يتوقع أن تكون للانتخابات البريطانية عواقب كبيرة على المملكة المتحدة المهددة بالانقسام بعد الفوز الكاسح للقوميين المطالبين بالاستقلال في اسكتلندا في حين تخيم الشكوك على بقائها داخل الاتحاد الأوروبي.
فالحزب القومي الاسكتلندي الذي مني بهزيمة في الاستفتاء على الاستقلال قبل ستة أشهر تمكن من رص صفوفه والفوز بـ 56 مقعداً من أصل 59 في اسكتلندا التي كانت تعد إلى فترة قريبة معقلاً حصيناً لحزب العمال.
خطر انفصال
اسكتلندا بعد الانتخابات
إزاء هذا المد القومي الكبير في اسكتلندا أكد رئيس الوزراء الذي أعيد انتخابه بغالبية مطلقة ديفيد كاميرون رغبته في منح مزيد من الصلاحيات للحكومات الإقليمية في المملكة المتحدة.
وقال في خطاب من مقر الحكومة بعيد إعادة تعيينه رئيساً للوزراء من قبل الملكة إليزابيث الثانية «في اسكتلندا تقوم خطتنا على إنشاء حكومة لا مركزية قوية جداً مع سلطات مهمة في مجال فرض الضرائب». وأكدت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجون مراراً أن مطالبها الملحة تتركز في التحكم في الشئون المالية، مشيرة إلى أن قضية الاستقلال ليست مطروحة على جدول الأعمال.
لكن بعد فوزهم الكاسح في الانتخابات قد تزداد شهية القوميين الاسكتلنديين. ويقول الخبير لدى كلية لندن للاقتصاد، توني ترافرز إنه ليس لديه أدنى شك في أن «الاستقلال يبقى الهدف النهائي للقوميين».
وتقول الخبيرة في الكلية ذاتها، كيت جنكنز: «لقد خسر القوميون في الحزب القومي الاسكتلندي معركة (استفتاء الاستقلال) لكنهم كسبوا الحرب».
ومن شأن فوز قوميي اسكتلندا أن يشجع طموحات قوميي حزب بليد كامري في منطقة ويلز والذين حسنوا تمثيلهم إلى 12 في المئة في أفقر المناطق الأربع التي تتكون منها المملكة المتحدة مع انجلترا واسكتلندا وإيرلندا الشمالية.
وتصر زعيمتهم الجمهورية ليان وود (43 عاماً) على وصف ملكة بريطانيا بـ «سيدة ويندسور» (اسم المنطقة التي يقع فيها القصر الملكي). كما أنها اخترقت العام الماضي إحدى المحرمات حين قالت إنها تجد من «العادي» أن تنال منطقة ويلز استقلالها في حين لاتزال الفكرة في بداياتها.
وترافق طموحات القوميين في أدنبرة وكارديف زيادة في المطالبة بمنح المزيد من السلطات لإيرلندا الشمالية وللمدن الكبرى بدءاً بمانشستر وليفربول.
مصير المملكة المتحدة
في الاتحاد الأوروبي
وذكر كاميرون بالوعد الرئيسي الذي قطعه للناخبين خلال حملته وأكد «سننظم الاستفتاء الذي سيقرر مستقبل المملكة المتحدة داخل أوروبا».
تعهد كاميرون أن ينظم الاستفتاء قبل نهاية العام 2017 وذلك تحت ضغط المشككين بالتوجه الأوروبي داخل حزبه. لكن الموعد قد يتم تقديمه حيث أن كاميرون نفسه قال في بداية العام إنه سيكون «سعيداً» إذا أمكن تنظيم الاستفتاء «في وقت مبكر».
ويطلق أستاذ العلوم السياسية في كلية لندن الاقتصادية، باتريك دانليفي، على الاستفتاء اسم «استفتاء خروج بريطانيا» من الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة. ويقول المحلل إن كاميرون المؤيد لإعادة التفاوض بشأن علاقات بلاده مع الاتحاد الأوروبي الذي انضمت إليه في العام 1973 عندما كان لايزال سوقاً أوروبية مشتركة وليس مشروعاً سياسياً، سيميل إلى «تقديم موعد الاستفتاء إلى العام المقبل» للبت في هذه المسألة التي شكلت موضع خلافات شديدة وانقسامات في صفوف الحزب خلال العقود الماضية.
وتقول الاختصاصية في الشئون الأوروبية في كلية لندن الاقتصادية، سارة بنزرت هولبوت إنها على قناعة بأن كاميرون «سيتوجه سريعاً إلى بروكسل للتفاوض على اتفاق». وتضيف أنه «كان يميل في السابق إلى إقصاء بعض زملائه الأوروبيين وأثار استغراب كثيرين من خلال نهج مخالف للأعراف القائمة على بناء الجسور والتحالفات».
وكانت النتيجة برأيها أنه عزل نفسه و «من الصعب التصديق بأنه يؤمن بالبقاء ضمن أوروبا». وبالتالي، فقد قام القادة الأوروبيون الآخرون برسم خطوط حمر لاسيما في ما يتعلق بحرية انتقال المواطنين الأوروبيين.
لكن يبقى على كاميرون أن يحدد مطالبه بدقة لتحسين الأوضاع وأن يبرهن عن رغبته في «إعادة بناء العلاقات» وفق هولبوت التي لا تستبعد التوصل إلى اتفاق.
لكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يتبعه خروج اسكتلندا من المملكة المتحدة. فقد حذرت ستيرجون المؤيدة للمشروع السياسي الأوروبي من أن خروج بريطانيا سيكون عاملاً كافياً لإعادة طرح مسألة الاستقلال في اسكتلندا.
العدد 4632 - الأربعاء 13 مايو 2015م الموافق 24 رجب 1436هـ