مع اقتراب نهاية العام 2015، تكون الأمم المتحدة، بأعضائها ووكالاتها، قد اقتربت من نهاية خطة أهداف الألفية الثانية للتنمية الثمانية خلال الفترة 2000 - 2015، حيث إنه خلال العامين الماضيين، جرى صياغة استراتيجية التنمية المستدامة خلال 2016 - 2030، وهي استراتيجية أكثر طموحاً من أهداف الألفية الثانية.
الاستراتيجية الجديدة تتضمن بعض عناصر الاستراتيجية السابقة ولكن بطموحات أكبر ومؤشرات أكثر. وقد عقدت حتى الآن عدة مؤتمرات إقليمية ودولية لصياغة هذه الاستراتيجية، آخرها المؤتمر العربي العالي المستوى للتنمية المستدامة في مملكة البحرين ما بين 5 - 7 مايو/ أيار 2015، ضمن التحضيرات لمؤتمرين دوليين، الأول في أديس أبابا في يونيو/ حزيران 2015 حول «تمويل التنمية المستدامة»، والآخر هو القمة العالمية للتنمية المستدامة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر/ أيلول 2015. وقد تم بلورة 17 هدفاً حتى الآن، منها أهداف مأخوذة من الاستراتيجية الأولى مع تطويرها وقياسها نوعياً وليس كمياً فقط، وزيادة مؤشرات الأداء ومنها:
1.القضاء على الفقر، الذي يظل معضلة عالمية، وإذا كان تعريف الفقر نسبياً، فإنه يلاحظ أن الفقراء في العالم دون المستوى اللائق من الحياة يزدادون في العالم المتخلف ككل وبعض الفئات في العالم المتقدم. والذي حدث فيه إخراج الملايين من الفقر المدقع في بلدان الاقتصاديات الناهضة مثل الصين والهند والبرازيل. القضاء على الفقر هو جوهر الاستراتيجية الجديدة، وتحقيق ذلك يتطلب تحقيق الأهداف الأخرى الواردة في الاستراتيجية الجديدة وحشد الموارد.
2. تعميم ومجانية وتطوير التعليم الأساسي بحيث يكتسب الطلبة المهارات العلمية الحديثة التي تؤهلهم لمواصلة تعليمهم أو العمل وليس التعليم التلقيني.
3. توفير العمل اللائق والمجزي واستيعاب الأعداد المتزايدة للباحثين عن عمل.
4. تعميم وتحسين الصحة الإنجابية بحيث تقلل لأدنى حد من وفيات الأطفال والأمهات عند الولادة أو ما بعدها مباشرة وخلال السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل، وهذا مرتبط ليس فقط بتطوير الخدمات الصحية بل بتطوير الخطة الإنجابية للعائلة، والحياة اللائقة، والسكن اللائق. وهناك بالطبع وضع نهاية لمخاطر الحروب والنزاعات المسلحة حيث الأطفال والنساء هم الضحية الأولى.
5. تطوير استراتيجية التجارة لتعزيز التنمية، إلى جانب تطوير العلاقات الدولية السياسية والاقتصادية، لإطفاء الحروب والنزاعات، وتخفيض التسلح والإنفاق العسكري لتسود المسئولية الدولية الجماعية الكوكب والبشرية.
6. الحفاظ ليس فقط على البيئة المحلية والعالمية السائرة نحو التدهور بسرعة، ولكن بإصلاح ما أفسده الإنسان بالعبث بالبيئة والطبيعة، بحيث يكون الحق في بيئة نظيفة وصحية حقاً من حقوق الإنسان.
أما الأهداف الجديدة المتضمنة في الاستراتيجية الجديدة فتشمل:
1.جعل الأهداف محلية الطابع، أي عدم الاكتفاء بما يتم تحقيقه وقياسه وطنياً، بل تحقيقه محلياً، وبمشاركة السكان المحليين وتعبئة مواردهم وبما يتلاءم مع متطلباتهم، وقد عقد مؤتمر خاص لذلك في تورين بإيطاليا خلال الفترة 14 - 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2015.
