شكل المنتج وكيفية التفاعل معه لهما علاقة ماسة بالتصميم، لكنه وفي عالم التقنيات، هو ما يفصل بين المنتج الناجح عن الفاشل. ولا بد هنا من تصميم جيد، أو صناعي بحت بغية إنجاحه. والميزة الفارقة هنا بين منتج وآخر هي واجهة تفاعل المستخدم وكيفية العمل، حسبما أفادت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر اليوم الثلثاء (28 أبريل/ نيسان 2015).
«لا يعتبر تصميم الأشياء المادية فكرة جديدة.. المهم وجود برمجيات جيدة»، يقول جون ماييدا شريك التصميم في «كلينر بيركنز كوفيلد أند باير» الشركة البارزة في عالم المشاريع في وادي السيليكون، والرئيس السابق لمدرسة التصميم في رود أيلند بأميركا. ولكن بالنسبة إلى المنتجات التقنية «فلا يمكن صنع سوار رائع والبرمجيات فيه سيئة، مما قد يدفعك للتخلص منه». وهذا ما ينطبق على المنتجات التقنية التي أصبحت بسرعة من السلع الأساسية، مثل الهواتف الذكية. فهي في هذه المرحلة تملك معالجات سريعة، وشاشات عالية التحديد، وكاميراتها فعالة جدا، وبرمجياتها مصقولة جدا، مما يجعل من السخف التحدث إلى المستهلكين عن وظائفها الأساسية، فالكل يعرف أنها جيدة جدا.
* تصميم متميز
لكن الذي سيميزها عن سائر مثل هذه الهواتف، هو تصميمها المتميز والخبرة البرمجية، وهذان هما أفضل خيارين، ونتائجهما مفضلة من قبل المستهلكين.
وتملك «سامسونغ» بعضا من أذكى التصاميم الصناعية، ومثال على ذلك هاتف «سامسونغ غالاكسي إس 6 إيدج» الجديد الذي تنحني جوانبه الزجاجية عند حوافه لتضم لوحاته الجانبية بعض المميزات، مثل الأضواء الوماضة المصممة حسب الطلب لمعرفة من هو المتكلم، مع قدرة الوصول السريع إلى قائمة المتصلين، فضلا عن مزية ساعة التنبيه ذات الضوء المنخفض. أما هواتف «لوميا» من «مايكروسوفت»، فتنقل مبادئ التصميم عن «نوكيا»، مثل الألوان البراقة، وظهور الأجهزة ذات اللون الجذاب، فضلا عن واجهة التفاعل «ويندوز» الفريدة المصنوعة حسب الطلب على صورة أجزاء من قطع الآجر.
من جهتها، تأمل «موتورولا» أن تجذب أغطية ظهور أجهزة «موتو إكس» القابلة للتبديل، التي تشمل الجلد والخيزران، مع خيارات للعلامات الشخصية، المتبضعين الراغبين في شيء مختلف عن مجرد قطعة معدنية مربعة عادية.
وقد ازدادت أهمية التصميم الصناعي كلما أصبحت الأجهزة أكثر شخصية، ويمكن وضعها أو ارتداؤها على الجسم. فقد أثارت ساعة «أبل» سلفا الكثير من اللغط حول ما إذا كانت تبدو بهيئة أو شكل مقبول، للحلول محل ساعات التصميم، مثل «كايكل كورس»، أو حتى «رولكس».
* شعبية وجاذبية
«الساعات والأجهزة التي توضع على الجسم شرعت تتحرك نحو الميدان نفسه الذي يحتله قطاع تصاميم الأحذية والمحافظ والقبعات»، كما يقول بريت لوفلايدي مؤسس «أسترو ستوديوس» ورئيسها التنفيذي، وهي مؤسسة للتصميم في سان فرانسيسكو.
وقامت «أسترو ستوديوس» بتصميم واحد من أولى الأجهزة شعبية التي توضع على الجسم، ألا وهو «نايكي فيويل باند» Nike FuelBand الذي نجح جدا كما يقول لوفلايدي، لأنه اشتمل على التصميم الطبيعي الذي يوحي بدوره بالصفة الرياضية والقوة، ولأن برمجيته حفزت الأشخاص على اقتنائه عن طريق عمليات المحاكاة المسلية، والمكافآت، والتعاملات الاجتماعية. «لقد كان هذا الأمر نوعا من رزمة كاملة يجري تقديمها»، كما أضاف.
ومثل هذه الرزم باتت الهدف إلى تعمل عليه شركات وادي السيليكون الصغيرة منها والكبيرة. فخلال احتفال «ساوث باي ساوثويست» الذي جرى أخيرا في أوستن في تكساس، عرض «ماييدا» تقريرا أوضح فيه أن التصميم ليس فقط الميزة الفارقة بالنسبة إلى الشركات، بل قد يكون أيضا عاملا مثمرا. فالشركات الجديدة الناشئة التي أسسها مصممون، كما يقول، شرعت تمتلكها بسرعة شركات معروفة باختصاصها التقني. فكل من «غوغل»، و«فيسبوك»، و«أدوبي»، و«دروبوكس»، و«ياهو» على سبيل المثال، قامت بشراء شركات تصميم ناشئة منذ عام 2010. استنادا إلى «ماييدا»، الذي أضاف أن 27 شركة جديدة أسسها مصممون، فضلا عن 10 وكالات للأعمال المبدعة، جرى شراؤها جميعها من قبل شركات تقنية خلال السنوات الأربع الأخيرة. وفي سان فرانسيسكو تقوم شركة للرساميل والمشروعات تدعى «ديزاينر فاند» باستهداف الشركات الجديدة بنوع خاص، التي أسسها مصممون، والتي تمكنت من جمع خبرات عالية في مجال التصميم.
هذا ويقول بين بلومنفيلد الذي شارك في تأسيس «ديزاينر فاند»، الذي كان رئيس المصممين في «فيسبوك» قبل ذلك، إن شركات قليلة بخبراتها، وخاصة في مجال الأجهزة الجوالة، باتت تعرض النظم التي يتفاعل الناس معها يوميا، التي من شأنها أن تتحسن أكثر. ومثال ذلك إمكانية تحسين عمل المسجلات الطبية الإلكترونية لكي تضاهي عمل تطبيقات هواتف «آيفون»، مما يعني أن الطلب على التصاميم، حتى في المجالات الأخرى، وعلى صعيد التطبيقات والتقنيات، بات مطلوبا. وعندما جرى البدء في إدخال التصاميم في مثل هذه المجالات الجديدة، شرعت الشركات تنجح اعتمادا على هذه التصاميم، وفقا إلى بلومنفيلد.
وعلى صعيد التطبيقات والخدمات التي تجعل من التصاميم أولياتها الأولى، مثل «إيربنب»، أو «أوبر»، فإنها تسهل جدا العمليات المعقدة، وهذا تحول كبير بالنسبة إلى الصناعات التقنية التي تقدر الهندسة الذكية وإدارة المنتجات، وهذا يعني أن على الشركات تغيير أسلوب تنظيمها، وعلى موظفيها الذين فطروا على تقييم المنتجات وتقديرها، أن يتعلموا التصميم وإيجاد أعمال ووظائف جديدة في هذا المجال.