شدد الشيخ فاضل الزاكي في خطبته بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز أمس الجمعة (14 مايو/ آيار 2015) على أن «الحق في المواطنة والجنسية حق إنساني أصيل لأبناء هذا الوطن».
وقال في خطبته: «أصدرت المحكمة حكمها بإبعاد الشيخ محمد خجسته ومسعود جهرمي وتغريمهما مبالغ مالية، وجاء هذا الحكم على إثر قرار إسقاط الجنسية عنهما وعن مجموعة كبيرة من أبناء هذا الوطن، وهو قرار لم يخضع للضوابط القانونية الصحيحة وإنما ابتني على حسابات سياسية ضيقة وتم تبريره بأسباب غامضة وفضفاضة، ونحن إذ نستنكر هذا الإجراء ونطالب بالتراجع عنه، نؤكد على أن الحق في المواطنة والجنسية حق إنساني أصيل لأبناء هذا الوطن، نصت عليه القوانين المحلية وأكده الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، ولذا لا يصح أبداً إخضاعه للحسابات والأهواء السياسية المتقلبة».
وتحت عنوان «الأمن ضرورة مجتمعية»، قال الزاكي: «إن الأمن حاجة لكل أحد حاكماً كان أم محكوماً، ولا استقرار لأي مجتمع من دونه، ووفقاً لمنطق العقل فموضوع الأمن لا يمكن تجزئته مطلقاً، فعبثاً تحاول أي سلطة حينما تطلب الأمن بما يسلب الأمن من شعبها، فلا يُطلب الأمن لأحد إلا بأمن الآخرين».
وتحت عنوان «لا بد من حل عادل ينقذ الوطن»، ذكر الزاكي أن «الوطن يمر بأزمة سياسية خانقة، واستمرار هذه الأزمة يكلف الوطن غالياً، وهذا الشعب المؤمن يملك من العقل والحكمة والوعي ما يمنعه من القبول بأي تسوية صورية تكرس التهميش الذي نهض لمواجهته وقدم في سبيل ذلك كل تلك التضحيات الجسام، فلا بد لإنقاذ الوطن من حل عادل يحفظ حقوق هذا الشعب، ويحقق له الحرية والكرامة التي يصبو إليها أسوة بجميع الشعوب الحرة في العالم».
وفي موضوع آخر حمل عنوان «بين عيب النفس وعيوب الآخرين»، قال الزاكي: «لا يكاد الإنسان ينفك عن العيوب والنقائص إلا من رحم ربي، والمؤمن إذا تأمل في هذه العيوب واستقصى النظر فيها فسيجدها فيه تارة، وفي غيره تارة أخرى».
وأضاف الزاكي «تجد البعض منشغلاً بعيوب غيره، ويتذرع في ذلك بأن غايته إنما هي إصلاح الآخرين، وهذه الغاية وإن كانت غاية صحيحة في نفسها على فرض صدقها، إلا أن التحرك في هذه الغاية يجب أن يصاحبه التحرك لإصلاح عيب النفس بل ويسبقه بمراتب، إذ إن السعي لإصلاح النفس أولى من السعي لإصلاح الغير، ومقدم عليه وأوجب منه عند تزاحمهما، إذ لا يتحمل الإنسان تبعة عيوب الآخرين إذا سعى لإرشادهم ونصحهم، بخلاف عيوب نفسه فإنه يتحمل تبعتها ويحمل وزرها ولا تسقط التبعة والوزر بعظة النفس وتقريعها».
وفيما يخص تتبع عورات الآخرين وعيوبهم لفضحهم أو ابتزازهم، ذكر الزاكي أنه «حينما يذب الخلاف والشقاق بين بعض الأفراد وتشتعل الضغينة والحقد بينهم تجد بعضهم يسعى لتتبع عيوب الآخر وعثراته ونواقصه، ويفرح حينما يقع له على سقطة يفضحه بها في المجتمع ليحط بها قدره بين الناس، وهذا من أعظم الذنوب عند الله».
