عقد المكتب السياسي بجمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" اجتماعه الدوري مساء الإثنين 27 أبريل/ نيسان 2015، وكان على جدول أعماله جملة من القضايا التنظيمية الخاصة بالجمعية والوضع المحلي والإقليمي.
وفي بداية الاجتماع تقدم المكتب السياسي بتهنئة الطبقة العاملة البحرينية بمناسبة يوم العمال العالمي الذي يصادف الأول من مايو من كل عام، متمنياً لعمال وشعب البحرين المزيد من التقدم والنجاح في تحقيق المطالب المشروعة للحركة العمالية البحرينية وفي مقدمها العدالة الاجتماعية والعمل اللائق وإنجاز الوحدة العمالية وتوسيع قاعدة الحركة النقابية لتشمل المؤسسات الحكومية التي تعاني من غياب للنقابات العمالية فيها. ودعا المكتب السياسي جميع أعضاء "وعد" وأصدقائهم إلى المشاركة الفعالة في المسيرة الجماهيرية التي يعتزم الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين تنظيمها يوم الأول من مايو المقبل.
أولاً: الجانب الحقوقي
عبر المكتب السياسي عن قلقه البالغ من تدهور الوضع الحقوقي في البحرين وتزايد الانتهاكات بما فيها الاعتقالات التعسفية التي شملت المئات منذ مطلع العام الجاري 2015 وحتى الآن، ومحاصرة القرى والمناطق واستمرار المداهمات وإطلاق الغازات السامة ورصاص الشوزن على المحتجين، وهو الأمر الذي يتنافى مع أبسط قواعد وأسس ومبادئ حقوق الإنسان التي نصت عليها المواثيق الدولية وخصوصاً الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأبدى استغرابه من الصمت الرسمي حول الأخبار والمعلومات التي يتناقلها أهالي المعتقلين وأكدها الذين تم الإفراج عنهم من سجن جو.
والتي تفيد بتعرض مئات السجناء لإساءة المعاملة، إذ أصيب بعضهم بكسور في أنحاء مختلفة من أجسامهم، وفق ما أكد عليه أهالي السجناء. إن ذلك يجري في ظل صمت المؤسسات والهيئات الرسمية ذات الصلة بحقوق الإنسان رغم قيام بعضها بزيارات إلى سجن جو والوقوف على حقيقة ما يجري داخله.
وطالب المكتب السياسي بتحقيق مستقل ونزيه والسماح للمحقق الخاص بالتعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة السيد خوان مانديز بزيارة البحرين للتحقيق والوقوف على الحقيقة، داعياً السلطات رفع المنع عن هذه الزيارة التي تأجلت منذ عدة سنوات. وطالب المكتب السياسي بضرورة الافراج عن معتقلي الرأي والضمير في البحرين وفي مقدمهم القائد الوطني الرمز إبراهيم شريف الذي أنهى ثلاثة أرباع مدة حكمه وتمتنع السطات عن تطبيق القانون الذي وضعته، فضلاً عن الافراج عن النساء والأطفال الذين تزايدت أعدادهم في الشهور القليلة الماضية.
ثانياً: الوضع الاقتصادي والاجتماعي
وتوقف المكتب السياسي أمام التخبط الذي تعاني منه الحكومة وتأخرها لعدة أشهر عن تقديم الموازنة العامة لمجلس النواب، وحيث تعاني البلاد من استشراء الفساد المالي والإداري في إدارات الدولة ومؤسساتها بإقرار وتوثيق من ديوان الرقابة المالية والإدارية، تواجه البحرين استحقاقات مقلقة ازاء الدين العام المتصاعد والذي تبشرنا الدوائر الرسمية بأنه سيصل إلى مستويات خطيرة تشكل قرابة 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وذلك في ظل توقعات بأن تسجل الموازنة العامة السنة الجارية عجزا يقدر بنحو 1.4 مليار دينار ليصل حجم الدين إلى قرابة سبعة مليارات دينار نهاية السنة الجارية. وأبدى المكتب السياسي قلقه البالغ من الأنباء التي رشحت، ونفتها الحكومة، والمتعلقة بتقليص الدعم عن المحروقات بطريقة لا تتماشى مع متطلبات الوضع الاجتماعي والمعيشي في البلاد، مما سيزيد العبء على الفئات محدودة الدخل وسيضاعف من الأزمات التي تعاني منها مثل أزمة الإسكان والبطالة والأجور المتدنية في ظل غياب قانون الحد الأدنى للأجور وتدهور وضع التأمينات الاجتماعية وشحة الأراضي العامة بعد عمليات الاستحواذ التي تمت بشكل غير قانوني الأمر الذي يفرض ضرورة إعادتها إلى الأملاك العامة واستثمارها في حل أزمة الإسكان التي يعاني منها أكثر من نصف المواطنين، إضافة إلى تآكل نسبة الطبقة الوسطى في المجتمع وانزياح العديد من فئاتها إلى المستويات الدنيا، ما قاد إلى انكماش واضح للاقتصاد المحلي وانعكاسه سلباً على الوضع العام. أن تحميل الفئات محدودة الدخل مسئولية انكماش الأداء الاقتصادي وتدني عائدات النفط هو أمر مرفوض والمطلوب تفعيل الأدوات المحاسبية وممارسة الشفافية والإفصاح للحفاظ على المال العام ولجم التسرب في الموازنة العامة بسبب تدهور أوضاع النظام الإداري في الدولة نظراً لاستشراء سياسة التمييز والمحسوبية. كما ان اعتبار الاقتراض خياراً وحيداً لتقديم الموازنة هو نتيجة صارخة للفشل في الإدارة العامة للدولة.
