قبل أسابيع بدأ الأميركيون بطرح خطة «هدفها» تقسيم العراق لثلاث دول: شيعية وسُنيَّة وكردية. الدولة الشيعية تشمل البصرة والقادسية وواسط وذي قار وميسان والمثنى وبابل والنجف وكربلاء. والدولة السُنيَّة تشمل نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى والجزء الجنوبي والغربي من كركوك. والدولة الكردية في منطقة كردستان العراق في الشمال.
الهدف المعلَن من هذه الخطة هو إنهاء الأزمة السياسية والأمنية في العراق كما يقول الأميركيون. وهو هدف برئ في ظاهره، إلاَّ قراءته بشكل جيد يفضي بنا إلى أن الهدف الحقيقي منه هو إنشاء دول جديدة في المنطقة تحت مسميات دينية وعرقية بشكل صريح وذلك لتسويق مشروع الدولة اليهودية القادم في الأراضي الفلسطينية، كي لا يقال بأنها دولة شاذة عن السائد. إنه تكريس لمشروع غريب على جسد الأمة.
إن هذا التقسيم ليس إنهاءً لأزمة قائمة، بل هو إعادة إنتاج لصراعات داخل الصراعات الأكبر. إذْ أين سيذهب المسيحيون والأزيديون والصابئة والكاكائيون كأديان في العراق، وأين سيذهب التركمان كعرقية في تلك الدول الثلاث؟ ثم كيف ستعيش الأقليات الجديدة في الدول الطائفية والعرقية في مندلي وداقوق وكفري وطوزخورماتو وخانقين، وشرق الموصل وكل محافظات العراق.
باختصار شديد، سوف يكون مصير ووجود السُّنة داخل الدولة الشيعية في البصرة وواسط وبابل مهدداً. وسوف يكون مصير الشيعة داخل الدولة السُّنية في نينوى وديالى وصلاح الدين والأنبار مهدداً؛ إذْ كيف ستعامل ذلك الثنائي (السُّني والشيعي) مع دولة مستأسدة طائفياً وخاضعة لتأثيرات التجاذب السيا/ مذهبي في الخارج؟ هل سيُهجَّرون أم سيُقتلون أم سيكونون هنوداً حمراً بعد عمليات القتل والطرد والتهميش المبرمج؟
ثم ماذا عن ثروات العراق الوطنية وإلى أيِّ دولة من الدول الثلاث ستذهب؟ للوهلة الأولى لذلك التقسيم، فإن الأكراد ودولتهم المزمع إنشاؤها سيأخذون 17 في المئة من نفط العراق وهو الموجود في مناطقهم، وسيأخذ الشيعة ودولتهم 71 في المئة من النفط كما هو موجود في الجنوب، والذي يُقدَّر احتياطي 15 حقلاً فيها فقط بـ 65 مليار برميل، أما الدولة السُّنية فلن تحظى بشيء سوى بثلاثة حقول في بلد وتكريت وعجيل، تتنازع في بعضها مع الأكراد. ما يعني أن الباب سيكون مفتوحاً على مصراعيه للصراع على الثروات الوطنية.
سيُعطَى السُّنة البادية وصحراء الأنبار الجرداء بدون منفذ بحري كأفريقيا الوسطى، وسيُوضَعون على تخوم الصراع السياسي والديني الدموي في سورية، وعلى أبواب دولة عرقية تسمى كردستان لها طموح إثني واسع يمتد حتى الحسكة، وعلى أبواب دولة أقوى منهم بكثير وذات تاريخ جدلي في العراق هي تركيا، التي ما زال الحنين لديها لتعديل اتفاقية الموصل (أبرِمَت قبل 90 عاماً فقط) قائماً. إنها باختصار دولة مأزومة وغارقة في مشاكل مُركَّبة لا تنتهي.
لذلك، ومن هذا المنطلق، وكما قلنا من قبل لسياسيي الأحزاب الشيعية وقياداتهم عندما اندفعوا نحو التقسيم، يجب على السياسيين السُّنة في العراق أن يعيدوا حساباتهم جيداً، وأن يعوا الهدف الأميركي من المساعدات التي قرّروها لهم (وللأكراد) بالاستقلال عن بغداد، ففي ذلك مدخل لباب الدول الثلاث المشؤومة، وأن يسحبوا أيّ ترحيب (كما فعل بعضهم للأسف) تجاه تلك الخطوة ويستنكروا على مَنْ يعتبرها نصراً لهم. فتاريخ العراقيين الحقيقي هو مع العروبة والوحدة وليس مع التقسيم والتفتيت.
