الفرد في أي مجتمع يلجأ إلى الاحتكام، في حال شعر بهضم حقه من قبل فرد غيره، وقد يكون هذا الاحتكام عند رئيسه في العمل، أو المسئول في المؤسسة المدنية أو الحكومية المعنية، أو الشخص القادر والعادل في الحي أو المدينة، أو في الحالات الأكبر عند القضاء. وفي الغالب الطبيعي والأعم لهذه الحالات، أن تتم بالإرجاعات والإعتذارات، أو بالتسويات والتعويضات فيما بين الأطراف، بما يُهَدِّئ النفوس، ويطرد الوساوس، ليواصل الأفراد حياتهم تكاملاً بالآخرين في أجواء من الألفة والقبول.
ولو شعر الإنسان بالغبن جراء عدم إنصافه، فله أن يلجأ إلى المستويات الأعلى، سواءً من الناس أو المسئولين، أو لدى المحاكم بدرجاتها الثلاث الصغرى والكبرى والتمييز، ولكن حين تتعدد القضايا التي من شأنها أن تبقي المظالم على حالها لدى الأفراد دون حل، سواء عبر الإهمال وعدم الاكتراث بالشكاوي، أو بالأحكام والإجبار، وبأي وسيلة، على «بلع القهر»، فهنا تبدأ التراكمات لدى الفرد في جانب، والتراكمات بتعدد الأفراد، في الجانب الآخر، والتراكمات بتعدد الحالات أيضاً.
التراكمات لدى الأفراد، قد تجعل من البعض، خارجاً على النظام العام الذي لم ينصفه، وذلك نتيجة لفقد الفرد ثقته في هذا النظام، ليبدأ الفرد أولاً في التفكّر: ما العمل؟ فإن هانت مصيبته ولم تتكرّر خلال الوقت القريب، فلربما نسيها ومضى يحث الخطى في باقي مشاغل حياته، وإن عظمت مصيبته، بمثل فقده أبيه أو أمه أو أخيه أو أخته، أو فقده قريب أو صديق، أو مُسَّت كرامته الإنسانية، ولم يحظَى بالعدالة والرعاية النفسية، والديَة أو التعويض العادل؛ أو في حال كانت مصيبته أهون من ذلك، ولكنها تكرّرت وضاقت بين تكرارها الأوقات، أو بات ملاحقاً بما لم تجن يداه، بما جعله غريباً في وطنه، سجيناً بضيق تَنَقّلِه، فسترى الميل لديه إلى الثأر والانتقام أقرب إليه من الميل إلى التسامح والنسيان، سواءً في الحاضر أو المستقبل، ما لم يفت الوقت لتدارك ذلك، بإصلاح ذات البين، في العلاقة الفردية والمجتمعية بين المواطنين، وتلك مع السلطات الحاكمة.
وهذه حالات، لا يأتيها ضد الأفراد إلا متنفذ، سواء كان مدنياً أو غيره، فإن أفلتته السلطات من العقاب، أو خففته بما لا يتناسب وجرمه ضد الأفراد، فإنها بذلك إنما تحفر نفقاً لا تضمن مؤداه، وليس أمام الناس إلا الالتحام والاتحاد، لشراكتهم الجماعية في المظالم، التي تفرض عليهم الإتحاد والشراكة في رفع المطالب، وأي حكومة أو سلطة في العالم، أياً كانت الوسيلة في تبوئها المسئولية، ترى آلافاً من المواطنين، يرفعون ذات المطلب أو المطالب، ولم ترَ في ذلك ظلماً جماعياً جارياً عليهم، فهي حكومة قد تعتبر شريكةً في إتيان تلك المظالم، وحتى لو استطاعت لسبب أو لآخر، رمي كرة التحريض والتدخلات، ضد دولة أو جماعة خارجية، وأسعفها الوضع الإقليمي أو الدولي في ذلك، أو استعانت بدول أخرى، فإنما هي ترجئ الحل الواجب، بما يعقد الوضع أكثر ويرفع فاتورة الإصلاح، ولا تحل ما يمكن حله اليوم بأقل التكاليف، وتعقد العلاقة بشعبها بما يفقده الثقة فيها، حاضراً ومستقبلاً.
