لا تتميز كل القارات بذات التنوع من حيث عدد اللغات المنطوقة فيها. حيث تتصدر آسيا الإحصائيات بعدد 2301 لغة، تعقبها أفريقيا بعدد 2138 لغة. وهناك نحو 1300 لغة في منطقة المحيط الهادي، و1064 لغة في جنوب وشمال أميركا. أما أوروبا وعلى الرغم من كثرة الدول القومية فيها فلا تأتي إلا في نهاية القائمة بعدد 286 لغة فقط. وبعض القارات تسودها مزيد من اللغات عن غيرها، فليست كل القارات على قدم المساواة في عدد اللغات المنطوقة، حسبما أفادت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر اليوم الثلثاء (28 أبريل/ نيسان 2015).
وأضافت الإحصائيات أن اللغة الصينية تتصدر نسبة المتحدثين الأصليين فيها بنسبة أكبر عن سائر اللغات، حيث يتحدث الصينية 39.1 مليار شخص، تليها الهندية (الأردية)، واللتان لهما نفس الأصول اللغوية في شمال الهند بـ588 مليون شخص، تليها اللغة الإنجليزية بـ527 مليون ناطق ثم العربية بـ467 مليونا بأكثر من 100 مليون ناطق أصلي عن اللغة الإسبانية.
تعد تلك الأرقام مذهلة نظرا لأنها تعكس حقيقة مفادها أن ثلثي سكان العالم يشتركون في 12 لغة أصلية. نشرت تلك الأرقام مؤخرا بواسطة عالم اللغويات أولريش أمون في جامعة دوسلدورف، والذي أجرى دراسة استغرقت منه 15 عاما من الأبحاث. وضمن الدراسة هناك 101 دولة تستخدم اللغة الإنجليزية، تليها العربية حيث تستخدم في 60 دولة ثم الفرنسية 51 دولة، وتتذيل البرتغالية القائمة بـ12 دولة فقط.
وتأتي أرقامه المذكورة مذهلة بحق عند مقارنتها بأرقام كتاب «الحقائق العالمية» لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، الذي يقول إن «استخدام الإسبانية أكثر من اللغة الإنجليزية». ومع ذلك، فإن أرقام الاستخبارات الأميركية لا تذكر إلا اللغات الأصلية الأولى. فالكثير من الناس يتحدثون لغتين، وفي حين أن اللغة الإسبانية هي لغتهم الأم، فقد تكون الإنجليزية هي اللغة الثانية. ويحصي أمون كل منا للغتين الأولى والثانية للمتحدثين الأصليين.
والرقم المذكور للغة البرتغالية هي أقل مما تشير إليه المصادر نظرا لأنه ليس كل سكان البرازيل هم من المتحدثين الأصليين. وقد يصاب البعض بالذهول أيضا حينما يعرفون أن اللغتين الكورية والبنجاب لا تظهران من الأساس على تلك القائمة: وكلتاهما في واقع الأمر واسعتا الانتشار على غرار اللغة الإيطالية.
كما يظهر تصورنا لمؤشر غرينبرغ للتنوع اللغوي، لا تتمتع الولايات المتحدة الأميركية بالتنوع الذي تتمتع به دول أخرى. فإذا ما تخيرت شخصين بصورة عشوائية في الكاميرون، على سبيل المثال، فهناك احتمال مرجح بنسبة 97 في المائة لأن يكون لكل منهما لغة أصلية مختلفة عن الآخر. أما في الولايات المتحدة، فهناك احتمال مرجح بنسبة 33 في المائة فقط.
السبب الكامن وراء كون اللغة الإنجليزية والفرنسية ولإسبانية هي من بين اللغات الأوسع انتشارا على مستوى العالم تعود جذوره إلى التاريخ الاستعماري للدول التي نشأت فيها تلك اللغات.
رغم ذلك، فإذا كانت الدولة تعتمد اللغة الإنجليزية كلغة رسمية لا علاقة مباشرة لذلك بوسيلة تواصل مواطنيها مع بعضهم البعض في الداخل. ففي بعض الدول المشار إليها أعلاه، تعلمت أقلية صغيرة من السكان اللغة الإنجليزية كلغة أصلية. على الرغم من ذلك، فإن أكثر اللغات لا يتحدث بها إلى فئة قليلة من الناس. وذلك السبب في أن نحو نصف لغات العالم سوف تشهد انقراضا بحلول نهاية هذا القرن.
يتحدث نحو 3 في المائة من سكان العالم نسبة 96 في المائة من اللغات المنطوقة حاليا. ومن بين كل اللغات العالمية، فإن 2000 لغة لا يتحدث بها إلا 1000 متحدث أصلي فقط. وبالتالي، ووفقا لتقديرات منظمة اليونيسكو، والتي عبرنا عنها في الخريطة أعلاه، فإن نحو نصف اللغات المنطوقة حول العالم سوف تنقرض بنهاية هذا القرن.
سوف تشهد بعض الدول والأقاليم حالة الانقراض اللغوي بصورة أشد من غيرها. ففي الولايات المتحدة، فإن اللغات المهددة توجد على طول الساحل الغربي، فضلا عن تجمعات السكان الأميركيين الأصليين في الغرب الأوسط من البلاد.
وعلى الصعيد العالمي، فإن غابات الأمازون المطيرة، وجنوب الصحراء الأفريقية، وأوقيانوسيا، وأستراليا، وجنوب شرقي آسيا في طريقها إلى فقدان غالبية اللغات المنطوقة هناك. في حين تتراجع اللغة الإنجليزية من حيث عدد المتحدثين الأصليين، إلا أنها حتى الآن أكثر اللغات العالمية شيوعا من حيث التعلم. وبوجه عام، يتعلم الكثير من الناس اللغة الإنجليزية أكثر من الفرنسية والإسبانية والإيطالية واليابانية والألمانية والصينية مجتمعات.
اكتسبت بعض اللغات اهتماما في الآونة الأخيرة فقط: حيث ارتفع عدد الكليات الأميركية التي تدرس اللغة الصينية بنسبة 110 في المائة في الفترة بين عامي 1999 و2013، مما يسهل من تعليم تلك اللغة. وفي ذات الفترة المذكورة، انخفض عدد دورات اللغة الروسية المعروضة بنسبة 30 في المائة.
يمكن لبعض المهارات اللغوية أن تكون أكثر جدوى عن غيرها. فإذا كان قادرا على الحديث باللغة الألمانية، فإن المواطن الأميركي يمكنه اكتساب 128 ألف دولار زيادة طوال مسيرته المهنية، وفقا للبروفسور ألبرت سيز من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. ومن الناحية المادية على أدنى تقدير، تكتسب اللغة الألمانية زخما مضاعفا عن اللغة الفرنسية، وتقريبا 3 أضعاف الزخم التي تكتسبه اللغة الإسبانية، على سبيل المثال.