قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية عبدالله معتوق المعتوق إن ما يشهده مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بسورية حاليا كارثي ويعكس حالة فريدة من المعاناة الإنسانية.
وشدد المعتوق في حوار أجرته مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) من القاهرة على أن خطورة الوضع باليرموك "تكمن في الحصار الجائر وغير الإنساني ، فضلا عن عدم السماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى المخيم رغم أن الجوع والظمأ يفترسان من تبقى من سكانه وسط تناثر للجثث على قوارع الطرق" ، محملا المسئولية لكل من "الأطراف المتنازعة والمجتمع الدولي لعجزه وفشله في نجدة هؤلاء الضحايا".
وأوضح أن جزءا من التعهدات المالية للمؤتمر الدولي الثالث للمانحين لسورية الذي عقد نهاية آذار/مارس الماضي بالكويت ، والتي بلغت 8ر3 مليار دولار ، ستؤول إلى منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية والتي حتما ستضطلع بدورها الإنساني تجاه أهالي المخيم.
وطالب المعتوق "الأطراف المتنازعة باحترام قرارات مجلس الأمن التي تنص على السماح بممرات إغاثية آمنة لعمال الإغاثة للوصول إلى المحاصرين" ، مشددا على أن "الوضع الإنساني في المخيم مرشح لمزيد من التدهور إذا لم يرفع الحصار عنه".
وتعهد المعتوق بتسيير الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ، التي يترأسها ، قوافل إغاثية للمخيم إذا تم السماح بممرات آمنة لعمال الإغاثة" ، لافتا إلى الصعوبات والمخاطر المتزايدة التي باتت تواجه عمال الإغاثة.
وأعرب عن أسفه لتطور الأوضاع في الكثير من الأحيان "إلى حد الاعتداء على عمال الإغاثة أنفسهم" ، موضحا أن "المئات منهم قضوا فعليا بأحداث سورية". وحول مخاوف البعض من تسرب جزء من أموال التعهدات إلى جماعات مسلحة موصومة دوليا بالإرهاب ، أوضح المبعوث أن "تعهدات المتبرعين سواء دول أو منظمات غير حكومية تقدم وتصل للمنظمات الإنسانية الدولية كاللجنة الدولية للصليب الأحمر ومفوضية اللاجئين ومنظمات الأمم المتحدة للصحة والهجرة وغيرها .. والتقارير الواردة من هذه المنظمات تفيد بتوصيل المساعدات للمنكوبين".
وأضاف :"كما يتم التعاون مع منظمات دولية وإقليمية لها قدرات كبيرة وممثلون في مناطق النزاع ، وهذه أيضا تقدم تقارير مقرونة بصور ومقاطع فيديو تبين بدقة مناطق توزيع المساعدات وحجم المستفيدين".
وأشاد المعتوق بدور دولة الكويت بقيادة الأمير صباح الأحمد جابر الصباح واستضافتها ثلاثة مؤتمرات للمانحين على مدار ثلاث سنوات على التوالي فضلا عن تقديمها 500 مليار دولار بمفردها ضمن حصيلة تعهدات مؤتمر هذا العام إلى جانب 507 ملايين دولار قدمت من المنظمات غير الحكومية.
وعلى الرغم من وصفه مؤتمر المانحين هذا العام بالناجح والمزدهر وأن حصيلة تعهداته تقارب حصيلة المؤتمرين السابقين ، إلا أنه أشار إلى أنه "من الملاحظ تأثر الدول المانحة والمنظمات غير الحكومية بشكل مباشر أو غير مباشر بالحروب والنزاعات في المنطقة".
واعتبر المعتوق أن "المرأة السورية هي الأكثر تضررا من جراء الأزمة إما بسبب فقدانها الزوج أو أحد الأبناء وربما كل الأبناء أو بيتها أو اعتقالها أو غير ذلك من انتهاكات جسيمة وظروف قاسية في المخيمات وخارجها ، كزواج القاصرات والزواج القسري والعنف الأسري والاتجار بالبشر والتحرش والعنف الجنسي ، فضلا عن الوفيات بسبب قلة إمكانية الوصول إلى الرعاية الطبية الضرورية".
وأعرب عن قلقه وأسفه "لتأثر أربعة ملايين امرأة وفتاة تقريبا بالنزاع في سورية" ، مشيرا إلى أن "من بينهن نصف مليون سيدة حامل داخل سورية و70 ألف سيدة حامل خارج سورية ، وذلك وفق تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان .. وطبقا للإحصاءات فإن 60% تقريبا من حالات وفاة الأمهات أثناء الولادة تحدث في سياقات الصراعات والطوارئ".
كما أعرب المعتوق عن قلقه البالغ من تأثير الأزمة على مستقبل الأطفال السوريين ، مشددا على أن هذا الجيل من أطفال سورية "مهدد بالضياع سواء الأيتام منهم أو غيرهم بسبب غياب الرعاية الصحية والتعليمية والدعم النفسي والمعنوي".
وحول رؤيته للمخرج من الأزمة السورية ، قال المبعوث الأممي إن "المخرج السياسي الشامل يجب أن يقوم على أساس بيان مؤتمر جنيف الأول لعام 2012 ".
وأكد رفضه التام لأي اضطهاد للمسيحيين في سورية سواء بمصادرة أملاكهم أو المساس والتنكيل بمقدساتهم أو الاعتداء عليها أو فرض أي ضغوط مادية أو معنوية عليهم من قبل أي طرف ، وشدد على أن "الإسلام لا يقر مثل هذه الممارسات أو الانتهاكات".
وفي ذات الإطار ، رفض ما يتردد عن استبعاد المسحيين أو غير أتباع المذهب السني من مساعدات الهيئة الإسلامية في سورية ، وقال :"هذه افتراءات وادعاءات لا أساس لها من الصحة ، والهيئة تقدم مساعداتها لجميع المنكوبين بغض النظر عن الجنس واللون والدين واللغة".
وتابع :"الهيئة تعمل بكل شفافية ونزاهة وفق قوانين دولة الكويت والدول التي تعمل بها ، ولا تتدخل في العمل السياسي ولا علاقة لها بأي صراعات سياسية أو حزبية في المنطقة".
واستنكر استمرار البعض في إثارة الشبهات حول العمل الخيري الكويتي ومحاولة ربطه بالإرهاب ، وقال :"إن هذا اتهام باطل وغير صحيح وغير مثبت من قبل أي جهة لا في الداخل ولا في الخارج .. وعلى العكس ، فهناك العديد من الشهادات موثقة من قبل الأمم المتحدة تنفي ذلك".
وأضاف :"لو وجد بعض الأفراد هنا أو هناك يتعاطفون مع هذه الجهة أو تلك ، فتلك مسؤولية فردية ، ولا تتحمل الجمعيات الخيرية التي تعمل تحت إشراف ومسئولية أجهزة الدولة أي مسئولية عن ذلك".