كلمة ثانية للأميركيين: أنتم غزوتم العراق وأعطبتم اجتماعه وسلمه الأهلي. جررتم الشيعة والسُّنة للقتال على مدى أعوام بعد اللعب على تخريب شروط السلطة والثروة. وأدت سياساتكم لأن يَلِجَ إلى العراق مَنْ يُدمِّر مقدسات كل منهما في سامراء والبصرة وبغداد، حتى انفجر الصراع تحت الحزام، فسالت الدماء ويُتِّمَ مَنْ يُتِّم، ورُمِّلَ مَنْ رُمِّل.
دُمِّرت وحدة وسكينة الأزيديين في بعشيقة والبحزاني والشيخان وسنجار بفعل مجيئكم، وتأذى الشَّبك في قرية خزنة بناحية برطلة الموصليّة بعد أن كانوا لا يعلمون عن الصراعات العرقية والدينية شيئاً. وذُبِحَ الكُرد الفيليون في منطقة الوثبة وهم أبرياء. واستأصلت شأفة المسيحيين الأصلاء واختطفت قياداتهم كالأب نوزات حنا من رعية مار بيتيون، فماذا أبقيتم من اجتماع لهذه المكونات؟ وأي أمنٍ لهذا البلد الذي تريدون تفتيته الآن؟
تفاخرتم في الغرب بأن الذين حَكَمُوا ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية كانوا خليطاً من محافظين وكاثوليك وقوميين بل وحتى نازيين لإثبات أنكم ديمقراطيون وتستوعبون الجميع، لكنكم في العراق حرمتم الناس من حكم شامل، مرةً بحجة الاجتثاث، ومرةً بحجة الحل، حتى أصبحت مؤسسات الدولة تدار من الحجِّي والچايچي.
تفاخرتم في الغرب بأنه وبعد توحيد الألمانيتين تقبَّل الألمان الغربيون دخول سبعة عشر مليون ألماني شرقي إلى ألمانيا الموحدة وازداد بذلك أعداد البروتستانت على الكاثوليك فيها، لكنكم لم تقبلوا بأن يستمر أفضل تعايش ديني في المنطقة حين كان العراق يرفل فيه، إلى الحد الذي صار فيه قطب المكوِّن السنِّي زوجته كربلائية، والمدافع الأول عن السُّنة شيعياً. هذا الأمر لم يتعلمه العراقيون من كانتونات سويسرا بعد المذابح الدينية، ولا من دمج الألمانيتين، بل علمهم إيَّاه إرث قديم وثقافة وهوية مشتركة.
أختم مقالي بقصة قصيرة وردت في أحد كتب المآثر ربما تناسب مع سياسة هؤلاء بالعراق. تقول القصة إن امرأةً جاءت إلى قاضٍ فقالت: ماتَ زوجي وتَرَكَ أبويهِ وولداً وامرأةً وأهلاً، وله مال. فقال القاضي: لأبويهِ الثّكل ولولديه اليُتم ولامرأته الخلَف ولأهلهِ القلة والذلة والمال يُحمَل إلينا حتى لا تقع بينكم الخصومة.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4629 - الأحد 10 مايو 2015م الموافق 21 رجب 1436هـ
متابع . . . ولكن ( 3 )
نقول لهم : لا شيء سيسوغ لاسرائيل و دولتها اليهودية ، ففرق بين أبناء شعب واحد أصيل يختارون طريقة للعيش و الحكم و التقسيم في بلدهم ( و هذا حقهم ) ، وبين شعب محتل جاء و أخرج شعبا آخر وحل محله ، ويريد أن يهود الدولة .
مشكلة اسرائيل ليست في يهوديتها ، بل لا يهمنا كونها يهودية أم لا ، بل في كونها كيانا غاصبا وضع نفسه بالقوة في أرض ليست له ( أيا كانت ديانته ) .
واسرائيل و الغرب يعرفون ذلك جيدا فلن ينتهي الصراع معهم إذا اعترفوا بيهودية الدولة أو لم يجعلوها يهودية ، يبقى أنهم ( غاصبون ) .
متابع . . . ولكن ( 2 )
نعم فلتكن فيدرالية مثلا ، ثلاثة اقاليم بحكومة موحدة في بغداد ، ما المشكلة ؟ أمريكا بعظمتها بها 51 ولاية ، ومع ذلك هي أقوى دولة في العالم ، الفيدرالية لم تضعفها بل جعلت كل طرف يشعر بالأمان تجاه الآخر و أنه لن يتعد على حدوده ، و بعد عشرات السنوات تصل الثقة بين أبناء الولايات لأن يتوحدوا ويصنعوا أقوى دولة في العالم .
ما الفائدة أن يكون هناك بيت كبير ويتحارب أبناؤه داخله ، فليتقسم البيت أو يتفدرل وليعش كل بأمان .
