أكد رئيس هيئة الإفتاء والتشريع المستشار عبدالله البوعينين أن الهيئة أنجزت 1168 موضوعاً العام 2014 في إداراتها الثلاث (التشريع والجريدة الرسمية، الإفتاء القانوني والبحوث، المعاهدات والاتفاقيات الدولية والعقود)، وهو ما يعكس حجم الجهد المبذول من جانب الخبراء والعاملين فيها، وخاصة عند النظر لحجم الزيادة في كمّ المهمات القانونية المنجزة خلال السنوات القليلة الماضية، مشيرا إلى أن الهيئة أنجزت 973 موضوعاً العام 2012 زاد إلى 953 موضوعاً العام 2013، وفي العام الماضي أنيط بالهيئة، الى جانب مسئولياتها الأخرى، مسئولية تنظيم العملية الانتخابية برمتها من الناحية اللوجستية، حيث عملت كخلية نحل لكونها الجهة المنظمة للانتخابات النيابية والبلدية.
وقال البوعينين، في لقاء خاص مع وكالة أنباء البحرين «بنا» امس الاربعاء (22 أبريل/ نيسان 2015)، إن حجم العمل بالهيئة لا يقاس بالكثافة العددية للعاملين بها، وإنما بالمهمات الموكلة لها نظراً لاختصاصاتها العديدة المقررة قانونا، بالإضافة إلى خططها المستقبلية التي تمضي فيها قدما من أجل التطوير، لافتا إلى أن الهيئة تفخر بأن لديها كفاءات بحرينية صقلت مهاراتها القانونية وزادت خبراتها التراكمية، حيث بلغت نسبة القانونيين البحرينيين اليوم 82 في المئة، ويبلغ العدد الكلي للخبراء بالهيئة 40 قانونياً، 20 منهم بدرجة مستشار، و18 بدرجة مستشار مساعد، واثنان بدرجة باحث قانوني، علما بأن ثمانية من أعضاء الهيئة منتدبون إلى جهاز قضايا الدولة.
وأشار إلى أن الهيئة تقوم بإبداء الرأي في العقود التي تبرمها الوزارات والمؤسسات والهيئات العامة والجهات الخاضعة لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات والمشتريات والمبيعات الحكومية، ولا يجوز لأي منها أن تبرم عقداً تزيد قيمته على 300 ألف دينار بغير مراجعته بالهيئة، وهو ما مكنها من الحفاظ على حقوق جهة الإدارة (الوزارات والجهات الرسمية) والوقوف على المشاكل العملية التي تنتج عن الثغرات القانونية في صياغة العقود وتفاديها، وتحرص الكثير من الجهات الخاضعة لقانون المناقصات على عرض عقودها على الهيئة للمراجعة، ليس التزاماً بالنص القانوني فحسب، وإنما ثقة أيضاً بما تبديه الهيئة من آراء عند المراجعة، كما تقوم بعض الجهات بإرسال عقودها بعد التوقيع عليها، أو في حال وجود خلاف على العقد، وفي الحالتين فإن تلك الجهات هي التي تتحمل مسئولية المخالفات، وستكون محل ملاحظة للجهات الرقابية.
وذكر أن «رأي الهيئة ملزم أدبياً، حيث اختصها القانون بإبداء الرأي للجهات الحكومية، ومن المستقر أننا لا نبدي الرأي القانوني في أي مسألة موجودة في أروقة القضاء لكونه الجهة المختصة بالفصل فيها، ولا يوجد ما يمنع بأن يستند دفوع الجهات الحكومية إلى رأي الهيئة سواء في قضية لاحقة في القضاء أو عند إثارة الموضوع مع الجهات الأخرى كالسلطة التشريعية أو كديواني الرقابة الإدارية والمالية، إذ إن ذلك أمر خاضع إلى ما ترتئيه هذه الجهات وحدها لبيان مدى التزامها بتطبيق وإعمال حكم القانون في ممارستها لعملها واختصاصاتها»، مشيرا إلى أن «إبداء الهيئة لرأيها القانوني في أي مسألة تعرض عليها يقتصر على الواقعة العملية المحددة التي أبدت فيها رأيها دون أن يمتد هذا الرأي إلى أي وقائع أخرى، ونرفض أن يتم أخذ رأينا كمبدأ ثابت يطبق على أي وقائع مستقبلية تواجهها الجهة الحكومية».
