العدد 4618 - الأربعاء 29 أبريل 2015م الموافق 10 رجب 1436هـ

الأطفال ضحايا الألغام المنتشرة بكثرة في كولومبيا

كانت انجي البالغة ثماني سنوات مسرعة للحاق ببنات عمها عندما انفجر بها لغم ارضي ادى الى بتر ساقها ...ومثلها الاف الاطفال يقعون ضحايا هذه المتفجرات في كولومبيا التي ينهشها نزاع داخلي منذ اكثر من نصف قرن.

في ذلك اليوم من سنة 2008، تبدلت حياة انجي ووالدها راوول تريسبالاسيوس الى الابد: فقد اضطرت هذه العائلة الى ترك مزرعتها في منطقة بوليفار شمال كولومبيا للذهاب الى المدينة، ما اضطرهما الى تغيير نمط حياتهما، إذ تركت الاولى مدرستها والثاني تخلى عن عمله.

قصة أنجي قد تبدو مع الأسف عادية في هذا البلد الاميركي اللاتيني حيث ظهر بصيص امل الشهر الماضي بعد اعلان السلطات ومتمردي القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) عن خطة لنزع الالغام في اطار مفاوضات السلام بين الجانبين والتي تم نقلها قبل اكثر من عامين الى كوبا.

ومنذ العام 1990، سجلت كولومبيا مقتل او اصابة 11 الف شخص بينهم 1124 قاصرا (اكثر من 10 في المئة من اجمالي الحوادث)، جراء انفجار الغام ارضية، ما يجعلها ثاني اكثر البلدان تضررا من هذه الآفة بعد افغانستان.

وأشارت كلاوديا برنال من منظمة "كولومبيانيتوس" غير الحكومية التي تقدم اطرافا اصطناعية وخدمات مرافقة للمصابين جراء الالغام، في تصريحات لوكالة فرانس برس الى انه "عندما يدوس طفل على لغم، لا تتغير حياته فحسب بل حياة عائلته ايضا. في كثير من الاحيان هم يعيشون في الارياف ويتعين عليهم مغادرة ديارهم بهدف تلقي العناية الطبية او خوفا من المسلحين الذين وضعوا هذه الالغام".

ومن بين القاصرين الذين وقعوا ضحايا للالغام، 79 % بترت اطرافهم و21 % توفوا، بحسب ارقام رسمية.

وأوضحت اخصائية العلاج النفسي مايثم مينديس التي تعمل في مركز اعادة التأهيل الذي تتردد عليه انجي البالغة حاليا 15 عاما ان "الطفل قادر على استيعاب صدمة الخسارة (لأحد الاطراف) بصفاء اكبر. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم قدرة العائلة على تقبله وشعورها بالذنب الشديد".

ولدى رؤيته لها تجرب الطرف الاصطناعي الجديد الذي سيتعين عليها تغييره بعد عام بسبب نموها السريع، يتذكر والد انجي اضطراره الى الانتظار لخمس سنوات قبل التمكن من العودة الى العمل بعد الصدمة التي عاشها نتيجة الحادث.

وصرح الوالد "ابلغتني اخصائية نفسية بأنني كنت اكثر جنونا من انجي. كانت تتدبر امرها افضل مني. انا لم اعتد على الوضع على الرغم من مرور سبع سنوات. لقد شهدت على كامل مراحل ولادتها، والآن ثمة شيء ما ينقصها".

وأبدى راوول شكوكه ازاء فعالية خطة نزع الالغام التي من المزمع اطلاقها في خلال بضعة اسابيع. وقال "لا اثق" بالمجموعات المسلحة.

كما ان كولومبيا التي وقعت سنة 1997 على اتفاقية اوتاوا التي تمنع اللجوء الى الالغام، لا تعتقد بدورها أن المهمة ستكون سهلة. ولا يرى الرئيس خوان مانويل سانتوس أن بلاده ستخلو من الالغام قبل عشر سنوات على الاقل.

وبحسب السلطات، من اصل حوالى 1120 بلدية في البلاد، ما يقارب 700 لا تزال مزروعة على الارجح بالالغام كما انه من غير النادر ايجاد مثل هذه المتفجرات قرب المدارس او الملاعب الرياضية.

وقالت انجي "بعون الله، سنبلغ مرحلة من السلام في كولومبيا. سأكون سعيدة لأن ذلك يعني أن احدا لن يسقط بعدها"، مؤكدة انها تشعر بأنها "طبيعية تماما" على رغم الاعاقة التي تعانيها.

وقد اسفر النزاع في كولومبيا، وهو الاقدم في اميركا اللاتينية، عن سقوط 220 الف قتيل بحسب الارقام الرسمية منذ اندلاعه في ستينات القرن الماضي، اثر المعارك بين الجيش والمتمردين الشيوعيين والميليشيات شبه العسكرية والعصابات الاجرامية.

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً