العدد 4634 - الجمعة 15 مايو 2015م الموافق 26 رجب 1436هـ

عروض تفاعلية ومخطوطات أصلية بمعرض «كليلة ودمنة»

يستمر حتى 30 سبتمبر بمتحف البحرين الوطني

لك أن تجيل عينيك في معرض «كليلة ودمنة، عبر الزمن» في متحف البحرين الوطني، والذي افتتح في 23 أبريل/ نيسان 2015، ويستمر حتى 30 سبتمبر/ أيلول 2015، لتخرج بخلاصة مفادها أن نص «كليلة ودمنة» نص مترحّل بجدارة، ليس عبر الزمن فقط بل بين الحضارات والثقافات المتنوعة، إذ اجتاز من الهندية إلى الفارسية، وحط رحاله في العربية بفضل ترجمة عبدالله بن المقفع. ومنذ أن استقر في العربية بدأ يعبر إلى كثير من اللغات، وهو نص في هذا المعرض مترحل بين الفنون المختلفة، والأجناس الأدبية المتعددة، حيث تجد القص السردي، إلى جانب الشعر، إلى جانب اللوحة الفنية والصور المتحركة، إلى جانب التمثيل المسرحي، إلى جانب الفيلم القصير، بما يجسد تعالق الفنون وتواشجها الإبداعي؛ كل ذلك من أجل أبراز القيم الفنية والجمالية والأخلاقية والتاريخية التي اشتمل عليها النص.

ولعل هذا ما اشتغلت عليه الفنانة والأكاديمية صبيحة الخميري في أعمال هذا المعرض مستلهمة مجموعة من «حكايات كليلة ودمنة» كمشروع تربوي وثقافي وفني يسير نحو التكامل بتوظيف عدة فنون ووسائل بين السمعي والبصري والحسي، وذلك ليحاكي المخيلة المتفتحة للصغار وهم يتلقون النص بطريقة تفاعلية، بالإضافة إلى مجموعة من المعروضات الأخرى التي اشتملت على صور لمخطوطات ومقتنيات تتعلق بالحكايات وسياقاتها المختلفة بما يجعل المعرض مستقطباً لكل الأعمار ويمنحه قيمة إضافية.

هذا النص السردي «كليلة ودمنة» الذي يشتغل على ترويض الإنسان بالمجاز ويعبر من عالم الإنسان إلى عالم الحيوان، فضلاً عن عبوره المكاني والزماني والفني، وهو نص عرف بالفصول الخمسة في لغته الأصل قبل تسميته «بكليلة ودمنة»، والذي ترجمه عن الفارسية للعربية الأديب الشهير عبدالله بن المقفع (142هـ ، 759م) وزاد عليه بعض القصص، هو نص جدير بالتأمل والتتبع المكاني والزماني ودرس القيم التي تكمن في ترحله حيث «تعود أصول نص «كليلة ودمنة» للحضارة الهندية، وكتب بالسنسكريتية والذي يحكي فيه الفيلسوف بيدبا مجموعة من الحكايات في سبيل النصح الخلقي والإصلاح الاجتماعي والتوجيه السياسي» مستعيضاً عن الإنسان بأبطال من الحيوانات حتى يفلت من قيد السلطة الاجتماعية أو السياسية التي تتأبى غالباً على الإصلاح وتتعالى على النصح فلا سبيل لدى المصلح العتيد والناصح الرشيد إلا مراوغتها بأبطال خرافيين من مخلية الغابة للدخول إلى عقل السلطة اللاواعي وإعادة برمجته في سبيل حكم رشيد، ولعل هذا ما جعل النصوص الخرافية تكون ظاهرة ثقافية قديمة في أكثر من حضارة، تحتاج إلى دراسة وتأمل يكشف ما وراءها من تخوم وعوالم بعضها جلي والكثير منها مازال خفياً يحتاج إلى سبر أغواره.

تشتغل مخلية العرض على استلهام نص «كليلة ودمنة» وإبراز سماته التعبيرية ذات القيمة الاجتماعية والتاريخية والثقافية عبر التصوير البصري لمجموعة من شخصيات القصص مثل عرض رسوم لصورة الأسد والثعلب، وأخرى السمكات الثلاث، برسومات مختلفة للفنانة الخميري نفسها ورسوم أخرى من كتب قديمة أو حديثة من ثقافات متنوعة، بما يبرز تجذر النص وسياقاته المختلفة. ويضم المعرض قيماً فنية وتاريخية أخرى حيث يشمل ضمن معروضاته صور المخطوط الأصلي وأماكن عرضه، بالإضافة إلى تحفٍ ومقتنيات أخرى تتعلق بالنص بما يجعله في التلقي غير مقتصر على الأطفال بل مناسب لكل الأعمار.

يسعى المعرض إلى أن يتكامل في مشروع «حيث يضم بين فعالياته المختلفة مجموعة من ورش العمل، الأولى ورشة للرسم والتلوين بعنوان «ارسم ما بداخلك»، والثانية لفنون المسرح، والثالثة لسرد الحكايات، والرابعة للنحت وتشكيل الشخصيات بالصلصال، ورابعة لعرض الدمى.

كما اشتملت فعاليات المعرض على محاضرة ثقافية قدمته الخميري حول نص «كليلة ودمنة» والتعريف به، ومدى ثرائه وعبوره وترحله بين الثقافات المتنوعة وأهم القيم التي يشتمل عليها بما يعكس الغنى الثقافي الذي يتمتع به هذا التراث الزاخر.

يذكر أن معرض «كليلة ودمنة عبر الزمن» الذي افتتحته الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار في 23 أبريل/ نيسان 2015 يستمر في استقبال زواره حتى 30 سبتمبر/ أيلول 2015 في متحف البحرين الوطني بالجفير ويقام بالتعاون مع متحف الأطفال بمدينة أنديانا بوليس الأميركية. ويستلهم المعرض مجموعة من شخصيات» كليلة ودمنة» يشتمل على عروض تفاعلية ورسوم وصور لمخطوطات أصلية لكتاب «كليلة ودمنة» وأماكن تواجدها، مع برنامج متنوع من ورش العمل الفنية من مسرح وقص ورسم وتشكيل.

العدد 4634 - الجمعة 15 مايو 2015م الموافق 26 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً