لماذا تتهاون بعض الحكومات مع رؤوس وأقطاب التطرف والتشدد والتكفير والقتل ثم تدعي الويل والثبور وتشكو منهم؟ هل من باب «الدولة الطائفية» تدخل بعض الحكومات كطرف مذهبي ضد طرف مذهبي آخر؟ وكيف يكون ذلك ولماذا؟ وماذا تستفيد تلك الحكومات حينما تناصر مذهباً أو مكوّناً ضد مذهب ومكوّن آخر من مواطنيها؟ أليس في ذلك سقوط خطير ومدمر للنسيج الوطني وللسلم الاجتماعي؟ وكيف تعجز بعض الحكومات عن إبعاد الديني عن السياسي لوأد الصراع الفتاك بالأوطان كما هو حاصل اليوم في كثير من الدول؟
تلك التساؤلات المشروعة، رغم تعدد إجاباتها وربما الخلاف حولها، كانت مطروحة في ندوة مهمة لجمعية «المنتدى» بعنوان «تحصين الشباب من التطرف الديني»، تناول فيها عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة قطر سابقًاً، الأكاديمي والكاتب عبدالحميد الأنصاري مساء الثلثاء (21 أبريل/ نيسان 2015) جوانب جريئة ومباشرة وشفافة وصادقة في مناقشة ظاهرة التطرف وأسبابها وانعكاساتها، ومن باب ما طرحه أمام الحضور مصطلح «دولة الحياد»، فيما يتعلق بتعامل الحكومات والدول مع المواطنين بعيداً عن التصنيف الديني والمذهبي والطائفي. وهذه جزئية مهمة باعتبار أن اشتعال الصدام الطائفي الدموي في بعض المجتمعات، كان نتيجة غياب مفهوم دولة الحياد التي شبهها الأنصاري بأنها كـ «الأب»... كيف؟
والإجابة تكمن في أنه يتوجب على الدولة «أن تتعامل مع (المواطن) باعتباره مواطناً وليس بناءً على معتقده، فالدولة هنا مثل الأب، ومكونات المجتمع هم أبناء ذلك الأب، ولا يجوز للأب أن ينحاز، ولذلك فإن ما يجري الآن من مناصرةٍ لمذهبٍ على الآخر خطأ فادح، فالصحيح أن نحيط بالإسلام الصحيح ونفهم الآخر، وليس مطلوباً منّا إفحام الآخر أو الانتصار عليه والتصفيق للطرف المنتصر» (انتهى الاقتباس).
مع شديد الأسف، وقعت الكثير من الدول العربية والإسلامية في طاحونة التمييز الديني الطائفي بين مواطنيها، وسواءً كانت تدرك أو لا تدرك مخاطر ذلك التمييز في هتك دعائم السلم الاجتماعي، وسواءً كانت صادقة أم كاذبة في نفي التمييز والتعامل مع مواطنيها سواسية، إلا أن منظمات دولية عديدة كانت ترصد وتتابع وتدون في تقاريرها حقيقة الأوضاع، وليس ببعيد عن الأمر، في شهر أغسطس/ آب من العام الماضي (2014)، حذرت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) في اجتماعها بالرباط في المغرب، الدول الأعضاء من المخاطر المتزايدة للطائفية والتطرف والعنف والتعصب، وأن تولي اهتماماً بقطاع شبابها، بغض النظر عن أديانهم ومذاهبهم، وتأهيلهم ليكونوا بناة لمجتمعاتهم ومشاركين في تنميتها والمحافظة على استقلالها ووحدة أراضيها وصيانة مكتسباتها. وهذه النتيجة لا تتحقق إطلاقاً في دول تنكر التمييز الطائفي وتدعي محاربته من جهة، وتمارسه بشكل خبيث على أكثر من جهة.
ولكن... ما الذي دفع منظمة «الإيسيسكو» للتركيز على هذه الجوانب بعينها؟ والجواب أن المنظمة عبّرت عن القلق الشديد من تصاعد آثار التطرف والطائفية التي عمت المنطقة، ودون شك، لا يمكن إنكار الممارسات الطائفية الخطيرة التي تمارسها بعض الدول والحكومات، حتى لو ادعت غير ذلك، فليس من العسير التبين مما يحدث في بعض الدول من استهداف طائفي دموي لبعض المكونات، والانتصار لمكونات أخرى، ليتحول ذلك الانتصار إلى هزائم مذهلة تحرق الوطن في معركة البيت الواحد، ولا ينتصر فيها أحد في نهاية المطاف.
وقد نصاب بالذهول حين نطالع بعض الدراسات والتقارير وإصدارات المنظمات الحقوقية والإنسانية في شأن الأوضاع في بعض دول العالم العربي والإسلامي، إلى حد أن بعض الحكومات أصبحت تغذّي الصدام الطائفي عبر مدارس ومعاهد دينية وجامعات وجوامع ومؤسسات دينية ومنظومات إعلامية واسعة الانتشار والتأثير، لنشر ثقافة الكراهية والتشدد والتطرف الديني تحت عنوان رئيس خادع، وهو الدفاع عن الدين الإسلامي! حتى تحوّل آلاف الشباب من العرب والمسلمين إلى قنابل فتاكة تعشق الدماء والدمار والخراب، سواءً بفاتورة مسبقة الدفع بأموال قذرة أو بالمجان، فالنتيجة الأولى والأخطر لغسيل الدماغ هي استباحة دماء المخالفين... لوجه الله! فالجنان بحور العين تنتظر بشوق ولهفة ذلك «المؤمن» الذي وجد أفضل وسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بذبح عباده في المساجد والجوامع والشوارع والطرقات.
لقد ساق المحاضر عبدالحميد الأنصاري نقاط حلول محورية على رأسها ضرورة تجفيف الينابيع التي تغذّي شجرة التطرف، وتقديم معاني الإيمان بالمواطنة وإبعاد الدين وإخراجه عن ساحة الملوثات السياسية. بيد أن كل ذلك لا يمكن أن يتحقّق مادامت بعض الدول والحكومات ماضية في تغذية وتمويل ودعم «المؤمنين الموحدين» الباحثين عن الجنة على أشلاء الأبرياء.
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 4613 - الجمعة 24 أبريل 2015م الموافق 05 رجب 1436هـ
يعرفون كل شيء ولكن ليس لديهم حل آخر
كل دولة تمارس هكذا فعل تقصد ذلك و تعرف أنه يفتت البلد و لكن ليس لديها حل آخر للبقاء في السلطة سوى الطافية لأن بتحارب مكونات المجتمع تتسيد السلطات الغاشمة !!
الدولة الطائفية معروفة للجميع 1155
وجميع الشعوب العربية تعرف هذا إلا الطائفيين ومن يؤيد احتلالها للعواصم العربية
الطائفية
الطايفية مرض قبيح سيدمر الامة لم نكن نعرف الطائفية قبل عام تسعة و سبعين
..........تشعل نار الاحتراب المذهبي ثم تشتكي من صعوبة اطفائها
نعم هو واقع مرّ تقوم ................ وذلك باشعال الفتن الطائفية ثم حين تشتعل هذه الفتن يصبح من الصعب اطفائها فتقوم هذه الدول بالتباكي على حالها
وصف الدولة بالاب ليس وصف موفق
الدولة اشبه بشركة يمتلكها الشعب وليست ابوية