تحتفل دول العالم في (الأول من مايو/ أيار) من كل عام بعيد العمال، الذي بصفته عيداً عالميّاً، يشمل جميع العمال والطبقات الكادحة في مختلف مجتمعات دول العالم. هذا العيد يستذكر إضراب العمال في شيكاغو بالولايات المتحدة الأميركية في 1886، وهم أول من طالب بتحديد ساعات العمل اليومي بثماني ساعات. تلك الحادثة انتهت بموت عدد من المضربين، ولذلك فقد خرجت آثار ذلك الإضراب إلى العالم، وتمكنت الحركة العمالية من اعتبار يوم الأول من مايو عيداً للعمال، فيما لاتزال أميركا تحتفل بعيد العمال في يوم آخر غير هذا اليوم.
مهما يكن، فإنَّ ما سجله الحراك النقابي في كل أنحاء العالم أثبت صحته، وهو أن العمال مسلوبي الحقوق لا يعطون من أنفسهم شيئاً، وتتضرر العملية التنموية، كما أنَّ حقوق البشر تنتهك من أجل جني الأرباح. وعليه، يمكن اعتبار انتصار الحركة العمالية في تأمين حقوق العاملين، واحداً من أكبر الانتصارات الحقوقية التي ضمنت تطور النظام الاقتصادي، إذ إنه، وبسبب احترام حقوق العامل، أصبحت الطبقة العمالية متعلمة، وانتقل مركز ثقل الاقتصاد من العضلات إلى العقول، والعقول دائماً تنتصر.
وفي بلداننا، نعتقد دائماً أننا استثناء من حركة التاريخ، ولذلك فإن هناك من لا يقبل بالحركة النقابية بسهولة، وقد يعتبرها البعض تهديداً للأمن والاستقرار، والواقع هو أنَّ الطبقة العاملة التي تستطيع خدمة بلادها، هي تلك المستقرة نفسيّاً وماليّاً، وهذا الاستقرار لا يتحقق إلا من خلال تأمين كرامة العامل وضمان معيشته من خلال العمل اللائق.
في مطلع الألفية تبنت الولايات المتحدة الأميركية مشروعاً لتوقيع اتفاقيات تجارة حرة مع عدد من دول المنطقة، ووقعت مع البحرين وعمان، وعدد من الدول الأخرى، وكان من ضمن اشتراطات تلك الاتفاقيات احترام الحقوق النقابية للعمال.
وتزامناً مع ذلك، صدر قانون في البحرين العام 2002 سمح بإنشاء النقابات، ومنذ ذلك الحين بدأ الاحتفال بيوم العمال العالمي عبر مسيرة عمالية، وتكريم للعمال. لكن ومع الأسف، فإنَّ مسيرة العمال لم يسمح لها الخروج في العام 2015، وقد أصدر الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بياناً، نُشر في الصحافة، اعتبر أنَّ المنع لا مبرر له، ولاسيما أنَّ مثل هذه المسيرات تكون تحت مسئولية واضحة ومعروفة، ولها هدف محدد.
لقد شهد الحراك النقابي تراجعاً بعد الأحداث السياسية التي شهدتها البحرين منذ العام 2011 في بداية الربيع العربي، واتجهت الفعاليات والأنشطة من قبل مؤسسات المجتمع المدني إلى تنظيم فعاليات داخلية في اليوم العالمي لعيد العمال، بعيداً عن المسيرات كما جرت العادة.
إنَّ البحرين هي البلد الخليجي الوحيد، الذي يحظى عماله بإجازة رسمية في يوم العمال، وحراكها يمتد إلى فترة الثلاثينات من القرن الماضي، وهو الأقدم في منطقة الخليج، إلا أن العمل النقابي مازال يواجه الكثير من التحديات، هناك تحديات كثيرة يواجهها العمل النقابي، وحراكه في الخليج الذي يحظى بكثافة عالية في العمالة المهاجرة داخل دوله.
مهما يكن، فإن الأول من مايو ليس يوماً خاصّاً ببلد واحد بقدر ما هو يوم أممي، يشمل جميع الأعراق والأجناس والهويات دون فرق. فليس هناك فرق بين عامل بحريني وعامل هندي أو عامل فرنسي أو عامل ياباني أو بريطاني ...الخ، فالطبقة العمالية هي المحرك الأساسي لتنمية وتطور المجتمعات، وتجنبها لن يحقق المعادلة العادلة بين جميع الأفراد داخل أي مجتمع، وليس فقط في مجتمعات دول الخليج.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4622 - الأحد 03 مايو 2015م الموافق 14 رجب 1436هـ
تقصدي القضاء على الحركة النقابية؟
ربما قصدك القضاء على الحركة النقابية ، وهذا ما يحصل الآن في البحرين هي محاولة لضرب الحراك النقابي