وبالنسبة لتتبع عيوب الآخرين للتستر على عيوب النفس، قال الزاكي: «هناك من يتقاعس ويتعاجز عن إصلاح عيوب نفسه أو يستصعب ذلك، فيلجأ لتتبع عيوب الآخرين والتحدث بها أمام الناس متوهماً أنه بذلك يغطي شيئاً من عيوبه، إذ سيكون هناك من يشاركه في امتلاك العيوب ولن يتفرد بذلك، فحينما تكون العيوب ظاهرةً عامةً تشمل قطاعاً واسعاً من المجتمع فحينها لن يتوجه له اللوم على عيوبه، أو لن يناله عليها سوى القليل من اللوم، إذ ستكون هنا ظاهرة عامة تخف وطأتها في النفوس التي كانت تستعظمها وتستهولها، وهذا من الجهل الفادح إذ أن تتبعه لعيوب الآخرين والتحدث بها في المجتمع لن ينفعه في مراده بل سيضيف بذلك عيباً آخر إلى نفسه، ولعل هذا العيب أفدح من عيوبه الأخرى، حيث سيكون مصداقاً لمن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا وقد توعدهم الله بالعذاب دنياً وآخرة».
كما تحدث الزاكي عن «تتبع عيوب الآخرين لتسلية النفس»، وبين أن «البعض من الناس حينما يتعاجز عن إصلاح عيوبه أو يستصعب ذلك يلجأ لتتبع عيوب الآخرين ولكن ليس من أجل فضحهم والتحدث بها أمام الناس، وإنما هدفه أن يسلّي نفسه ويسكن روعها حينما يشعر أن الآخرين لن يكونوا أحسن حالاً منه يوم القيامة، بل سينالهم من العقاب مثله، وهذا غاية الجهل، إذ من أين يجزم بأن الآخرين لن يصلحوا أنفسهم ويتوبوا من ذنوبهم؟!، ولعله تُدركهم رحمة الله فيكونوا أحسن حالاً منه».
وذكر الزاكي أن «من الأخلاق الإسلامية العظيمة التي حثنا عليها الرسول (ص) هي ستر العيوب وعدم إبدائها، وليس المقصود بالعيوب هنا الصغائر فقط بل تشمل الكبائر أيضاً، سيما الزنا وأمثاله من الفواحش التي يُعلم من الشارع عدم الرضى بحصولها من جهة، وعدم الرضى بانكشافها على فرض حصولها والعياذ بالله، وفيما يخص ستر عيوب النفس، فإن للأسف البعض ممن ابتلي بمقارفة الذنوب والمعاصي فيما سبق من أيام حياته، ثم وفقه الله بعد ذلك للندم والتوبة الصادقة، كثيراً ما نجده يتحدث عن تلك المعاصي أمام الناس بلسان الندم والحسرة، فيكشف عن نفسه ستراً وضعه الله عليه، وهذا هتك لحرمة النفس وهو مما لا يجوز ارتكابه».
وتحدث الزاكي عن «الفرح بإهداء عيوب النفس»، وقال: «من عادة أكثر الناس الغفلة أو التغافل عن عيوب أنفسهم فلا يلتفتون لها أو لا يولونها العناية اللازمة، ولكن حيث أن المؤمن الفطن دائم المحاسبة لنفسه ساع لإصلاحها، فهذا الأمر يدفعه للبحث عن كل ما يعيب نفسه من أوجه قصورها أو تقصيرها سعياً لرفعه، وهذا السعي الدؤوب منه يجعله محبّاً لمن يرشده لعيوبه وينبهه عليها وينصحه بخصوصها، كارهاً لمن يتملقه ويتزلف إليه بالتغطية والتستر على عيوبه وتهوينها له، لأن الثاني عدو وإن ظهر بصورة المحب، والأول محبّ مشفق وإن استثقلت بعضُ الأنفسِ نصيحتَه».
العدد 4634 - الجمعة 15 مايو 2015م الموافق 26 رجب 1436هـ