العدد 4617 - الثلثاء 28 أبريل 2015م الموافق 09 رجب 1436هـ

الشاعرة إيمان أسيري في شهادتها الإبداعية... "خارج السرب"

المنامة – وجود للثقافة والإبداع 

تحديث: 12 مايو 2017

ضمن موسم "شهادات إبداعية في التجارب البحرينية" التي تنظمها وجود للثقافة والإبداع بالتعاون مع دار فراديس للنشر والتوزيع تحدثت الشاعرة إيمان أسيري مساء الإثنين الموافق 27 إبريل/نيسان 2015 عن تجربتها الشعرية مروراً بحياتها وتعلقها القراءة كمدخل لأكثر من فنّ "القراءة كانت مدخلاً لدنيا جديدة، ولاكتشافات لا تنتهي من مدن وأناس وحوادث لم تحكِ عنها الجدّة في ليل حكاياتها. ولع الأم بالتطريز والخياطة، كان مدخلي إلى عوالم الرسم، أول ما رسمت (جدتي) برصاص الطفولة، وبفضل أحد الأعمام شقت الألوان طريقها إلى عوالمي".

وواصلت "كان للشغف أن يكبر، وبجهل تام بتقنية الخامة المنبسطة أمامها، العمر في ربيعه السادس عشر، في زوبعة الاختلاط بالمعرفة، في غمار البحث عن الخلاص لأوضاع إنسانية تجدها الصبية غير لائقة بالوجود الكوني. هكذا قدر لها أن ترسم الفكرة المجردة في تعبير فطري تام، بعيداً عن التأثيرات القوية للمدارس الفنية والتي عادة ما يصاب بها دارس الفن التشكيلي، لم يكن الأمر سهلاً، فالاعتماد على الاطلاع في معظم الفنون، لا يفتح غير طرق شاقة، وعليها بمفردها أن تتهجى الخارطة الجديدة دون معلم، كنت أشبهني بالرسام الأول على جدران الكهوف، الدراسة الذاتية بعد ذلك، بما تيسر لها من الكتب الفنية، حينها، شكلت الإضاءة الأولى للدخول في عالم اللون، هذا العالم الذي ارتبط بمفهوم الجمال.

في النص أو العمل الفني، أدركت أني كنت في بحث دؤوب عن الجمال، علم الجمال في قراءاتي المستمرة له، أضاف لي بعض المعرفة بنشأته وتاريخه، وبعد هذا العمر أدركت أن منبع الجمال بدواخلنا نحن نوقظه، نحي به عوالمنا وهو الذي يضيف إلى أعمالنا سمة البقاء، لا شي آخر نلهي به أنفسنا، ونشغل به ما نعمل عليه ونحمله ما لا طاقة له عليه".

وعن تأثرها من الصغر بمراسيم العزاء والطقوس الدينية تقول اسيري:" كان هذا الحزن يأتي سنوياً، يأتي صاخباً في احتفالاته، ونحن الصغار نحتفي به مثله مثل الأعراس التي تشهدها باحة البيت، هذا الحزن المتوارث، عزز مفهوم العدالة و الخير والشر مبكراً إلى أذهاننا، هذا المفهوم الذي لازم النص في الكتابة، بأشكال متعددة، كما دعم في سن مبكرة بالعمل النضالي، لوّن الكتابة الأولى بالوطن والحرية.

الوطن استوطن الكتابة، من البدء، رافقت النساء مسيرتي، كالأخريات تماماً، وكلما كبرنا في الكتابة تصبح طموحاتنا أكبر من هذا الكون كثيراً، وبين الأحلام والواقع ينحشر الإبداع ليحقق صعوبته.

وعن رؤيتها للشعر تضيف "الشعر كائن حقيقي يتجسد في الحياة والحلم، له جناحا عصفور ومخالب نسر، هكذا ركنت إليه، علمني الطيران بجناحيه وشق الطرق بمخالبه.

وعن إنتمائها لقصيدة النثر :" بعد عقد من الزمن جاء الاعتراف به ، كان هذا الطفل فاتحة لولادات أخرى ستأتي تباعاً. الشعر أعطاني وثيقة لم أحد عنها ، لن نرضخ لعبودية ما ولن نستعبد أحداَ، ولن نتزيا بغيره في القلب والقالب، الأسوار ليست لنا- ( على الأقل في الكتابة)-، حتى وإن سورنا بأبعاد ثلاثية، سنحولها إلى مكعبات ضوئية تحمل بشارة ما.

هكذا كان العمل في قصيدة النثر، خلاصة تجربة مريرة في بدئها، سعت إلى إثبات ذاتها بنسل جديد من الكتابة الشعرية".

وتقول "أنا من الجيل الثاني لأسرة الأدباء والكتاب بعد التأسيس، وأقف هنا قليلا، لأشير بأن تأسيس الأسرة جاء كمشروع حداثي، يتبنى الكلمة من أجل الإنسان، والإنسان الذي كنا نعرفه حينها جميعاً كان هو المقهور المقموع من قبل السلطات.

قوبلت نصوصي بالترحاب من قبل البعض، بينما استهجنت من قبل نقاد وكتاب في الأسرة نفسها، وبأن هذه الكتابة لا محل لها من الإعراب في الوسط الثقافي، وكنا حينها في أوج الصراع ضد قصيدة النثر.

هذه الفترة الغنية بصخبها، وبزخمها، كما أظن بالنسبة لي، كانت الكتابة تتشكل بعفوية، كما في الرسم، وبشكل مغاير، لإلفة الآخرين عن نمط الكتابة المتبعة ، حيث المتفق عليه إما سردا أو شعراً ذا تفعيلة، ليسمح لك بالدخول في عالم الشعر، احتفظتْ الذاكرة بالكثير من الصد والتعليقات الجارحة، حول ماهية ما أكتب*( الإذاعة والصحافة)

مشروع الأسرة كان حداثياً، ومع ذلك كانت الذائقة الشعرية منحصرة في التفعيلة والبحور، عشت حالة متفردة، هذه الحالة جعلتني أتساءل: لماذا تكتبين؟ هل تهتمين بشكل ما تكتبين؟ ماذا تسمينه؟

وتختم أسيري : "أصبح الحب المطلق للناس والأشياء من حولي هي سيرتي، أعمتني عن رؤية الكره والخبث والخداع، وأمّنتْ لي حصانة داخلية كلما تعرضتُ لرماحها.

كتابٌ ما زلتُ أقرأ فيه وأنا أهدهدُ الأطفال أهجسُ بصوتٍ داخلي يقرع الوجد لشوق الكتابة، ولكي أكون وفية لذاكرة أطفالي ، سجلتُ حكاياتي لهم في دفتر النوم، كانت الثمانينات من أصعب الفترات في وقتي للحياة.،".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً