العدد 4632 - الأربعاء 13 مايو 2015م الموافق 24 رجب 1436هـ

بين «عيب» المرض و«عيب» زيارة الطبيب

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

كثيرون في عالمنا العربي بشكل عام، والخليجي بشكل خاص يرون في مراجعة طبيب نفسي أمراً يدخل تحت خانة كشف المستور وربما العيب. نعم العيب، بما تحمله من معانٍ ودلالات.

عيب أن يعرف شخص خارج حدود دائرتك الخاصة (أسرتك، أهلك، أصدقائك المقربين) أنك تعاني من ضغوطات نفسية، وأنك تعاني أحياناً من تهيؤات، أو رهاب، حالات شكوك لا مبرر لها في من حولك وربما في الذين هم أقرب إليك، وربما من وسواس قهري وبحسب تعريف موسوعة «وكيبيديا» له: «إيمان المرء بفكرة معينة تلازم المريض دائماً وتحتل جزءاً من الوعي والشعور مع اقتناع المريض بسخافة هذا التفكير وتكون هذه الفكرة قهرية؛ أي أنه لا يستطيع إزالتها أو الانفكاك منها»؛ أو ربما تعاني من عصبية مفرطة قد تؤدي في النهاية إلى إيذاء من حولك، وإيذاء نفسك إذا لم تضع حداً لذلك، ولن يتم وضع الحد بنوم تصحو منه وقد انتهت المشكلة والحالة. لن يحدث ذلك ما لم تملك المبادرة و «الشجاعة» في مجتمع متكتم على أمراضه وعلله النفسية، ولا يكتفي بالتردد بحسم الأمر بعدم جواز كشف ما يراه مستوراً، وهو ليس كذلك، بتفحص الناس للتصرف والأسلوب وعدم الاستواء في الأماكن المفتوحة وخارج نطاق وحدود الشخص المغلقة.

لن يتم وضع حدٍّ لتلك المشكلات النفسية التي تتحول إلى أمراض إلا باللجوء إلى ذوي الاختصاص، والذين قضوا سنوات من أعمارهم تحصيلاً للمعارف والعلوم والخبرات في هذا المجال: الأطباء النفسانيون على اختلاف درجاتهم من أخصائيين واستشاريين، مع التزامهم الذي أقسموا عليه بحفظ أسرار المريض وما يدلي به لطبيبه وخصوصاً في هذا المجال.

قليلون هم الذين يحفظون الأسرار في الأوساط التي نعيش فيها، والعلاقات التي نحرص عليها، ولكنها تعود علينا بالخذلان. للناس أعين وأدوات تمييز السوي ممن يعاني أمراً ما، من اضطراب أو مرض. وحتى اعتزال الناس لا يضع حداً لتلك الحالات والاضطرابات. على العكس قد يسهم في تفاقمها ووصولها إلى مراحل تكون إمكانيات السيطرة عليها ووضع حد لها، أمراً غاية في الصعوبة، وقد تستغرق وقتاً طويلاً لوضع حد لها، تماماً مثل الأمراض العضوية التي يهملها الانسان لأكثر من سبب، ولن تكون مفاجأة حين يجد نفسه طريح فراش، بينما في الحالات موضوع هذا المقال تكون طريحة عزلة وانزواء عن العالم والبشر، وربما أقرب المحيطين.

حفظ الأسرار نادر، وترك البعض حالاتهم التي يعانون منها، على اعتبار أنها أسرار ستكشفها العلاقات مع البشر سواء كانت وثيقة أو هامشية أو نادرة.

يمتد العالم، وتمتد فيه العلاقات وتتعقد. ما كان نادر الكشف بالأمس، صار شائعاً، نتج عن ذلك تعقد في تفاصيل ما حولنا. وتلك سنة الحياة والتطور، بما له وما عليه. الإنسان هو الأساس. يؤثر ويتأثر. بعض تأثره أقل ضرراً، وبعض كل الضرر، وبعض لديه الحصانة الكافية. من الحصانة أيضاً ألا يترك أي منا نفسه عرضةً لسوء الإهمال في جسده وأعضائه. يقوده الألم بالفطرة بحثاً عن طبيب يضع حداً لذلك الألم.

وبطبيعة التعقيد الذي يمر به العالم، وأثره على العلاقات، تكون نفسية الإنسان أكثر عرضة للاضطرابات مقارنة بالاضطرابات المعوية. الانشداد والقلق والشك والقطيعة والغضب والاستسلام واليأس، كل ذلك ينخر في النفس ويعمل على إعطابها وإصابتها بخلل ما. بكل ذلك تظل النفس هي أولى لأنها ترعى وتهيمن على الجسد. أولى بأن تراعى حين يصيبها خلل، وتتعرض إلى ضغوط، وتعاني من اضطراب. هي أولى بتلمس العلاج والمخارج والحلول لها. والاعتقاد بحرمة مستور كهذا، والإذعان لعيب كشفه لغريب (طبيب) هو العيب والحرام.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4632 - الأربعاء 13 مايو 2015م الموافق 24 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:47 ص

      الأطباء لا يحفظون اسرار المرضى

      الطبيب الذي يؤدي القسم بأن يحفظ اسرار مرضاه لا يحفظها فأول ما يقابل الطبيب المريض في اي مكان يخبر الآخرين بمرضه وهذا ما حصل معي عندما صادفنا الطبيب النفسي في احد المطاعم هو وعائلته بسرعه اخبر زوجته بالأمر وأخذت النظرات تلاحقنا وكأننا مجرمين .عيب عليكم هذا من شرف المهنه يا أطباء.

    • زائر 2 | 10:50 م

      كلام صحيح

      انا من المتضررين من هذا الموضوع زوجي اصيب بحالة نفسية صعبه خسر وظيفته طلبت من اهله مساعدتي قالوا لا نستطيع ولا نريد احد يعلم بالامر وبان الادوية المعطاه لهذة الامراض تجعل الشخص يفقد عقله بتاتا خرجت من البيت انا والاولاد وهو حاليًا وحيد لا وظيفة ولا اسرة والسبب لانريد احد يعلم .. الجهل وما يسوى نحن بحاجة للتثقيف في هذه الامراض وكيفية علاجها لان اهل زرجي اول شي قالوا لي سوف يتم علاجه بالكهرباء لا لا لا نريد حسب الله ونعمه الوكيل

    • زائر 1 | 10:00 م

      malakooti

      يعطيج العافيه

اقرأ ايضاً