وعن الآلية المتبعة في تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والمراسيم بقوانين، أشار البوعينين إلى أن ذلك أحد الاختصاصات التي نص عليها قانون هيئة التشريع والإفتاء القانوني وفقاً للقانون رقم (60) لسنة 2006 المعدل بالمرسوم بقانون رقم (34) لسنة 2010، الذي أعطى طلب التفسير لأربع جهات وهي: رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشورى، رئيس مجلس النواب، أو من أحد الوزراء.
وقال إنه في حالة الخلاف على تفسير نص في الدستور أو القوانين أو المراسيم بقوانين بين الحكومة ممثلة في مجلس الوزراء ومجلسي الشورى والنواب أو أحدهما، أو بين المجلسين، يكون التفسير الصادر من الهيئة ملزماً للأطراف إذا كان قد صدر بناءً على طلبهم، أما إذا كان طلب التفسير من إحدى الجهات الأربع التي حددها القانون، ولم يكن مشتركاً مع جهة أخرى من الجهات المذكورة، فإن طلب التفسير يكون ملزماً أدبياً فقط للجهة طالبة التفسير.
وبيّن أن من ضمن مهمات الهيئة أيضا إعداد ومراجعة صيغ المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تبرمها الدولة أو تنضم إليها، وذلك للتأكد من عدم مخالفتها للدستور، وعدم تعارضها مع سيادة الدولة، وإيضاح مدى اتفاقها مع القوانين والمراسيم والأنظمة المعمول بها مع إبداء الرأي في الإجراءات القانونية اللازمة لإبرامها أو الانضمام إليها، وقد راجعت الهيئة الكثير من المعاهدات والاتفاقيات، وهو أمر تحرص عليه الجهات المعنية.
وشدد على أن الهيئة أحد شركاء ثلاثة يختصون بالعملية التشريعية، حيث تقوم بالصياغة التشريعية لمشروعات القوانين المقدمة من الحكومة، والاقتراحات بقوانين المقدمة من السلطة التشريعية، وهو دور قانوني بحت، تقوم فيه الهيئة بعقد المزيد من الاجتماعات مع الجهات ذات الصلة، وهي المرحلة الأولى من العملية التشريعية التي تمثل الأعمال التحضيرية السابقة على إعداد التشريع، ثم ترفق الحكومة بعد ذلك مذكرتها بمشروع القانون وتضمن فيه وجهة نظرها، ومن بعد ذلك يأتي دور السلطة التشريعية التي لها القول الفصل في إصدار التشريع ووضعه موضع التنفيذ، وهذا الأمر ينطبق على قانون المرور وعلى غيره.
يذكر أن الهيئة قامت بإصدار العديد من الإصدارات التي توثق أعمالها، والتي يمكن الاستعانة بها في فهم قضايا أو ملفات بعينها، منها: كتيب بعنوان «المختار من فتاوى دائرة الشئون القانونية»، وله إصداران الأول عبارة عن فتاوى مختارة منذ إنشاء دائرة الشئون القانونية العام 1970 (وهو اسم الهيئة السابق) حتى العام 2000، أما الإصدار الثاني فقد غطى المرحلة الزمنية من 2000 حتى نهاية 2006، وجار حالياً إعداد الإصدار الثالث ليغطي الفترة من العام 2007 حتى 2014، وأطلقت الهيئة تطبيقاً لتشريعات البحرين بالتعاون مع هيئة الحكومة الإلكترونية للتسهيل على المهتمين كافة بمتابعة التشريعات البحرينية.
وستصدر الهيئة خلال هذا الشهر العدد الثالث من مجلة «القانونية»، وهي مجلة علمية محكمة نصف سنوية متخصصة في المجال القانوني على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. وبين فترة وأخرى، تقوم الهيئة بإصدار كتيبات للقوانين الحديثة المهمة، فضلاً عن ترجمة بعضها للغة الإنجليزية، وجميع تلك الإصدارات موجودة لدى الهيئة وبالإمكان اقتنائها.
كما أن ردود الهيئة بشأن الاقتراحات بقانون موثقة في جداول أعمال جلسات مجلسي الشورى والنواب. ويُنتظر هذا العام إعداد دراسة تفصيلية بشأن المبادئ القانونية المتعلقة بصياغة التشريعات وستقدمها إلى «اللجنة الدائمة لمسئولي إدارات التشريع بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، باعتباره أحد التزامات الهيئة، حيث أعدت مسودته الأولى التي أُقرت في الاجتماع السابع للجنة الذي استضافته المنامة في سبتمبر/ ايلول 2013.
العدد 4611 - الأربعاء 22 أبريل 2015م الموافق 03 رجب 1436هـ