أغلق عينيه ليعود إلى النيبال ليروي قصة ثلاثة أيام قضاها يسمع فيه صراخ من حوله خوفاً وجزعاً، ويرى الأرض تنشق نصفين أمامه، والمباني تتساقط في ثوان، والكلاب والغربان تصرخ إنذارا بقرب وقوع هزات ارتدادية، في حين كان الحمام بصيص أمل لهم على انتهاء هذه الهزات.

محمد عبدالله البالغ من العمر 26 عاماً كان في رحلة استكشافية لتسلق الجبال في النيبال هو برفقة أصحابة ليبلغ عددهم جميعاً خمسة أشخاص، روى ما حدث لهم في النيبال في حديث إلى «الوسط» قائلاً:»كنت في رحلة مع أصدقائي وعددنا خمسة أشخاص، وفي مطار النيبال التقينا باثنين، وسمعنا عن وجود 28 شخصا آخرين أيضاً من البحرين».

وأضاف قائلاً:»في يوم السبت 25 إبريل/ نيسان 2015 كانت حياتنا طبيعية جداً وكان الهدوء يلف المكان، كان من المقرر أن ننتقل إلى إحدى المناطق، إلا أن القدر شاء أن يغادر الباص عنا على رغم من تواجدنا، قررنا أن نجلس في أحد المطاعم المفتوحة وكانت الساعة تشير إلى قرابة 12.00 ظهراً، فجأة رأيت الناس تصرخ والأشياء تتساقط والعمارات المحاطة بناء تتهدم، كانت بقربي شجرة ركضت إليها وتعلقت بها، وبقي أصدقائي تحت الطاولة».

وتابع قائلاً:» هدأ الزلزال فكنت أول من يخرج إلى المطعم فرأيت من بعيد مجموعة من البحرينيين الذين تعرفت عليهم يتوجهون إلى الفندق الذي نقطن فيه، غادرت برفقة باقي أصدقائي إلى الفندق وبقينا في ساحة الفندق حتى الساعة الخامسة عصراً وكانت الهزات الارتدادية لا تتركنا إلا قليلاً، وكان عددنا عشرة أشخاص متجمعين في ساحة الفندق».

وأضاف قائلاً: «بعد الساعة الخامسة عصراً قمنا بتوفير كافة احتياجاتنا وكانت هناك ساحة جلس فيها الجميع من نيباليين وأجانب وخليجيين وقررنا أن ننصب خيامنا هناك، كان نباح الكلاب وصوت الغراب يحوم حولنا وكان ذلك إشارة إلى قرب وقوع هزة ارتدادية، كانت مجموعة من البحرينيين لديهم باص وقرروا الذهاب إلى منطقة جبلية ليكونوا بعيداً عن منطقة الزلازل فغادر الجميع، أما أنا فقد رفضت الذهاب ومع إصراري بقي اثنان آخران معنا وكان عددنا هنا ثلاثة بحرينيين في الوقت الذي غادر فيه الباقون إلى المنطقة الجبلية».

وقال عبدالله:» بقي اثنان في الساحة وأصريت على العودة إلى الفندق، إلا أنه سرعان ما شعرت بالخوف وخصوصاً مع تكرار الهزات الارتدادية، عدت إلى الساحة وكنا ننتظر الصباح بفارغ الصبر لنتوجه إلى المطار، حل الصباح علينا وطلبت من أصدقائي المغادرة إلى المطار قبلي وسألحق بهم، إذ كنت أحاول معرفة أخبار باقي من معي ممن توجهوا إلى الجبل فركبت سيارة أجرة وطلبت من سائقها أن يقلني للجبل، لكن سرعان ما غيرت رأيي وطلبت منه التوجه بي إلى المطار، وصلت هناك وكان المطار مكتظا بالسائحين الراغبين في مغادرة النيبال».

وأضاف عبدالله» كنا نحاول الحصول على حجز لأي دولة، إلا أننا لم نتمكن من ذلك، بعدها قررت الاتصال بالسفارة البحرينية في الهند وحصلت على تجاوب هناك رغم صعوبة الحصول على اتصال لعدم وجود شبكة، ما كان يشكل عقبة أمامنا، وبعد محاولات طلب مني الاتصال بالسفارة السعودية في ماليزيا، إلا أنني لم أتلق ردا من السفارة هناك، وقد تفاجأت أن السفارة كانت تحاول الاتصال بي إلا أن عدم وجود شبكات كان سببا في عدم وصول الاتصال لي، إذ إن السفارة بعد عودتي تفاجأت أنها اتصلت على رقمي البحريني والنيبالي».

وتابع قائلاً:»بعد معاناة حصلنا على تذاكر وكان ذلك بتاريخ 26 إبريل 2015 وكان من المقرر أن تكون الرحلة في 27 إبريل أي بعد يوم، لذا قررت أنا أغادر المطار برفقة أصحابي إلى الجبل لنكون بأمان من جهة ولإبلاغ باقي المجموعة من البحرينيين بحجز تذاكر العودة إلى الوطن واستطعنا الوصول إليهم، إلا أنهم لم يتمكنوا من الحصول على حجز في نفس الوقت، ومن المقرر أن يعودوا بعدنا بساعات، بقينا طوال الليل فوق الجبل وكنا عائلة واحد من بحرينيين وعمانيين وإمارتيين وخليجيين، جميعنا كنا عائلة واحدة بقينا تحت المطر والطقس البارد، إلا أننا كنا شعبا واحدا وكان ذلك مما يخفف ألمنا».

وأوضح عبدالله أنه في 27 إبريل توجه برفقة باقي أصحابه إلى المطار وبقي هناك ما يقارب 19 ساعة وقد تفاجأنا بان هناك اثنين بحرينيين آخرين ومعه بريطاني الجنسية وأردني الجنسية وأخرى من قبرص يعملون في البحرين كانوا أيضاُ في رحلة إلى النيبال، مشيراً إلى أن اليأس دب في نفوس الجميع بعد تأخر رحلتهم وذلك لكون أن الصين والهند بعثت طائرات لنقل رعاياها مما سبب تأخرا في هبوط طائراتهم، مشيراً إلى أنه بعد 19 ساعة غادر النيبال برفقة 8 أشخاص خمسة منهم بحرينيون وآخرون أجانب كانوا قد غادروا النيبال ليكونوا أول دفعة تصل إلى البحرين.

وختم حديثه بالقول: «كان الوضع رهيبا، لكننا كانا كعائلة واحدة وشعب واحد لم نكن نهتم بجنسيات بعضنا فكنا نتقاسم الخبز والبطانيات، كنا قلباً واحداً، تركنا كبحرينيين خيامنا ونقوداً وجميع حاجياتنا هناك فهناك من يحتاج لها».