ربع جينات الإنسان تغير نشاطها وفقا للمواسم، حسب أحدث دراسة علمية نشرت أمس. وذكرت الدراسة التي أشرف عليها فريق دولي من العلماء ونشرت في مجلة «نيتشر كوميونيكشن» أن هذا التغير في النشاط هو الذي يوضح أيضا ازدياد شدة بعض الأمراض في موسم الشتاء، وذلك وفق ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط يوم الثلثاء (12 مايو / أيار 2015).
ووجد العلماء أن الجينات التي تعزز مناعة الإنسان ضد العدوى تصبح أكثر نشاطا في شهور الشتاء. وبينما يقود ذلك إلى زيادة حماية الجسم ضد الفيروسات مثل فيروس الإنفلونزا، فإن ذلك يحفز أيضا على اشتداد بعض الأمراض مثل التهاب المفاصل، وهو مرض يحدث بسبب مهاجمة الجهاز المناعي للجسم.
ودرس الباحثون تحاليل دم، وأنسجة، من أكثر من 16 ألف شخص في أنحاء العالم. ومن بين 22 ألف جين تم التدقيق في عملها، وهي كل جينات الإنسان تقريبا، ظهرت علامات على تأثير تغير المواسم على ربعها.
وقد ركز العلماء أبحاثهم على الجينات المرتبطة بجهاز المناعة لدى الإنسان، وبشكل خاص أيضا على الجينات التي ترتبط بحدوث الالتهابات. وتم رصد نشاط أكبر لهذه الجينات خلال فترة البرد في شهور الشتاء بين ديسمبر (كانون الأول) وفبراير (شباط) للأشخاص القاطنين شمال خط الاستواء، وبين يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) للقاطنين جنوب خط الاستواء.
وعند دراستهم للقاطنين قرب خط الاستواء حيث تكون درجات الحرارة عالية كل أيام السنة لاحظ العلماء نسقا مختلفا، إذ ظهر أن ازدياد مناعة الجسم وازدياد الالتهابات يرتبطان بمواسم سقوط المطر التي يزداد أثناءها انتشار عدوى مثل الملاريا. أما في آيسلندا حيث يكون الجو باردا غالب أيام السنة فإنهم لم يعثروا إلا على تأثيرات ضئيلة للمواسم على الجينات.
وقال البروفسور جون تود، الباحث في جامعة كمبردج أحد المشاركين في الدراسة، إن هذه النتائج يمكن أن تفسر الأسباب الذي تقود إلى أن يكون بعض الأفراد أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض في أوقات محددة من السنة.
وتلعب الالتهابات التي تحدث نتيجة مهاجمة جهاز المناعة لأعضاء الجسم دورا كبيرا في الإصابة بأمراض التهاب المفاصل الروماتويدي والسكري من النوع الأول وأمراض القلب، والتي تظهر أعلى الإصابات بها في موسم الشتاء. ونقل الموقع الإنجليزي لـ«بي بي سي» عن تود قوله: «إننا نرى مثلا ازديادا ملحوظا في الإصابات بمرض السكري من النوع الأول في بريطانيا في شهور يناير (كانون الثاني)، وفبراير ومارس (آذار).. وتشير دراستنا إلى أن ازدياد حدة هذه الالتهابات يعود جزئيا إلى ازدياد نشاط الجينات» في هذا الموسم.
وقال العلماء إنه من الصعب تحديد ما يجري بدقة داخل الجينات الموجودة في داخل الكروموسومات، خصوصا أن كثيرا من العوامل الأخرى تؤثر على نشاطها وعلى قابليات كل فرد للإصابة بالأمراض، مثل التغذية والتوتر.
وأضاف العلماء في الدراسة التي مولتها مؤسسة «ويلكوم تراست» و«مؤسسة أبحاث السكري الشبابي» البريطانيتان، أن هناك أيضا العديد من الأمور الحيوية التي تتغير داخل الجسم عند تغير المواسم، مثل الميكروبات المفيدة وغير المفيدة داخل الجهاز الهضمي التي تتغير بفعل تغيير الأغذية، مؤثرة على نشاط الجينات.