قالت وكيل الأمين العام والأمين التنفيذي للإسكوا، ريما خلف، بأن التنمية المستدامة هي حق مشروع لجميع الشعوب، لا يتحقق ما لم تتوفر له الموارد المالية والبشرية، والمؤسسات القوية الفاعلة وأنها حق لا يستقيم ما لم يسد الأمن المجتمعي المبني على مواطنة متساوية في ظل حكم صالح يقوم على الاحترام القاطع لحقوق الإنسان للجميع.
وأضافت: «في العقود الماضية، حققت البلدان العربية تقدماً ملحوظاً ولو بمستويات متفاوتة في عدد من الميادين التنموية كالصحة والتعليم والنمو الاقتصادي، أما اليوم فتشهد المنطقة اتجاهات مثيرة للقلق: تزايد في عدد اللاجئين والنازحين قصراً وفي أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل من الشباب والنساء، وتفاقم في المشكلات الاجتماعية والبيئية، والمستقبل القريب لبعض دولنا لا يبشر بالخير، فكيف للمنطقة العربية أن تتقدم على درب التنمية المستدامة والاحتلال الإسرائيلي يستمر دون رادع في انتهاك الحقوق الفلسطينية والقانون الدولي، وفي تهديد الأمن والسلام في المنطقة بأكملها؟».
ورأت أن تعافي البلدان المنكوبة بالحروب والأزمات يتطلب سنوات طويلة وجهوداً ضخمة وموارد مالية هائلة ليس فقط لتحقيق الحد الأدنى من التنمية الأساسية، بل أيضاً لتعويض الفرص الضائعة وبناء ما دمر وإعادة اللحمة للمجتمعات المتخاصمة مع نفسها، منوهة إلى ضرورة تضافر الجهود العربية بالتعاون مع المجتمع الدولي لإنهاء النزاعات المستعرة ومن ثم وضع خطة شاملة تخرج المنطقة من أزماتها وتسير بها إلى بر الأمان.
وتابعت: «نجتمع اليوم طالبين أمراً صعباً وجارّين لأمد بعيد: نطلب استدامة التنمية بل نلحّ عليها للخلاص من اختناقات الحاضر واستعادة الأمل في المستقبل، والتنمية المستدامة هي الأساس الذي تقوم عليه اقتصادات قوية تشمل الجميع وتقضي على الفقر والبطالة، وهي الأساس الذي تبنى عليه مجتمعات آمنة مستقرة، خالية من الخوف والتهميش، وهي السبيل لحماية مواردنا الطبيعية وبيئتنا لخير أبنائنا وأحفادنا».
ذكرت بأن هذا المنتدى يأتي اتصالاً بالجهود العربية على مدار الأعوام الماضية للتعامل مع قضايا التنمية المستدامة من منظور تكاملي، إذ قالت: «لقد مررنا بمحطات كثيرة خلال هذه الفترة تعكس هذه الإرادة الإقليمية لعل أبرزها المنتدى الأول للتنمية المستدامة الذي عقد في عمان العام الماضي ومؤتمر وزراء التنمية والشئون الاجتماعية العرب الذي عقد في شرم الشيخ لبلورة الأولويات العربية ضمن أجندة التنمية المستدامة الدولية، ولقاؤنا هذا يكمل هذه الجهود ويتسم بأهمية خاصة إذ يتزامن انعقاده مع المفاوضات الأممية حول خطة التنمية لما بعد عام 2015، كما تتزامن دورته الثانية مع مسارات دولية أخرى سيكون لها أشد الأثر على محتوى الخطة ومستوى طموحها، منها المفاوضات الدولية حول تمويل التنمية، والاتفاقية الجديدة حول تغير المناخ».
ودعت المشاركين في ظل هذه الظروف العالمية والإقليمية، لانتهاز الفرصة للمشاركة الفعالة في مختلف المسارات الدولية والرفع من مستوى التنسيق العربي للتأثير فيها، مؤكدة على أن المنتدى والاجتماع فيه هو خير وسيلة لبلورة رؤى إقليمية، ترفعها الاسكوا إلى المنتدى السياسي رفيع المستوى حول التنمية المستدامة والذي يعتبر من أهم روافد القمة العالمية لخطة التنمية لما بعد 2015 في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل.
وختمت كلمتها: «نجتمع اليوم طالبين أمراً يبدو مستحيلاً وناظرين إلى البعيد نحو استدامة التنمية في بلاد تبدو آلامها أكثر من ثرواتها، نتمسك بالأمل مهما بدا بعيداً، ونثق بأن الألم لابد عابر، والدليل هو لقاؤنا اليوم حول إرادة صلبة وتصميم عازم، وعلى هذا الوقع الإيجابي الذي نريده نابذاً لكل إقصاء وعنف وألم، نابضاً بالحياة في شعوبنا ومجتمعاتنا».
العدد 4624 - الثلثاء 05 مايو 2015م الموافق 16 رجب 1436هـ