من الذي يدفع نتائج الجهل الطبي في مجتمعاتنا؟ حكت لي إحدى الصديقات بعد زيارتها إلى أحد المستشفيات في تايلند، على إثر إلحاح بعض الزملاء في المهنة من الأطباء لأخذ رأي من خارج البحرين لعلاج أوجاع ظهرها المزمنة، والتي ازدادت مع ضغوط العمل وحالتها النفسية المُتعبة ما بين واجبات المنزل العائلية وعملها كطبيبة، بعد أن طلب منها الأطباء أخذ راحة لمدة شهرين وعمل العلاجات الطبيعية والرياضة لإعادة لياقتها وإنقاص وزنها لتخفيف الآلام، ولكنها عوضاً عن ذلك قررت الذهاب إلى ذلك العالم الخارجي علها تستزيد من خبراتهم لاختصار وقت العلاج في آنٍ لعدم قدرتها على التوقف عن العمل والراحة، وخاصةً أنها تتوقع أن تعيش تجربة فريدة في أرض الأحلام الشفائية والسياحية من كثرة مديحهم لها، ودعوني أحكي لكم ما حدث.
تقول زميلتي في المهنة بلسانها وتبدؤها من المطار حينما فوجئت بعد نزولها مع زوجها بمن يطلب أن يدلهم على أحسن مستشفى، وآخر أن يأخذهم إلى منتجع سياحي يعني الطب والسياحة تجارة جنباً إلى جنب وجدنا بكمية الإعلانات المُكثفة المعروضة عن أحسن المستشفيات الراقية وفي زاويةٍ أخرى أرخص العلاجات، ووصفها بطريقةٍ بدائية جداً عيني عينك، وبلغة عربية ركيكة جداً ومع الأسعار (كمثل امبراطور العظام الدكتور كذا وكذا خريج أرقى الجامعات أو ملك العمليات، مثل تغيير المفصل، أو الأرجل الصناعية، إلى عمليات الفقرات مع المسامير، وتغيير صمام القلب، أو إزالة المرارة، والحصوات وتبديل قرنية العين، ثم العمليات التجميلية من شفط الدهون إلى زراعة الشعر، ثم شد الوجه وإرجاع الشباب... الخ. تقول وشعرت في الحال بأنني أمام ترويج عمليات سطو تجاري على أعضاء البشر باسم المستشفيات العلاجية (واستعمال المريض كالسلعة والدجاجة التي تبيض ذهباً) منها المستشفيات التايلندية والأميركية والبريطانية والروسية... الخ، ولكن، ومع الأسف لم أجد أحداً من المنافسين العرب كمستشفيات، ولكن كمرضى وسياح (كالعادة مستهلكون ومن دون إنتاج) هكذا العربي في كل بقاع الدنيا.
وبدأت في زيارة المستشفى الأميركي أولاً لاعتقادي بأنهم الأكثر تطوراً، وقد أجد أحد الأساتذة الفطاحل من الأميركان من ذوي البحوث العلمية ليعالج آلام ظهري.
وفوجئت بموقع المبنى في حيٍّ شعبي قديم جداً مع طرقاتٍ لا تليق بضخامة المبنى الحديث العصري الديكور، وتنتشر به مكائن المشروبات الساخنة والباردة والعصائر المجانية (وهو الانطباع بالكرم، ما يشد انتباه المرضى) علاوةً على الصالات المزودة بالقهوة العربية مع التمر وأماكن خاصة للصلاة والوضوء كي لا يشعر المريض بالغربة، بهذا الرخص لإغراء مرضانا! ورأيت كثافة من المرضى العرب وعلى وجه الخصوص الخليجيين وما يزيد على التسعين في المئة من الزوار، إلى درجة تعيين الموظفين ممن يتقنون اللغة العربية.
المهم بدأت رحلة العلاج، بملء البيانات والكثير من الأوراق وأسئلة لاداعي لها) وشعرت وكأنني أدخل امتحاناً وليس كشفاً) وعلى فكرة (فعلى الرغم أنه مستشفى أميركي) فإنني لم أجد ولا إنساناً أميركياً أو أي لونٍ آخر غير الموظفين التايلنديين. (وبذا فقدت الأمل الأول لمقابلة أيٍّ من الفطاحل الأميركان الذي يوحي به المستشفى).
