إحدى نظريات علم الإدارة تتحدث عن «دورة التقادم الإداري» Managerial Obsolescence Cycle التي قد تمرُّ بها القيادات التنفيذيَّة للمؤسسات في قطاع الأَعمال، وأَنَّ هذه الدورة تبدأ بنجاح الأَشخاص في إدارة مؤسَّساتهم، لكنَّهم مع تغيّر الظروف يتجهون نحو الفشل المؤكد من دون التفاتهم إلى ذلك.
بحسب وجهة النظر هذه، فإنَّ المرحلة الأُولى من دورة التقادم الإداري تبدأ بتسلم أَحد الأَشخاص الكفوئين قيادة عمل المؤسَّسة؛ لأَنَّه الأَقدر على التعامل مع المشاكل والشكوك، والعقبات الحرجة التي كانت تمرُّ بها المؤَّسسة.
فعلى سبيل المثال، قد تكون هناك مشاكل في الإنتاج أَو الخدمات، أو الأَداء، أو في العلاقات الاستراتيجيَّة الحرجة، وهذا يفسح المجال لمن يعرف بتفاصيل المشكلة إلى الوصول إلى أَعلى الهرم، أو إلى مستوى يؤهله للتأثير في القرار الاستراتيجي للمؤسَّسة.
المرحلة الثانية تأتي بعد أَنْ يتمكَّن هذا الشخص من تثبيت موقعه، وهناك يتحوَّل من شخص عالج المشكلات الحرجة إلى شخص ماهر في توسيع علاقاته ونفوذه وتحالفاته مع مجموعات أصحاب المصلحة، ومن ثم يقوم بإضفاء الطابع المؤسَّسي على مكتسابته ونفوذه. وتراه في هذه المرحلة يكثر من الدعاية لمنجزاته؛ لتثبيت فكرة أَنَّ المؤسسة لا تسوى شيئاً من دون وجوده. كما أنَّه سيصدر تعليمات يفرض فيها مرور كل المعلومات والقرارات من خلاله؛ للتأكُّد من سلامتها واتساقها مع توجهاته، وسيلجأ إلى المركزيَّة أكثر من ذي قبل. كما سيقوم بتصعيد مستوى كل الأشخاص الذي يستمعون إليه ويصفّقون له أو يرتعبون منه، كما سيجعل الأقسام التي تخضع له ذات نفوذ أكبر من غيرها. وفي النهاية، فإنَّ من سيصعد إلى الأعلى سيكون المذعن لإرادته من دون نقاش.
في المرحلة الثالثة تصبح جميع القواعد التي ثبَّتها هذا المسئول جزءاً لا يتجزأُ من الوضع المعتاد للمؤسَّسة، بمعنى أنَّ المؤسسة تعيش في ظله، وتحت رحمته.
في المرحلة الرابعة من دورة التقادم الإداري، تتغيَّر البيئة المحيطة بالمؤسَّسة، لكنَّ القيادي ليس ملتفتاً إلى كل ذلك، والمؤسَّسة لا تستطيع لفت انتباهه إليها. وهنا ستراه يعيش على نجاحات الماضي التي يستذكرها دائماً أمام مسئولي المؤسَّسة لإسكاتهم وطمأَنتهم وثنيهم عن طرح أفكار جديدة، قد تتطلَّب منه تغيير وضعه المريح حاليّاً.
في المرحلة الخامسة من «دورة التقادم الإداري» تصل فيها الأمور إلى مرحلة صادمة من حيث الخسائر في السوق، أو بسبب متغيرات مفاجئة أكبر من السابق، ويتحقَّق «الفشل» الذي كانت تتَّجه نحوه الأمور من دون أنْ يستطيع هذا الشخص (الذي كان ناجحاً في السابق) أنْ يعالج الوضع أو يجدّد الحيويَّة لديه ولدى المؤسَّسة.
إنَّ إحدى المشاكل التي تجعل شخصاً مَّا يخضع لمثل هذه الدورة هي حدوث «فجوات» على عدَّة أبعاد. فهناك الفجوة التي تتَّسع «بين القيادي والآخرين»، وهناك فجوة «بين الحاضر والمستقبل»، وهناك فجوة «بين ما هو متصوَّر مستقبلاً وبين ما يحدث حاليّاً».
القيادي الناجح هو الذي يجسّر هذه الفجوات، ويكون «ملهِماً» للآخرين، بدلاً من أَنْ يكون مصدراً لخوفهم وهلعهم واضطرارهم إلى القبول به، لأيّ سبب كان. القيادي الناجح الذي لا يدخل في دورة التقادم الإداري يجب عليه تضمين أهداف المجتمع والعاملين وأصحاب المصلحة (وليس هدفه فقط) ضمن عمل المؤسسة، وأَنْ يفهم الكيفيَّة التي ستتغيَّر فيها الأَوضاع مع مرور الوقت، وأن يسعى إلى تطوير نفسه ومن معه باستمرار، لتجديد الأَفكار والطاقات وخلق القيادات التي تستجيب لمتغيرات المستقبل بصورة مناسبة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 4626 - الخميس 07 مايو 2015م الموافق 18 رجب 1436هـ
موفقين
مقالك جميل دكتور
منجزات الماضي و تعثر الحاضر
المدير العام اذا شكل حوله رؤساء اقسام لا ينيرونه ولا ينصحونه وهو نفسه اصبح عبئ اداري فتلك المؤسسة الى هلاك حتمي
رد على زائر 2
العراق واليمن وسوريا ماضاعو وكانو راحو احلوون مشاكلهم برووحهم لاكن ادخلت امريكا باموال خليجيه ودمرتهم والكل عارف هاده الشى ارجوا منك ان تتثقف وتتبع الحق قبل ان تكتب والله ينصر الشعووب المظلومة وخلصهم من امريكا وحلفائها
مرحبا بالقيادي الناجح اينما وجد ولكن..
القيادي اللي يعتبر نفسه "ما في هذا البلد اللا هذا الولد" شخص غبر مرغوب فيه والدليل حولك حيث تتكرر نفس الاسماء في شغر الكثير من مراكز صنع القرار والنتيجة التراجع الرهيب في كل المؤشرات التطويرية والاقتصادية والثقافية والتعليمية وحتي المناخية..اللهم اننا لا نسالك رد القضاء ولكن اللطف فيه وجمعة مباركة علي الجميع
التقادم في القيادة تقود الى الرتابة.
ان تبقى فى منصب قيادي الى اكثر من .... فأنت تكون قد استنفذت جميع ما عندك من افكار فلا يوجد ما تقدمه للمؤسسة التى تنتمي اليها. فلا بد من افساح المجال واعطاء الفرصة لغيرك لقيادة المؤسسة.
دكتور
الي ماله اول ماله تالي جوف العراق واليمن وسوريا ضأعوا وضيعوا الناس معاهم
قابلة للتعميم
أعتقد يمكن لنا أن نعمم هذه النظرية على الكثيرين من قادة سياسيين أو كتاب أو مخرجين ألخ.. بمرور الزمن يفقد البعض قدرته على البقاء