا، وفي وقت لاحق استقرَّ في سان دييغو، بكاليفورنيا).
عمل خلال السنوات التي أمضاها كطالب جامعي في بودابست مع شركة النشر «Gondolat Könyvkiadó»، ليتحصَّل على شهادته الجامعية في العام 1983.
منذ استكمال دراسته الجامعية عمل كراسزناهوركاي على دعم تجربته كمؤلف مستقل. وفي العام 1985 نشر أولى رواياته «Satantango» والتي حققت نجاحاً كبيراً، ليأخذ مكانة في واجهة الحياة الأدبية المجرية.
الكوني وتسع لغات عالمية
يُشار إلى أن الروائي الليبي، إبراهيم الكوني الذي دخل القائمة القصيرة لجائزة بوكر العالمية، يُجيد تسع لغات عالمية. ولد في بغدامس بليبيا العام 1948، وأنهى دراسته الابتدائية فيها, والإعدادية بسبْها, والثانوية بموسكو، وحصل على الليسانس ثم الماجستير في العلوم الأدبيّة والنقدية من معهد غوركي للأدب بموسكو1977.
كاتب أنجز في الرواية والدراسات الأدبية والنقدية والسياسة والتاريخ، ونال جائزة الدولة الاستثنائية الكبرى التي تمنحها الحكومة السويسرية, وهي أرفع جوائزها، وذلك عن مجمل أعماله الروائية المترجمة إلى الألمانية، واختارته مجلة «لير» الفرنسية بين خمسين روائياً من العالم اعتبرتهم اليوم ممثلي «أدب القرن الحادي والعشرين». فاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الآداب في دورتها الثانية (2007 - 2008).
كتب ما يزيد على سبعين كتاباً، يقوم عمله الأدبي الروائي على عالم الصحراء بما فيه من ندرة وامتداد وقسوة وانفتاح.
ينتمي الكوني إلى شعب الطوارق الذي يقع موطنه في أجزاء الصحراء الكبرى في جنوب غرب ليبيا وجنوب الجزائر وشمال النيجر وشمال بوركينافاسو وشمال مالي، وقد عرفوا قديماً بالملثمين والمرابطين.
من أشهر أعماله الروائية والقصصية: «شجرة الرتم» (قصص) 1986، «رباعية الخسوف» (رواية) 1989: الجزء الأول: «البئر»، الجزء الثاني: «الواحة»، الجزء الثالث: «أخبار الطوفان الثاني»، الجزء الرابع: «نداء الوقواق».
من بين أشهر رواياته «التبْر» (1990)، «نزيف الحجر» (1990)، «المجوس»، «خريف الدرويش» (رواية - قصص - أساطير) 1994، «الفم» (1994)، «السَحَرَة»: الجزء الأول: 1994، الجزء الثاني : 1995، «فتنة الزؤوان»، الرواية الأولى من ثنائية «خضراء الدمن» (1995)، «بر الخيتعور»، (1997)، «واو الصغرى»، (1997)، «عشب الليل»، (1997)، «الدمية» (1998)، «سأسر بأمري لخلاني الفصول (ملحمة) 1999: الجزء الأول: «الشرخ»، الجزء الثاني: «البلبال»، الجزء الثالث: «برق الخلب»، «الدنيا أيام ثلاثة»، (2000)، «بيت في الدنيا وبيت في الحنين»، (2000)، «البحث عن المكان الضائع»، (2003)، «أنوبيس (2002)، «مراثي أوليس»، (2004)، «ملكوت طفلة الرب»، (2005)، لون اللعنة»، (2005)، «نداء ما كان بعيداً»، (2006)، «قابيل... أين أخوك هابيل؟!»، (2007)، «الورم»، (2008)، «يوسف بلا إخوته»، (2008)، «من أنت أيها الملاك؟»، (2009)، «رسول السماوات السبع»، (2009)، «جنوب غرب طروادة جنوب شرق قرطاجة»، (2011)، «فرسان الأحلام القتيلة»، (2012)، بالإضافة إلى عدد من القصص والنصوص والدراسات المعمّقة.
كما يُشار إلى أن هدى بركات، روائية لبنانية ولدت في العاصمة اللبنانية (بيروت) العام 1952. صدرت لها أول رواية «زائرات» في العام 1985. هاجرت إلى فرنسا العام 1985.
من أعمالها: «حجر الضحك»، «أهل الهوى»، «حارث المياه»، «سيدي وحبيبي»، و «ملكوت هذه الأرض».
تبقى الإشارة إلى أن جائزة البوكر الدولية، مُنحت في السابق إلى إسماعيل كاداري في العام 2005، وتشينوا أشيبي في العام 2007، وأليس مونرو في العام 2009، وفيليب روث في العام 2011، وليديا دايفيس في العام 2013.
العدد 4642 - السبت 23 مايو 2015م الموافق 05 شعبان 1436هـ