تواصل صديقتي... وبعد ساعة ونصف والأسئلة الغريبة لإبهارنا بالاهتمام، والذي رأيت فيه كطبيبة، الكثير من الزيف والإزعاج والـ (show off)، قابلت الطبيب التايلندي أخيراً والذي اطلع على الأشعة التي أحضرتها معي، ولم يقم بطرح أسئلة أو أي كشفٍ سريري، وقال إنه علينا إجراء عملية وفي أسرع وقتٍ، وحالتي حرجة في فقرات الظهر مع بعض المسامير لإنقاذي من الشلل، ومن حظي أن لديه (slot) إمكانية غداً بسبب إرجاء إحد المرضى وأن العملية ستأخذ نحو الساعتين، ولا يوجد حلٌّ آخر (الأخ مستعجل، عاوز يقبض عالسريع).
لم تصدق أذنيها ما سمعته وصُعقت بالخبر وسألته كيف يحدث كل ذلك لي فجأة، وأنا أمارس الرياضة بأنواعها والسباحة واليوجا المنتظمة منذ ثلاثين عاماً، أجابني ببرودٍ قاتل هي هكذا الدنيا ولا شروط في المرض.
والأغرب، ففي الوقت الذي كان الأطباء في البحرين يعتقدون بأن العملية ليست ضرورية وبأن حالتها سوف تتحسن مع الوقت بعلاجاتٍ طبيعية، وقد لا تصحح العملية الأوجاع تماماً، بل قد تخلق أوجاعاً، وفي أماكن أخرى نتيجةً للجراحة التي قد يضطرون لتقطيع بعض العضلات والأعصاب الحساسة والتي قد تستغرق الوقت للالتئام والتوقف عن العمل لفترةٍ.
أما سعر العملية فقد كان خمسة آلاف دينار، وهو ضعف سعرها في البحرين، شوفوا كمية النصب،
رفضت عرض الطبيب والذي شعرت معه بمنتهى الاستغلال والطمع وعدم اللياقة الطبية ولم يراعِ حتى زميلةً له في المهنة بالنصيحة الحق، وكان كل همه المكسب.
عادت المريضة إلى البحرين بعد أن تواصلت مع العلاجات الطبيعية والمساجات ومع تنزيل بعض الوزن والسباحة وشفيت تماماً ولم تعد تشتكي من أية أوجاع في أي مكان، والأهم من ذلك أنها عادت لعملها كطبيبة ولم تُصب بأي شلل كما كان يدعي.
وكل ما أرجوه بعد سماعي لتلك القصة الغريبة، أن يتأنى المرضى الكرام، وأن يجربوا الوسائل من الطب التقليدي السائدة في مجتمعاتنا، وقد يكون علاجها بسيطاً، وعلى أيدي أبسط الناس، ولكنهم ذوو خبرة وحنكة حياتية لا تُقدر بثمن قبل أن يندفعوا بآلامهم إلى البعض من هؤلاء المعالجين المشعوذين بشهاداتٍ لم يعرفوا الطرق الصحيحة لاستبدال العلاج، وأن لا يتنقلوا في بلاد العالم طلباً للمستحيل من العلاجات الزائفة الحديثة، وخاصةً أننا في خليجنا تتوافر معظم العلاجات الحديثة مع الأخصائيين الأفاضل وفي أحدث المستشفيات الحكومية والمتوافرة مجاناً وكل ما أرجوه هو أن نفهم أنفسنا وأمراضنا، وأن نتجنب الإرهاق والأكل بشراهة، ومنع الوزن الزائد وأخيراً تخفيف ضغوط الحياة.