ثالثاً: الوضع السياسي
توقف المكتب السياسي عند الجمود الحاصل في العملية السياسية والسعي المحموم للتضييق على العمل السياسي في البحرين واعتقال النشطاء ورفع الدعاوى على الجمعيات السياسية المعارضة في محاولة جادة لتحجيم العمل السياسي والقضاء عليه، ما ينذر بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه أيام قانون تدابير أمن الدولة السيء الصيت، وحذر من انزلاق البلاد إلى مزيد من الانسداد والاحتقان السياسي والاجتماعي، خصوصاً بعد أن فرض النظام معادلته وانهى الحوار الوطني. وفي هذا السياق توقف المكتب السياسي عند الجدل والحوار الذي يدور في الصحافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي حول تقييم المرحلة السابقة من النضال الوطني وما شابها من انتقادات للقوى الوطنية الديمقراطية المعارضة ومنها جمعية "وعد" ازاء تعاطيها مع الأزمة السياسية الدستورية التي تعصف بالبحرين منذ أكثر من أربع سنوات، وشدد المكتب على أن "وعد" وقوى المعارضة الأخرى لديها الجرأة الكاملة والشجاعة الكافية لتقييم مواقفها خلال الأزمة وقد فعلت ذلك مراراً في مؤتمراتها العامة وفي ورش العمل التي نظمتها وعقدتها ومن خلال البيانات الصحافية والمقترحات التي تقدمت بها سواء داخل الحوار الوطني في جولتيه أو الوثائق التي أصدرتها مثل وثيقة المنامة في أكتوبر 2011 ووثيقة التيار الوطني الديمقراطي في مارس 2012، ووثيقة اللاعنف في نوفمبر 2012 ووثيقة ضد التحريض على الكراهية مطلع 2014، ناهيك عن موقفها من مبادرة سمو ولي العهد التي أطلقها في 13 مارس 2011 حيث وافقت عليها القوى المعارضة في اليوم التالي، وقد سبق لهذه القوى وان قدمت مرئياتها في 3 مارس 2011، إلى سمو ولي العهد بعد أقل من 48 ساعة من دعوته الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني إلى تقديم مرئياتها. وفي هذا الصدد طالب المكتب السياسي الآخرين القيام بالمثل.
لقد أكدت جمعية "وعد" وبمعية القوى المعارضة على تمسكها بضرورة تنفيذ ما نص عليه ميثاق العمل الوطني من تحول ديمقراطي جدي في مملكة دستورية على غرار الديمقراطيات العريقة. كما جددت موقفها النابذ للعنف من أي طرف كان وتمسكها بسلمية الحراك الشعبي باعتبارها خياراً استراتيجيا لا حياد عنه في الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي.
رابعاً: الوضع الاقليمي
أكد المكتب السياسي على ضرورة حقن الدماء في اليمن واللجوء إلى طاولة الحوار الوطني ورفض التدخلات الخارجية من أي مصدر جاءت، ومنح الشعب اليمني الاستقلالية الكاملة في اختيار النظام السياسي الذي يرغب فيه، مثمنا المبادرات التي تطالب بالعودة إلى طاولة الحوار ووقف الحرب وصياغة التوافقات اللازمة لبناء اليمن الجديد الذي يحتضن كل أبناءه دون استثناء.
ونوه المكتب السياسي إلى أن تدهور الأوضاع الإقليمية في العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها من الدول العربية هي بسبب غياب الديمقراطية في هذه المجتمعات واستفراد الأنظمة بالثروة والسلطة ومصادرتها لحرية الرأي والتعبير وتعزيز الحكم الشمولي، مما أثر بشكل سلبي على القضية المركزية للأمة العربية المتمثلة في القضية الفلسطينية التي تواجه تحديات كبرى بسبب إصرار الكيان الصهيوني واستثماره الأوضاع المتردية في البلدان العربية ليضاعف من سياسة الاستيطان ومضاعفة سرقة الأراضي وطرد الفلسطينيين من أراضيهم، محذراً من خطورة تدهور الوضع على الساحة الفلسطينية التي تتطلب وحدة الفصائل لمواجهة العدوان الصهيوني المستمر.