أكدت وزيرة البيئة الفلسطينية، عدالة الأتيرة، ضرورة الإيمان بالديمقراطية والعدالة، قبل الحديث عن التنمية المستدامة، معتبرة أن التنمية المستدامة مفاهيم متعددة وليست شعاراً يمكن الحديث عنها.
وقالت الوزيرة الأتيرة، في حديثها إلى «الوسط» على هامش أعمال المنتدى العربي رفيع المستوى حول التنمية المستدامة، والذي اختتم أمس الخميس (7 مايو/ أيار 2015)، إنه «قبل أن نتحدث عن التنمية المستدامة، علينا أن نؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة وأن على كل إنسان حق وواجب في دولته، ونؤمن أن الإنسان ملتزم بقضيته وكثير من الأمور التي تربينا عليها من خلال الدين الإسلامي».
ورأت أن التنمية المستدامة تتحقق بمشاركة مع المؤسسة الرسمية التي تعمل وتحمل على عاتقها وضع الخطط والبرامج. وعمّا إذا كان المواطن العربي يعي معنى التنمية المستدامة، ذكرت أن «المفاهيم لم نصل لها بالصورة التي يفهمها المواطن العربي، وحتى غير المواطن العادي، هناك كثير من الأمور التي يجب أن نعمل عليها من أجل تغيير الذهنية العربية، والعمل على مراجعة مناهجنا التعليمية».
وشددت على ضرورت «توجيه الإنسان العربي، وإفهامه ما هو مفهوم التنمية المستدامة، وعدم هدر الموارد»، مشيرة إلى أن «أهداف التنمية كثيرة ومتشعبة، ولكن أقول إننا بدأنا نعمل على تحقيق هذا الهدف على مستوى الحكومات، وهناك الكثير من الخطط والبرامج على مستوى الدول نحو التنمية المستدامة».
ونوّهت بتحقيق البحرين أهداف الألفية السابقة قبل أن تحققها دول أوروبية لديها عدد سكان أكبر من البحرين.
وأضافت «الحكومات والقيادات وعت لقضية التنمية المستدامة، ونفخر أن البحرين حققت قبل أن تحقق بقية الدول أهداف التنمية... الموضوع بحاجة إلى وعي ليس في المفهوم لوحده، ولكن بكل الأمور المتعلقة به».
وفيما وجهت الوزيرة الفلسطينية شكرها للقيادة السياسية لاستضافتها أعمال منتدى التنمية المستدامة، تحدثت عن فلسطين والتنمية المستدامة فيها، وقالت: «لا أستطيع أن أقول إنه سيكون هناك تنمية أو كانت هناك تنمية مستدامة في فلسطين، أو حتى تنمية، لأن الاحتلال منذ بدايته في الأراضي الفلسطينية قام بالسيطرة على الأراضي وكل الموارد في فلسطين، وبالتالي ما دامت هناك سيطرة على الأراضي والمياه والموارد لا يمكن أن تكون هناك تنمية أو تجارة أو أنشطة في سبيل تحقيق الدخل للإنسان، ولذلك لدينا ارتفاع في نسب البطالة والفقر، والحروب المتكررة على غزة، والبيئة الهشة في فلسطين نتيجة كل الممارسات الإسرائيلية وإنشائهم جدار الفصل العنصري، والسيطرة على الأراضي وإنشاء مئات المستوطنات وجلب المستوطنين للعيش في الضفة الغربية، وبالتالي نحن نستطيع القول إننا نريد تنمية فقط من أجل تعزيز صمودنا على أرضنا نتيجة كل هذه الممارسات».
وأضافت «بغض النظر عما يحصل في فلسطين، نحن كشعب فلسطيني لدينا العزيمة والإرادة في تحقيق هدفنا الأساسي أن يتحقق مشروعنا الوطني، وتتحقق دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس، ولدينا الإرادة والعزيمة أن نكون جزءاً من هذا العالم، ولا نتراجع، وعلى الأقل نقوم بتهيئة شعبنا ومؤسساتنا وقوانيننا، وبيئتنا التشريعية والمؤسسية، لتكون جاهزة في حال أنشأنا دولتنا الفلسطينية، وسيطرنا على أراضينا ومعابرنا وحدودنا».
وتابعت «نحن نعمل، ولدينا الكثير من التشريعات، وبغض النظر عما يحصل، نعمل على بناء المؤسسات بطريقة تتواءم مع ما وصل إليه العالم في قضية التخطيط للوصول إلى هدف التنمية المستدامة، ولن نيأس، ونحن مع المجموعة والجامعة العربية وأهلنا وشعبنا الذين يقفون دائماً مع القضية الفلسطينية، نعمل من أجل توحيد وتكريس الجهود العربية والموقف العربي أمام المؤتمرات التي ستعقد في الفترة القريبة».
وأشارت إلى أنه «يجب أن نكون مؤثِرين، ولن نكون مؤثرين كشعوب عربية إلا بوحدتنا ووحدة موقفنا، وتقوية وتعزيز مفاوضينا الذي يخوضون المفاوضات، وتكون أهداف التنمية المستقبلية لما بعد 2015 تتواءم مع المنطقة العربية، وتكون هناك فعلاً عدالة على مستوى العالم».
وتطلعت إلى أن «تتحقق أهدافنا وينجح مفاوضونا في نقل صورة المنطقة العربية بما فيها من نزاعات هنا وهناك، وأن يكون هناك موقف نحو تحقيق التنمية لكل الشعوب العربية، ولا نتحدث عن عام أو عامين، بل عن 15 عاماً المقبلة، وبالتالي يجب أن يكون هناك استقرار في الدول العربية، وتكون جاهزة نحو تحقيق الهدف في التنمية المستدامة».
