برعاية استراتيجية من وزارة الدولة لشئون الشباب، نظّم مشروع تكوين للكتابة الإبداعية ورشة عملٍ بعنوان "السينما والرواية"، قدّمها طارق الخواجي، الكاتب والناقد السينمائي في جريدة الرياض.
استمرّت الورشة ليومين، تضمّن اليوم الأول حديثاً نظرياً عن العلاقة بين الرواية والسينما تاريخياً، والتطرّق بالحديث عن السينمائيين الذين اهتموا بالاستفادة من الرواية، وعن أشهر الروائيين الذين حُوّلت أعمالهم إلى السينما.
كما فصّل الخواجي في هوية كلٍّ من المجالين وما يحتويان من نقاط التقاء أو اختلاف، وما يحفز تحويل العمل أو يصعب ذلك. وشرح العلاقة الملتبسة بين عالمي السينما والرواية، ففي حين يتعامل أمبرتو إيكو بأريحية كاملة مع الأفلام المحوّلة من رواياته بصفتها "عمل شخص آخر"، يعتقد ستيفن كينغ بأن الفيلم الذي لا يشبه روايته هو إساءة لنصّه.
والمفارقة التي ذكرها الخواجي أن "كثير من الكتب السيئة تصنع أفلاماً رائعة، كما أن كثيراً من الكتب الرائعة تصنع أفلاماً سيئة" وتم التطرق لنماذج ناجحة لأفلام مقتبسة من نصوص روائية، مثل "العطر" و"حياة باي" و"موبي ديك" وغيرها.
وفي الجانب الآخر، تمت مناقشة حضور السينما داخل النص الروائي، وكان أهمّ النماذج المطروحة والتي تمت مناقشتها رواية "راوية الأفلام" لإيرنان ريبيرا لتيلير.
أما اليوم الثاني فكان تطبيقاً عملياً لكل المشتركين في الورشة لتحويل مقطعٍ من نصٍّ روائي إلى مشهدٍ سينمائي، وتم ذلك من خلال تحويل قصّة قصيرة لأنطوان تشيخوف بعنوان "موت موظف حكومي" إلى عدة مشاهد سينمائية درامية وكوميدية، كما تمّ عرض وتحليل فيلم "العطسة" للمخرج الكويتي مقداد الكوت المستوحى من نفس القصّة.
وبعد الورشة، أقيمت مع الخواجي جلسة حوارية عن القراءة بعنوان "بين السطور، وبعد الصفحة الأخيرة"، تحدّث فيها عن رحلته مع القراءة، وأهمية دور القارئ، مؤكداً بأنَّ "كل الطرق تؤدي إلى المكتبة" وأن "المكتبة هي أفضل تجسيد للسيرة الذاتية للإنسان".
وفي الكلمة التي قرأها الخواجي قال:
"لقد سألت نفسي كثيراً؛ ما الذي يدفع الراحل بورخيس، أو المعاصر علي بدر، أو ما الذي يدفع فرناندو بيسوا، ومن بعده ساراماغو، إلى كسر الحاجز بين الواقع والمتخيل، الجرأة على توثيق الخرافة، أو صبغ الحكاية المخترعة بالحقيقة المطلقة، الإحالة إلى مراجع وهمية، بل والرواية في هامش عن مُقا القديمة، من خلال معلومة منحولة عن الإمام القزويني أو ياقوت الحموي. سألت نفسي كثيراً. وكان الجواب أن ما يدفع كل أولئك لفعل ذلك هو: أنا. أنا القارئ مجرداً من كل ما يتعلق بي حتى اسمي، وأنتم دون أي تصنيف. وهكذا ارتكبت كقارئ أُولى الحماقات التي لم أتوقف عن فعلها حتى هذه اللحظة، في اعتباري مصدر السلطة الأول للكاتب، الذي يجد نفسه دوماً، مجبراً على الاعتناء بي".