2. تعزير بناء القدرات لكل من له علاقة بالتنمية المستدامة من موظفين وعاملين رسميين وفي وكالات الأمم المتحدة والمجتمع المدني، وكذلك بناء وتعزيز المؤسسات الفعالة، القادرة على تجميع القدرات الفردية في قدرات جماعية ومستمرة. وهذا يتطلب استقلالية المؤسسات الرسمية والعالمية عن هيمنة السلطات المركزية وحرية عمل المؤسسات والمنظمات الأهلية ودعمها فعالياً لا إعاقة عملها كما يجري حالياً. وقد عقد لذلك مؤتمر عالي المستوى في مولدافيا خلال الفترة 25 - 26 فبراير/ شباط 2015.
3. التشاركية في التخطيط والمراقبة والرصد من أجل المحاسبة، ويعنى ذلك إشراك الملايين من البشر في صياغة وتنفيذ ومراقبة الاستراتيجية الجديدة من خلال مؤسساتهم الوطنية والمحلية، مثل البرلمانات والمجالس البلدية والاتحادات والجمعيات وغيرها، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمدارس والجامعات وغيرها.
4. مشاركة المجتمع المدني: فعلى الرغم من أن جميع قواعد عمل الأمم المتحدة ووكالاتها التخصصية تنص على مشاركة المجتمع من خلال مؤسساته المستقلة والحرة في أعمال الأمم المتحدة وبرامجها الخاصة أو المشتركة مع البلدان الأعضاء، فإن ذلك لايزال بعيد المنال في العديد من البلدان، بل إن وجود منظمات المجتمع المدني محرّمٌ أصلاً في حين تلجأ بعض البلدان إلى فبركة منظمات مجتمع مدني موالية (غونغو). وقد أرجع فشل غالبية البلدان في تحقيق أهداف التنمية إلى غياب أو محدودية مشاركة المجتمع المدني. وقد عقد قبل 6 أشهر مؤتمر عالمي لهذا الغرض في بنوم بنه عاصمة كمبوديا، ولكن ولحرص مملكة البحرين على تنوير المجتمع المدني بحقوقه فالموقع الخاص بهذا المؤتمر محجوب!
5. الشراكة مع القطاع الخاص: تبنت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة للشراكة مع القطاع الخاص، ويهدف ذلك إلى تعزيز أفضل الوسائل لمساهمة القطاع الخاص في التنمية المستدامة. وقد عقد لذلك مؤتمر على هامش الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 24 سبتمبر/ أيلول 2014.
6. حوار الثقافة والتنمية: يعتبر حوار الثقافة والتنمية منتدى يجمع المجتمع المدني والحكومات والمانحين وصنّاع السياسات وجميع الشركاء لمناقشة وصياغة أجندة التنمية لما بعد العام 2015، وربط الثقافة وديناميكيتها، والمقاربة الثقافية للتنمية. ويسهم هذا الحوار في جعل الثقافة والمشتغلين بها، فاعلين في التنمية السياسية من أجل تعزيز كرامة الإنسان واستئصال الفقر وعدم المساواة. ومن أجل ذلك عقد مؤتمر نظمته «اليونسكو» وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في 25 مارس/ آذار 2015، وسبق ذلك اجتماع في فلورنسا بإيطاليا في 3 أكتوبر 2014.
هذه هي أهم الأهداف التي بلورتها الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، التي قد يُضاف إليها أهداف أخرى في سياق التحضيرات لقمة الأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر 2015، كما أن مؤتمر أديس أبابا في يونيو 2015 سيدرس ويقترح تمويل هذه الاستراتيجية.
والسؤال هو: ما مدى إسهام العرب دولاً وقطاعاً خاصاً وقطاعاً مدنياً في هذه الاستراتيجية؟ والحقيقة إنه دور هامشي.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4641 - الجمعة 22 مايو 2015م الموافق 04 شعبان 1436هـ
رأي المنتقد المتشائم يخذُل الوطن
من عادة الأستاذ عبدالنبي العكري أن ينتقد كل شيء من أجل لاشيء، وأنه لا يطرح الحلول ولكن المشاكل فقط. كذلك أنه حقوقي متشائم جداً من الدول العربية وخصوصاً من بلده البحرين، فرغم تحقيق مملكة البحرين خطة أهداف الألفية الثانية للتنمية المستدامة، إلا أنه لم يذكر محاسن ماحققته مملكة البحرين وباقي دول مجلس التعاون، وأنه لم يمل إلا وأن همش دور جميع الدول العربية. أقترح أن يتم تعيين الأستاذ عبدالنبي العكري مسؤولاً كبيراً في أحد القطاعات الحكومية التي تواجه بعض المشاكل فالنرى ماذا سيفعل المتشائم في خدمة بلده