التنمية المستدامة تحتاج إلى إرادة ويقتنع أصحاب القرار أنها قضية عادلة لكل إنسان في وطنه، وبالتالي علينا كشعوب وكشباب وامرأة فهم ووعي ما هي التنمية المستدامة، ويكون ذهننا جاهز لقبول بعضنا بعضاً، ونشخّص التحديات والمعيقات بنفس أن هذه الأراضي العربية أراضٍ تليق بأن يعيش شعوبها بحياة كريمة ورغدة.
وعمّا إذا كانت فلسطين قادرة لوحدها لتحقيق التنمية المستدامة، قالت: «في المرحلة الحالية لا، وإذا أردنا الحديث عن الخطط والاستراتيجيات فنحن نتحدث عن خطط واستراتيجيات تتقاطع نحو التنمية المستدامة، وحتى الآن لا توجد في فلسطين وكذلك في الدول العربية، لا توجد مؤسسة مسئولة بحد ذاتها عن التنمية المستدامة، وإنما هناك تخطيط على مستوى القطاعات، وبالتالي هناك خطط وطنية».
وأضافت «في فلسطين لا يمكن الحديث عن التنمية؛ لأن مواردنا قليلة جداً ولا يوجد لدينا موارد، ونحن دولة فقيرة، ولكن في الوقت نفسه أقول إن ما يحدث في فلسطين في الفترة الحالية من موارد ومعونات ومساعدات من أشقائنا العرب، أو من الدول الصديقة، هي موازنات من أجل الإغاثة، وخصوصاً أنه كل عامين تحدث حرب على قطاع غزة، وبالتالي ما بني وأنجز في البنية التحتية والتي قطعنا شوطاً بفضل التعاون العربي والدولي من أجل إنشاء المؤسسات والمشاريع التي تُعنى بالبيئة، ونشجع الاقتصاد».
وأردفت قائلة: «نحن نعمل على قاعدة تجهيز أنفسنا للتنمية، ونريد تنمية في فلسطين ونحن تحت الاحتلال، فقط من أجل تعزيز الإنسان الفلسطيني ويبقى صامداً على أرضه ووطنه، وفي حال استقلينا وأنشأنا دولتنا، وسيطرنا على مواردنا، فسيكون لدينا مورد مهم في فلسطين، وهي السياحة الدينية».
وذكرت أن «القدس وجهة كل المسلمين... مليارات من المسلمين موجودون في العالم، وجرت العادة أن يقدس المسلم حجته بعد أن يذهب إلى الحج والمدينة المنورة أن يذهب إلى المسجد الأقصى، فإذا رحل عنا الاحتلال لدينا مواردنا والمياه والسياحة، والإنسان الفلسطيني الذي درس وتعلم، ومن الممكن أن نبدأ في تحقيق موضوع التنمية جزئياً، وإذا رحل الاحتلال نريد أن نكمل بناء مؤسساتنا ومشاريعنا التي بحاجة إلى حماية أراضينا، ومشاريعنا البيئية، ونحن ما زلنا بحاجة إلى إنشاء المدارس والمؤسسات التعليمية والبنى التحتية... «.
ولفتت إلى أن «العالم يتحدث عن موضوع تمويل التنمية، ومن المفروض أن يدفع العالم ثمن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ العام 1967، أن يدفع ثمن استغلال الاحتلال لكل الموارد الطبيعية في فلسطين، وبالتالي إذا استطعنا إرغام الاحتلال من خلال القوانين الدولية على تسديد التكلفة، وهي لا تقدر بالمال، من الممكن أن تكون هذه أحد الموارد، ونبدأ في عملية البناء والنمو من أجل أن نصل إلى التنمية المستدامة».
ورأت أن «الدول الغنية لم تصل إلى الهدف الحقيقي للتنمية، ومازالت هناك نسبة من الفقر والبطالة، فكيف إذا قارنا ذلك بفلسطين؟».
وأكدت أن «هناك إرادة وتصميم نحو الهدف، ونحن لن نتخلى عن هدفنا في تحرير أرضنا، وأملنا كبير في دعم شعوبنا وحكوماتنا العربية من أجل تحرير الأرض العربية الفلسطينية والأراضي العربية الأخرى».
وعن أثر الحروب والنزاعات على التنمية المستدامة، بيّنت وزيرة البيئة الفلسطينية أن «أول سبب يعيق أي عملية تنمية هو الحروب والنزاعات، وللأسف خاضت بعض الشعوب العربية ما يسمى بـ «الربيع العربي»، وأنا لا أسميه الربيع العربي، بل حركات موجهة تعمل من أجل إضعاف الدول العربية وزعزعة استقرارها وأمنها، ولتوجيه اهتمام العرب وحرف توجههم عن هدفهم الأساسي لتحرير الأراضي العربية، نحو انشغالهم بهمومهم الداخلية».
وقالت: «أتمنى من الشعب العربي، ومن الناس الذين انساقوا في هذه النزاعات، والتفتت الاجتماعي وتخريب ما تم إنشاؤه، أن نكون عقلانيين من أجل إصلاح ما وصلت إليه المنطقة العربية... أتمنى الاستقرار لكل الشعوب والدول العربية، لأن استقرارها وأمنها أساس في أي تنمية في المستقبل».
العدد 4626 - الخميس 07 مايو 2015م الموافق 18 رجب 1436هـ