ومعلومة أخيرة، هل تساءلتم عن السبب وراء عدم مرض آبائنا وأجدادنا بأمراضٍ خطيرة، لأنهم كانوا لا يأكلون كثيراً، أو فوق حاجتهم ويتحركون كثيراً ويقضون معظم حاجاتهم بأيديهم، وهم لا يُعرضون أنفسهم للضغوطات النفسية التي نعانيها اليوم، اهتموا بأنفسكم تصِحُّوا.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4607 - السبت 18 أبريل 2015م الموافق 28 جمادى الآخرة 1436هـ
كلام.صائب ومنطقي
لاتعليق تحليل لواقع مر والجهل والحقيقه المرة توجع الناس ماتبغي تتعرف على مشاكلها بس تعيب اذا الواحد جاب تجربته وتظل تعيب على حالها وتتشرد من مواجهة المشاكل بدل ان يصلحونها لان الانانيه وارده وكل واحد نفسي نفسي بوركت يدان الكاتبه الطبيبة والجليله
مقاله تشرح القلب
اذا اردتوا ان تعرفوا جودة الخدمات في البحرين زوروا المستشفيات الحكوميه في مصر الاردن العراق خوب لبنان اصلاً ماعندهم ببلاش ومعظم الدول العربيه وحتى امريكا كل شي المواطن لازم يدفع تامين والا ينسلخ جلذه وممكن يبيع بيته اذا مرض خطير الخليج عايش في نعمه ومو عاجبه والمرضى يدورون العالم حتى يسرقونهم وشوية الفلوس اللي جاتليهم على غفلةً يحتاج المرضى يقرون اكثر عن امراضهم حتى يعرفون الصح من الغلط مقاله تشرح القلب والله عفيه عليج تحليل وواقع لمشاكلنا
حلوه القصة تصلح فلم
كم واحد مات في البحرين بالخطاء من الطبيب لا في شي غريب في نفس الجريدة وزارة الصحة تصرف أموال لمن مصريين و هنود لقتل الشعب البحريني الفقير
ياريت يرجعون د علي للاصلاح
لو كان في نظام مراقبة جيد والحرص على عدم تغيير الانظمه الاساسية الراقية في البلاد ماكان اللي خلف دعلي في الوزارة خبص الدنيا وهو محامي وماعنده قدرات علميه حاول يصلح الطب الخاص على حساب الطب المجاني يسلم راس دعلي فخرو وماافهم ليش مايخلونه اخصائي للطب عشان يصلح الخراب اللي حصل في الحكومه
ويش عن مستشفياتنا
الحين اللي يسمعش يقول مستشفيات البحرين مافوقها فوق عجل ليش كل أسبوع نسمع عن ضحية سكلر
دعلي فخرو والنعم
معاج حق ايام د علي فخرو كانت ايام العصر الذهبي للرقي الطبي ولانه انسان نظيف وشريف وماسرق حسن دنيا الطب والعلاج وهو اللي خلق نظام المراكز الصحية اللي غطت البحرين وخلى كل الناس تتعالج مجاناً وقام اللي اجا بعده دمر كل اللي بناه ووسع الطب الخاص وضيع كل شغل دعلي وضيع البحرين ايضاً
شكرا عزيزتي
مقالات ثمينة جدا..وقلم راقي ..ننتظر جديدك بفارغ الصبر
مستوى الخدمات الصحية سابقا
عندما استلم الدكتور علي فخرو وزارة الصحة أوشكت المستشفيات الخاصة في مملكة البحرين أن تغلق وذلك بسبب إرتفاع مستوى الخدمات الصحية في مستشفي السلمانية الطبي وجميع اقسامه حتى استقطب مواطني مجلس التعاون الخليجي.
لو تم تحسين الخدمات الصحية لما غادر مواطن للخارج
تصرف غريب!
وكأنة الكاتبة تحسس القارئ بالمستوى الصحي الراقي في البحرين! جميع مستشفيات البحرين تجارية بما فيها "السلمانية" نعم السلمانية مجاني ولكن الاطباء اصحاب العيادات الخاصة يحولون المرضى لعياداتهم للعناية اكثر!
والاغرب في "صديقة الكاتبة" ذهبت الى الخارج دون دراية كافيه عن المستشفيات وطريقة علاجهم !! حدث العاقل
حدود القدرة على الإنتقاد واضحة
للأسف كتابنا غير قادرين على انتقاد سيطرة العسكر إدارياً على الخدمات الصحية في بلدنا و يوجوهون انتقاداتهم الى مستشفى في النصف الآخر من الكرة الأرضية
أحسنت
في الصميم
كلامج
عكس الكثير لي راحو اهناك وكانوا فيهم لي ما يتسمى وتعالجو بتايلاند
وناس وايد بالأردن والهند
الطب تجاري بالبحرين وغير البحرين
عيل الدش للدكتور تأخذ 35 ديناار
وهلم جرى ليش ليش