بعد أربعة أعوام من التقلبات السياسية التي عصفت بالمنطقة العربية من مشرقها إلى مغربها، برزت مفاهيم ومصطلحات جديدة أدخلت معظم حركات الشارع والمعارضة في «جمود سياسي». هذه المرحلة جاءت مباشرة لقمع ومقاومة مبادئ الربيع العربي التي خرج الناس من أجلها، وحل محلها العقاب والعذاب والفتن والحروب.
وفي عالم السياسة المتغير، فقد أصبح أسلوب الزجّ في السجون والمحاكمات القضائية أخبارا يومية، وكأنها جاءت لإنهاء المطالب المعيشية والمشروعة وقمع حراكات مشروعة، كان بالإمكان الاستجابة لها من دون الدخول في متاهات لا تنتهي. لقد أصبحت حتى تلك الحقوق المتاحة على الهامش ممنوعة في كثير من البلدان، وانتهى حق التنظيم السياسي وحق التظاهر وحق حرية التعبير، واستبدل الآن بلغة تعتمد القبضة الحديدة من كل جانب.
هناك من يرى أن المواطن العربي يجب أن يبقى منكِّسا رأسه أمام النظام السياسي الذي يحكمه، ولا يسمح له بنقده، راميا بعرض الحائط كل ما يقال ويكتب من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية عن أهمية الاستماع لمطالب الناس وإشراكهم في عملية اتخاذ القرار.
إن كل هذا يعكس الخلل الكبير الذي أوصلنا إلى حالنا المزرية، إذ ينعدم مفهوم حرية التعبير وممارسة العمل السياسي، ويحل محل ذلك التشكيك والمواجهات والقمع والسجون.
إن الاصلاح المنشود لا يتحقق إلا اذا خرجنا من شرنقة الموروثات البالية التي تستخدم الدين او العادات كغطاء لاضمحلال دور المجتمع ومنع العدالة وعدم احترام التعددية.
إن ما يحدث اليوم في الساحة العربية يمثل انسدادا لجميع طرق ووسائل التفاهم، وهذا يفسر التجاوب الشبابي مع الربيع العربي قبل أربعة أعوام؛ لأن الشباب هم الأكثر تعرضا للاضطهاد والمعاناة من غيرهم. الآن وبعد أربعة أعوام، فإن الربيع العربي تم اختطافه وتحويله الى فتن طائفية تفرق وتفتت المجتمعات وتنهك المنطقة من كل جانب.
ولو نظرنا إلى حركات وثورات المنطقة العربية التي انطلقت عبر حقب تاريخية مختلفة، فقد بدأت بمكون، لتلحق به بقية المكونات. وهذا ما حدث مثلا لحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة التي انطلقت مع مارتن لوثر كينج في ستينات القرن الماضي. وقد حمل أفارقة الولايات المتحدة مفاهيم جديدة في هذه الحركة؛ نظراً لواقع الظلم الذي نزل عليهم بشكل أكبر عبر مراحل زمنية مختلفة، ثم انضم لحركتهم جميع الأديان والطوائف، وتحديداً عندما رأوا الإصرار من أصحابها.
الأمر نفسه حدث مع حركة غاندي في الهند ضد البريطانيين، فالجميع انضم لها في نهاية الأمر، حين رأوا نجاح الحركة ومعطياتها التي تتمثل في مطلب الحقوق المدنية والسياسية للجميع.
أما في الواقع السياسي العربي، فإن الحراك الذي بدأ سلميا وعفويا اصبح الآن يعيش تحت هواجس الخوف، ويخضع للانتماءات التي تغلب عليها الأيديولوجيات الطائفية، وهذه جرفت الشباب بدلا من ترشيدهم.
لقد خلقت بيئة سلبية تزيد من تخوف كل طرف من الآخر، ويتضاعف ذلك حين يطال الأمر مصالح بعض الأطراف. بل ويزداد تعقيداً لحظة استغلاله من قبل قوى معينة، تعمل على تغليف هذا الصراع بغلاف طائفي، لينتهي كل ذلك بعودة الخلافات التاريخية للواجهة التي تدعمها ماكينة إعلامية تفرق ولا توحد، إضافة الى استمرار خوف فئة معينة على مصالحها، ما يدفعها للصمت والانزواء على نفسها.
إن وجهات نظر المفكرين الديمقراطيين تركز على أهمية حرية التعبير في الاصلاح والتطوير المجتمعي الذي يشمل الجميع، وهو دون شك كلام ينصبّ في صلب الواقع المجتمعي الذي تشهده معظم الدول العربية الغارقة في انقسامات ونزاعات أضاعت بوصلة الحركات المطلبية للحقوق المدنية والسياسية.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4608 - الأحد 19 أبريل 2015م الموافق 29 جمادى الآخرة 1436هـ
المحترمة ريم الخليفة الطائفية وخلق الفتنة لا تبرر ابدأ 1020
مارتن وغاندي لم يؤسسا أحزاب عنصرية أو دينية أو مذهبية لننظر لكوارث مثيلاتها في المنطقة ونتعض وهل فيه سبب واحد مقنع لعدم تأسيس جمعيات مدنية بالعكس بزيادة الروابط الاجتماعية وتمتين الثقة يأتي كل خير
الحراك في البحرين ليس طائفيا
وليش الآخرون غير واحنا غير والله اسياد طلبوا منك الاستمرار في تحشيد الانقسام
تحليل في الصميم
اختي الكاتبة .تكلمتي عن واقع مرير لكن الحراك مازال موجودا رغم القمع