بدأت اليوم السبت (23 مايو / أيار 2015) محاكمة الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي وعدد من السياسيين العلمانيين من رموز الثورة التي اطاحت حسني مبارك في 2011 وشخصيات اسلامية اخرى بتهمة اهانة القضاء في قضية تبرز قمع السلطات لكافة تيارات المعارضة.
وقضية السبت هي الخامسة ضد مرسي الذي احيلت اوراقه مع اكثر من مئة متهم اخر للمفتي الاسبوع الماضي بعد صدور احكام الاعدام في قضية الهروب من السجن ابان الثورة الشعبية التي اطاحت مبارك في العام 2011.
وقال مرسي الذي كان يرتدي ملابس السجن الزرقاء والذي رفض كل المحاكم التي مثل امامها من قبل "انا ارفض المحاكمة لان المحكمة غير مختصة ولائيا بالنسبة لي". واضاف "منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2013 لم تزرني اسرتي على الاطلاق ولا المحامين".
وتشمل هذه القضية مرسي و24 متهما اخرين من بينهم كبار قادة جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها، بالاضافة لرموز سياسية ونشطاء علمانيين ممن قادوا الثورة التي اطاحت مبارك وعارضوا مرسي نفسه اثناء فترة حكمه، ويعدون الآن من معارضي نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.
واستبعدت النيابة المستشارة نهى الزيني من القضية بعد ان رفضت الجهة القضائية التي تعمل بها رفع حصانتها القضائية للتحقيق معها.
وتتهم النيابة العامة في مصر هؤلاء باهانة القضاء والتطاول على القضاة من خلال كلمات عدد من المتهمين اعضاء مجلس الشعب خلال جلسة برلمانية في حزيران/يونيو 2012 او خلال لقاءات تلفزيونية او حتى على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال ممثل النيابة في جلسة السبت ان المتهمين ادلوا "بعبارات تحمل الاساءة والازدراء والكراهية للمحاكم والسلطة القضائية". وهي التهم التي نفاها المتهمون الحاضرون السبت جلسة المحاكمة التي جرت في اكاديمية للشرطة في ضاحية القاهرة الجديدة. .
وقال شادي حميد الباحث في معهد بروكينغز لسياسات الشرق الاوسط ان المحاكمة تعد "اختبارا لطريقة تفكير السلطة (في مصر) ليس فقط بخصوص الاسلاميين لكن ايضا بخصوص المعارضة الليبرالية والعلمانية". واضاف لوكالة فرانس برس ان "القمع يزداد حدة والقضاء في مقدمة هذا القمع".
ومن بين المتهمين الناشط السياسي المعروف علاء عبد الفتاح احد قادة الثورة التي اطاحت مبارك من ميدان التحرير قبل اربعة سنوات.
وعبد الفتاح المحكوم حاليا بالسجن خمس سنوات بتهم التظاهر غير القانوني والاعتداء على ضابط شرطة، يحاكم في هذه القضية بسبب تغريدات عن القضاء كتبها على موقع تويتر مطلع العام 2012 تعليقا على قمع السلطة لمنظمات المجتمع المدني الاجنبية قبلها باسابيع قليلة.
وجرى ادراج استاذ العلوم السياسية المعروف عمرو حمزاوي على لائحة الاتهام في القضية بسبب تعليق له على تويتر بخصوص قضية منظمات المجتمع المدني الاجنبية.
وعلاء عبد الفتاح وحمزاوي من معارضي حكم مرسي الذي استمر عاما واحدا وانتهى باطاحة الجيش بقيادة قائده السابق والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في تموز/يوليو 2013.
وتبادل عبد الفتاح السبت اطراف الحديث مع 7 من كبار القادة الاسلاميين معظمهم في جماعة الاخوان المسلمين في القفص الزجاجي المانع للصوت الذي ضمهم جميعا.
ومنذ الاطاحة بمرسي تشن السلطة حملة قمع دامية ضد انصاره الذين يحاكمون في محاكمات جماعية وسريعة شملت عشرات احكام الاعدام ووصفتها الامم المتحدة بأنها "غير مسبوقة في التاريخ الحديث". لكن هذه الحملة امتدت لاحقا لتشمل شباب التيارات العلمانية المعارضة للاسلاميين.
وتتهم منظمات حقوقية السلطات المصرية باستخدام القضاء كاداة لقمع المعارضة الاسلامية والعلمانية على حد سواء.
ومطلع شباط/فبراير الفائت صدر حكم بالسجن المؤبد على الناشط المعارض لمبارك احمد دومة و230 اخرين اغلبيتهم العظمى من الاسلاميين. والسجن المؤبد في مصر عقوبته 25 عاما.
وعبر المحامي جمال عيد الذي يدافع عن الناشط علاء عبد الفتاح عن اعتقاده بان هذه المحاكمة نموذج "للثأر السياسي". واوضح ان الحد الاقصى للسجن بتهمة اهانة القضاء في مصر هو السجن ثلاث سنوات.
لكن عيد اضاف ساخرا "يفترض ان ينهي القاضي القضية غدا (...) لكنني لن اُصدم اذا ما حصلوا على حكم بالاعدام".
وشكا بعض المتهمين الاسلاميين من سوء المعاملة في حبسهم.
وقال عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط (الاسلامي) للقاضي بغضب "ممنوع عنا الاكل والشرب والملابس والاغطية. ونشرب مياها مخلوطة بالمجاري".
واضاف "فريد اسماعيل مات في الزنزانة لانه مُنع عنه العلاج"، في اشارة لواقعة وفاة اسماعيل القيادي الاسلامي بعد يوم من ادخاله مستشفى أثر اصابته بمشاكل في الكبد.
كما قال محمد البلتاجي القيادي في الاخوان ان "ادارة السجن بتدخل علينا كلابا بوليسية في منتصف الليل. اخذوا منا الادوية ومانعين عنا العلاج".
واجل القاضي احمد عبد الوهاب شحاتة المحاكمة الى 27 تموز/يوليو المقبل.
وكثير من المتهمين في القضية اعضاء في مجلس الشعب المصري المنتخب بعد اطاحة مبارك والذي سيطر عليه الاسلاميون وانتخب فيه عدد من رموز الثورة مثل حمزاوي ومصطفى النجار.
وقال النجار في اتصال هاتفي مع فرانس برس ان "القضية غريبة (...) اخشى ان تكون نوع من الاستهداف او التلويح بالعقاب للمعارضين جميعا".
ووجهت اتهامات الى عدد من هؤلاء الاعضاء باهانة القضاء خلال كلماتهم في جلسة عاصفة ناقشت الحكم بالسجن المؤبد على الرئيس الاسبق مبارك مطلع حزيران/يونيو 2012 في قضية مقتل نحو 800 متظاهر.
وفجر الحكم بالسجن المؤبد غضبا كبيرا لدى معارضي مبارك الذين كانوا يمنون النفس بحكم باعدام الرئيس المخلوع الذي حكم مصر بيد من حديد لقرابة 30 عاما.
ولاحقا الغت محكمة النقض حكم المؤبد ضد مبارك وامرت باعادة محاكمته وهو ما انتهى باسقاط التهم بحقه.
واضاف النجار الممنوع من السفر حاليا خارج البلاد بسبب هذه القضية "كلامي في البرلمان لم يكن اهانة للقضاء ولكنه كان عن استقلال وتقويم القضاء". واضاف بحسرة "بعد ثلاث سنوات كلامي لا يزال صحيحا وساريا مبارك براءة والقضاء يحتاج ان يكون مستقلا".