أما الخائفون من تسويغ ذلك لدولة يهودية نقول لهم : . . . للكلام تتمة ، ...
متابع . . . و لكن ( 1 )
ولكن الكثير من الدول استقلت وعاشت براحة بعد ذلك ، البوسنة مثلا لو لم تتقسم بين الصرب و البوسنيين والكروات ، لكنا الى اليوم نشهد القتل و الذبح والاغتصاب الطائفي ، لكن كل استقل لوحده وعاشوا بسلام ، فلم يعد أحد يشعر بتهديد لوجوده بعد أن صارت له دولة لوحده ، و اليوم تعرف البوسنة بأنها جنة الأوروبيين !! . . . . وهكذا الكثير من الدول في العالم ، حتى العالم العربي هو نتيجة انقسام دول كبيرة .
وإذا أبى البعض فلتكن فيدرالية مثلا ( لأن كلمة التقسيم تخيف البعض ) . . . للكلام تتمة ...
ل نعلنها نحن اهل البحرين الشيعة والسنة فرعان لشجرة واحدة
لنعتبر امريكا تريد تلعب على اختلافات مذهبيه ورثناها من الماضي تخنقنا وتكتم انفاسنا ونحن نريد ان نعيش في الحاضر لبناء مستقبل اكثر اشراقا ما يحدث في العراق مخجل لعروبتنا امريكا تضرب وإيران تكبس والثمن عروبة اوطاننا ، العقل العقل يا اهل العقل حفظ الله البحرين ودمر اعدائها ومن يريدها لقمة سائغة
نعم اؤيدك بقوة سمعت برنامج في BBC
السني يخاف التعرف عليه في المناطق الشيعية والشيعي كذالك في المناطق السنية لذالك صار تبديل الأسماء نعم شئ مخجل لماذا لا نلغي الموروث التاريخي المكفر للآخر من كتبنا المعتمدة أين العقلاء من جميع المذاهب عن هذا إلا تكفي هذه الدماء والله التعصب أعمى الجميع
المشكلة هي
سيُعطَى السُّنة البادية وصحراء الأنبار الجرداء بدون منفذ بحري كأفريقيا الوسطى، وسيُوضَعون على تخوم الصراع السياسي والديني الدموي في سورية، وعلى أبواب دولة عرقية تسمى كردستان لها طموح إثني واسع يمتد حتى الحسكة، وعلى أبواب دولة أقوى منهم بكثير وذات تاريخ جدلي في العراق هي تركيا، التي ما زال الحنين لديها لتعديل اتفاقية الموصل (أبرِمَت قبل 90 عاماً فقط) قائماً. إنها باختصار دولة مأزومة وغارقة في مشاكل مُركَّبة لا تنتهي
اللوم ليس على الأمريكان فالوحوش لا يلامون على اقتسام فرائسهم لكن اللوم:
اللوم على الأنظمة العربية التي جعلت من شعوبهم خصوما وجعلت من دولهم عدوانا واتخذوا من عدوانهم حلفاء وهكذا انقلبت الامة على حالها واصبح خيراتها دولة بين اعدائها وحرمت منها ابناؤها
كل هذه الكوارث في العراق هو بسبب إقحام المذاهب بالشأن السياسي
هل فيه أخطر من الموروث الديني والمذهبي المكفر والمعادي للآخر حتى أيام الدكتاتور المجرم لم تكن توجد أي طائفية كان يقتل معارضيه من كل الملل حتى نفس حزبه أم الآن الاقتتال على الهوية الدينية والاغرب حتى على الاسم
هذا هو
من دخل العراق بمساعدة الأمريكان و تآمر معهم عليه اليوم يجني ثمار هذه الخيانه و لكن هذا ما تعودناه منهم منذ ايام ابن العلقمي
ان لم تستحي فقل ما شءت
التاريخ يشهد بان من ساعد الأمريكان بدخول هم الدول الخليجيه ، ان اردت التدليس ....ولكن التاريخ يشهد علي ذلك
مأساة العقول
بينما تتوحد أروبا بلغاتها المتعددة و قومياتها المختلفة، نجد فينا من يتوجه الي الانفصال و التفرقة ناسيا بانه و لفترة عقود كان يصرخ وحدة وحدة ما يغلبها غلاب. النتيجة: لم تتوحد الدول العربية و شعوبها الغير واعية تقاد كالقطيع لمسلخها لكي تذبح. القائد لهذا المصير هو الغرب المنافق. يقسمنا و يوحد نفسه.
إحضار الموروث التاريخي المذهبي المكفر للآخر واقحامه في الشأن السياسي
العلة منا وفينا ولادخل لا أحد فيها اذا أتحد الشعوب وابعدت ما تختلف فيه كبقية شعوب العالم لا تستطيع أي قوة تخترقها