هناك من الحكام العرب، من يفترق عن شعب بلاده، فيقسم أفراد المجتمع، إلى قلة معه بالسمع والطاعة، المشروطة بالتنازل عن الحرية والكرامة، وبالتنازل إرادياً للحاكم، أن يسُوسَها بما يراه، بما يجعله عندهم محاطاً بهالة أنه يرى ما لا يراه العامة من الناس، فأولئك يرضخون لمقولة، مهما بلغ الأفراد من العلم والمعرفة، فإنهم لن يطالوا ما منحه الخالق لسيدهم، من الحكمة وسداد الرأي؛ وإلى الغالبية ممن يملك الإرادة وعزة النفس والإنسانية، ليقول للحاكم إن أخطأ، وجب عليك التصويب والتصحيح، ويتفارق الفريقان بما تمنحه الدولة لأفراد الفئة الأولى، من القوة والسطوة، التي يدعمها الترخيص باستخدام وسائل القوة، ومرافق الدولة الجبرية من السجون، وصلاحيات القبض في مختلف الزمان والمكان، والحماية من المحاسبة والقصاص.
ونتيجة التحكم في تعيين القائمين على إدارات الدولة، وخصوصاً تعيين أولئك العاملين في جهازها التنفيذي، فإن هؤلاء المعينين يحسبون أنفسهم على تلك القلة، التي تتسم بالسمع والطاعة، فإن رضي عنهم الحاكم فهم أصابوا وغنموا، وإن أخطأ واحدهم وأمالَ ميزان العدالة، فلا خوف عليه من أيٍّ كان، سوى الحاكم، فله منه ما يراه، ولا منة عليه من سواه.
وهكذا تنبني الدولة العربية بما يشاء بعض الحكام، بمن يأتمر ويَتبَع، فكل أجهزة الدولة، ووسائل الإعلام الرسمية، تكيل المديح للمرغوب، والذم للمغضوب عليهم، لدرجة إسباغ الإيمان على الأول، والكفر على الآخر، أو عن طريق المنح، لمن يلتحف إبط الدولة، والمنع عمن سواه، أو عن طريق الحماية من المقاضاة، لمن يخدم السلطة في شيء من تجاوزاتها أو ظلمها وجورها، ولسان حالها يقول: «المال مالنا، نشتري به ما نشاء، ومن نشاء».
يفترق بعض الحكام عن الشعوب التي ما كأن أصل بلادهم، الأرض أرضهم والخيرات خيراتهم، وما كأن مبدأ «العدل والمساواة أساس الحكم»، ذو صلة بأفراد المجتمع من المواطنين، بل بمن يشترونه، بما وضعوا أيديهم عليه من المال العام، سواء من داخل الوطن أو من خارجه.
وهكذا ترى بعض الدول العربية التي يحكمها أصحاب نزعة الاستفراد، بما تربوا عليه في النشأة، واعتادوا عليه في المسلك، تغص السجون بمعارضيهم السياسيين بالآلاف، ليس هذا فحسب، بل ويتعرض هؤلاء السجناء لشتى أساليب الأذى والمس بكرامتهم الإنسانية، على الرغم مما تدعيه السلطات، بأنها حريصة على حفظ حقوق الإنسان وكرامته، بما أنشأت من هيئات ومؤسسات حقوقية. وطبيعي ذلك، بما أن هذه الهيئات والمؤسسات، هي معينة من قبل الجهة المدعى عليها.
وترى هذي الحال في تلك الدول، تعود وتتكرر، بشكل دوري، من بعد الوعود بالإصلاح، التي لا يوفى بها، سوى جزئياً إلى حين، لضمان تحقيق انقسام المجتمع من جديد، ذاك الانقسام الذي تنفخ السلطات في ناره، سواء السياسية أو الدينية أو الطائفية أو العرقية، وفي حال لم تجد شيئاً من ذلك في الداخل الوطني، شَخَصَت بأبصارها التفريقية، لربط معارضيها من المواطنين، بالتواطؤ مع الدول الأخرى والكبرى، بما يخدمها في التصدي الأمني العنيف، للمطالبين بالتغيير الإيجابي، لإشراك الشعوب في قرارات الحكم، وبإخضاع السلطات وأفراد أجهزة الدولة، للرقابة والمحاسبة الشعبيتين.
