منذ عشرين سنة ونحن نقول لكم ونكرّر بأن منظمات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان والصحافة والإعلام و«هيومن رايتس ووتش» وأشباهها، كلها مسيّسةٌ ومختَرَقةٌ من قِبَل المعارضة... ولكنكم لا تصدّقون!

لقد جاء تقرير منظمة «فريدوم هاوس» السنوي لحرية الصحافة دليلاً إضافياً على ما نقول، فقد وضع البحرين ضمن «الدول غير الحرة» للعام الثالث على التوالي، وفي الترتيب 188 عالميّاً. وهو ما يثبت أنه تقرير غير صحيح، وبه الكثير الكثير من المغالطات.

التقرير وضع النرويج والسويد على رأس القائمة، وذلك لا اعتراض عليه البتّة، لكننا نعترض أن يضعنا في ذيل القائمة، مع كوريا الشمالية وأوزبكستان. بل وضع البحرين آخر دولة خليجية، والـ 18 عربياً، قبل سورية التي جاءت في الترتيب الأخير.

هذه المنظمة الغريبة وضعت مقياساً لحرية الصحافة، مكوّناً من 100 نقطة، فحصلنا على 87 نقطة، لكن مشكلتها أنها تعتبر زيادة النقاط تعني حرية أقل! وهذه أول إشكالاتنا على هذه المنظمة غير التكنوقراطية!

الإشكال الثاني والأهم، أنها لا تعمل وفق قواعد مهنية في الاستماع لمختلف الآراء والمشاعر ووجهات النظر، ما يجعلها منظمةً برجوازية بحتة، وتفتقر إلى المصداقية والنزاهة واحترام حقوق الإنسان!

ثالثاً إن هذا التقرير المشبوه، يرتكز على وجهات نظر وآراء، بينما التقارير يجب استقاؤها من الأجهزة الرسمية، والبحث في الأضابير القديمة لوزارات الإعلام والثقافة والتراث الوطني، لأنها أكثر مهنيةً من تقارير هذه المنظمات!

إننا نؤكد وبكل ثقة، عدم وجود أي نوع من الممارسات الخاطئة التي ادّعى التقرير المغلوط وجودها، فللصحافيين كل الحرية في الحصول على المعلومات التي يريدون، ونشرها دونما قيود أو منع أو رقابة مسبقة. كما يمكنهم التعبير عن آرائهم بكل طمأنينة وأمان، وليس هناك مواضيع ممنوعة أو محجور عليها، بل إن القانون يجرّم تهديد الصحافي أو الاعتداء عليه أو حتى مجرد إهانته.

إننا لا نعاني من تراجع في مستوى التعبير عن الرأي، وإنّما نعاني - إذا أردتم الصراحة - من فائضٍ كبيرٍ في الحريات، إلى درجة أصبحت تهدّد الأمن القومي العربي. وهو ما دفع بعض النواب والشوريين المخلصين، وانطلاقاً من واجبهم الوطني العميق، للمطالبة بتشريعاتٍ متشدّدةٍ للحدّ من هذه الحرية الزائدة. وكما تعرفون أن كل شيء إذا زاد عن حده انقلب ضده، بما فيها الحرية الزائدة!

ثم لماذا هذه الطنطنة الزائدة حول من يسمّونهم ناشطين حقوقيين؟ هل على رأسهم ريشة؟ فهؤلاء كلهم ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية واقترفوا جنايات كبيرة، وأصغر جناياتهم تدخل ضمن الجُنح التي يُعاقب عليها القانون البريطاني بالسجن ثلاث سنوات!

ثم هل يعقل أن تضعنا هذه المنظمة المشبوهة، في سلةٍ واحدةٍ مع الصومال والسودان؟ فالناس يعبّرون عن آرائهم بكل حرية في «الفيسبوك» وينشرون صورهم في «الإنستغرام»، ولم يتم حبس أحدٍ لأنه كتب تغريدةً واحدةً في «تويتر»، وهو ما يؤكد أن هذه المنظمات الأجنبية تتصيّد علينا دائماً في الماء العكر.

إننا لوجه الله، ننصح هذه المنظمات أن تبتعد عن السياسة والتسييس وتتجنب الانحياز لطرف دون طرف، وأن تستقي معلوماتها فقط من المصادر الرسمية الموثوقة وعدم الاستماع لما يُسمّى بالمعارضة... لتكون تقاريرها مهنية وموضوعية وذات صدقية عالية، وخاليةً تماماً من المغالطات!