ولن يطول الوقت إلى ما قد يتوقعه المسئولون، لتجد مواطنيها ينحسرون عن الجهات التي أوكلت لها، تنفيذ سياسات الترهيب والترغيب، وسخرتهم للنطق باسمها بأن من والاها فقد كسب، ومن طالبها فقد خسر، ولن يفيدها التفريق الطائفي أو المناطقي بين المواطنين، على أساس المذهب الديني.
إن علينا النصيحة... وبيدكم الأمر.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4638 - الثلثاء 19 مايو 2015م الموافق 01 شعبان 1436هـ
سياسة الترهيب
سياسة الترهيب والترغيب التي تمارسها السلطة سوف يتلاشي مفعولها عمن قريب حينذا لا ينفع الندم من قبل الموالاة.
عزيزي سيادي قدمت لهم نصيحة ذهبية لكن الحقد والامعان في الظلم ديدنهم
فالمطالبة بالحقوق حق شرعي أقرته السموات الا هنا يزداد الفقير فقرا وظلما وامتهانا في الكرامة
كلام رصين لمن يمتلك حسن التفكير والحكمة والرشد
ما أعتقد لدينا من يمتلك هذه الصفات فالبلد تتجه نحو الهاوية وبعنف
نعيش الغبن والظلم الواضح الجلي
الشعب الأصيل يقبع السجون ويتلقى الاهانات والتعذيب فقط لأنه طالب بحقوقه
المطالبة بالحقوق في هذا البلد يعني إنك خائن ... وسجن جو وأبو زعبل بنتظارك
إلى جانب المداهمات الليلية والتهم الكيدية
من أروع مقالات اليوم
سلمت يابن بلادي
المطالبة بالحقوق لا تتطلب الإجماع الشعبي
ولا كن لا يجب إستحضار المخيف للآخرين باسم المطالب هذا سيغير البوصلة 180 درجة ويجعل الشركاء في الوطن تلقائيآ ضد هذه الفئة أم المطالب بحد ذاتها فهي خير للجميع ولا غبار عليها والمرئ يستغرب لماذا إستحضار المخيف المضاد للآخرين ماهي الحكمة في هذا
المفسدون لا يقبلون بالاصلاح
لكل وضع فاسد مستفيدون
المستفيدون من الاوضاع الفاسدة لا يقبلون بأي اصلاح بل ويحاربون من اجل بقاء الوضع الفاسد
وهذا ما حصل في البحرين
ما ينعت السوق الا من ربح فيه = هذا مثل يعزّز كلام الاستاذ يعقوب
كلامك صحيح استاذ يعقوب فالمجتمع به فئات مجتمعية بعضها يستفيد حتى من الأوضاع الفاسدة وبالطبع من يستفيد ويربح من الاوضاع الفاسدة لن يرضى بأن يتحرّك اصحاب الحقوق للمطالبة بحقوقهم .
للاسف
مقال في الصميم و لكن قلة ستوجه نظرها للمقال .. لان رفع الدعم عن اللحوم اصبح اول هم الناس
شكرا استاذي
ما قصرت أيها المخلص لوطنك وأبناءه ولكن ماذا تفعل مع من يصم أذنيه عن سماع النصيحة ؟ البلد تحترق والنار تحت أرجلهم وهم لا يشعرون ، دوام الحال من المحال ، هذا قانون الكون ، لن يستمر الحال بالصورة المقلوبة ، لا بد من أن الشمس ستشرق ويشع نورها على المستضعفين .
عليك
عليك نور بس للاسف تخط لمن وتكتب لمن. بالمال تشترى الذمم