والتاريخ الحديث، شهد بذلك في شهادتين، عايشهما ذات الجيل في بلادنا العربية، بما جعل أكثرية من الشعب، ما بين مُتَّصِف في شخصه، أو قريب أو صديق لمُتَّصِفٍ، بالملاحق أمنياً في الداخل والملاحق سياسياً في الخارج، والمنفي خارج البلاد خياراً أو قسراً، وبالمعتقل السياسي، وبمن مسّه التعذيب، وبمن افتقد الشهيد من أهله وزوجه وأبنائه، ومن فقد مصدر رزقه ورزق من يُعِيل...إلخ.
فإذا لم يكن لنا شأن بخارج بلادنا العربية، إلا ما يطالنا فيها، ومثلنا من يدعو إلى عدم التدخل القسري، في شئون شعوب الدول الأخرى، وخصوصاً شعوب الدول العربية والجارة، فإلى متى تستمر المظالم في بلادنا العربية، بما جعل منها رهن القلاقل والصراع باستمرار. فما لم ينصلح حال البلاد والعباد، فإن المستقبل القريب لا يبشر بالخير للجميع، وما ضعفت دولة إلا حين افترقت سلطاتها عن شعبها.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4607 - السبت 18 أبريل 2015م الموافق 28 جمادى الآخرة 1436هـ
هية فوها
تكبر وتتسع يوم بعد يوم
يوم القيامه الظالم يشكتي على مساعديه
يوم الحساب والعدل اليوم الإلهي الظالم يشكو الى الله سبحانه وتعالى على من ساعده فلولاء هؤلاء يشجعونه ويسندونه في الظلم ويرسمون له بانك انت الصحيح وكل هؤلاء خطا ويجب الفعل بهم هكذا واكثر ....لو مساعدة الظالم وتحفيزه وتلميع افعاله وان هؤلاء لا يستحقوا العيش وهؤلاء نكارون نعمه وهؤلاء لا تملي اعيونهم الا التراب وليس لهم ولاء لما تجراه الظالم على ظلم خلق الله فالظالم اول شكو يوم القيامة يشكي من ساعده في الظلم لولا هؤلاء لما ظلمت عبادك
ملاحق أمنيا في الداخل وسياسيا في الخارج
صدقت والله وهذه حال الشعوب العربية
سلمت الأنامل يابن بلدي مقالك اليوم في الصميم
صدقت في كل كلمة يا أصيل
شراء الذمم والظلم سمة العالم العربي تحديدا
فالشعوب الحرة طلقتهم ثلاثا
أخي يعقوب بالفعل أبكاني المقال
مقال يدمي القلب لحالنا ووضعنا مع تلك الأنظمة
والله ثم والله كل كلمة قلتها صح
الشعوب تعاني من الظلم والتفرد والله بصير بالعباد
عزيزي يعقوب مقالك اليوم أكثر من رائع توقفت عند كل جملة كتبتها
فعلا كلام واقعي بمتياز سأحتفظ بالمقال وسأذكر في يوم من الايام هناك شرفاء لم يعميهم بريق المال ليقولوا الحق
أعجبني المقااال جدا جدا
توصيف دقيق وجرأة في مكانها لحال تلك الشعوب المغلوب على أمرها
صحيح واذا الدول العربية ماتغير سياساتها
فالقادم زلزال لها لم تعد الشعوب محبة للذل والتهميش فهي تواقة للعدالة والحرية
عاصفة الحزم أثبتت وقوف الغالبية العظمى مع دول الخليج 0755
بل أغلب دول العالم فالواجب علينا جميعاً الوقوف ضد أعداءنا والتحكم للعقل بدل العاطفة المذهبية والمشاكل الدنيوية يمكن حلها بتحاد المواطنين وترك العنصرية الدينية والمذهبية ونتعض من دمار ها في المنطة
أحسن أخي وعزيزي أستاذ يعقوب
وبارك الله فيك
صدقت ايها الكاتب الشريف
فهمت ماكتبته افرحني ذلك واضيف بان الضمير عندما يموت يموت منطق حامله والقادم من الأيام ستشهد البلدان العربية تطور في المطالبات لم ينتهي الصراع بين الحق والباطل لكن سينتصر الحق لانها من سنن الحياة
بشرى
في الصميم هدا حالنا
أصيل
صبحك بالخير أستاذي الجليل