ذهب زبون إلى وكالة سيارته، يشكو أنه حينما يذهب لشراء البوظة من المتجر المجاور لبيته، فإن سيارته لا تعمل إذا اشترى بوظة الفراولة، أما إذا اشترى بوظة الشوكولا فإنها تعمل!

في بادئ الأمر ظن موظف الاستقبال في وكالة السيارات أن الزبون يمزح أو أنه غير عاقل، لكن الزبون أصرّ على أقواله، فأرسلت الوكالة موظفاً للتحقق من الأمر، فتبين أن ما وصفه الزبون صحيح، فازداد استغراب موظفي الوكالة!

أرسلت الوكالة بعدها مهندساً خبيراً وذكياً، فاستفسر عن كيفية بيع البوظة، ووجد أن عبوات بوظة الفراولة تباع جاهزة، بينما تحتاج بوظة الشوكولا لثلاث دقائق كي تجهز، ومن ثم قام بفحص نظام تشغيل السيارة فوجد أن بها عطلا، وبعد تدقيق المهندس ظهرت النتيجة؛ فالسبب هو محرك السيارة الذي عندما يُطْفَأ لا يعمل مجدداً إلا بعد 3 دقائق، وهو الوقت الذي تجهز فيه بوظة الشوكولا، بينما لا يدور محرك السيارة عند شراء الفراولة التي تحتاج إلى دقيقة واحدة فقط.

في كثير من الأوقات تمر على المرء مواقف ومشكلات يعلق أسبابها على الظاهر من الأمور من غير أن يفحص كل الحيثيات والأمور بشكل صحيح، وهو الأمر ذاته مع مشكلة صاحب السيارة الذي قد يظنه البعض مختلا عقلياً أو يمزح، أو أنه من شدة حبه بوظة الفراولة ينسى تشغيل المحرك، أو قد يقال أي سبب يتعلق بأمور لا منطق لها باعتبار أن طرح المشكلة كان غير عادي، لكن واجب المهندس كان يقتضي التدقيق في المشكلة كي يتوصل لحل ينقذ سمعة الوكالة، فحصل عليه عندما أعمل تفكيره بشكل صحيح، وعندما فحص أصل المشكلة وهو محرك السيارة.

نحن بحاجة إلى أن تكون لدينا نظرة فاحصة دقيقة كنظرة الصقر قبل انقضاضه على فريسته؛ لنعرف كيف ننطلق ومن أي الأماكن نبدأ كي نضمن النتائج. كما أن علينا أن نجرب أسهل الحلول قبل أعقدها، وما اختراع الروس قلم الرصاص الذي مكنهم من التغلب على مشكلة عدم نزول الحبر إلى رأس القلم في الفضاء بسبب انعدام الجاذبية إلا واحد من هذه الأدلة؛ فقد تمكنوا من إيجاد حل بسيط وغير مكلف للمشكلة، بينما قام الأميركان قبلهم بالكثير من التجارب والبحوث التي أنفقوا عليها أموالا طائلة لحل ذات المشكلة ولكن من غير نتيجة.

في الحياة لابد من التفكير بشكل ابداعي يهدف إلى حل الامور، والتوصل لتحقيق الأهداف بأقل كلفة مادية ومعنوية، وهو ما يتطلب إبقاء الدماغ متيقظاً قادراً على فحص الأمور بصورة سليمة، وقادراً على البحث عن البدائل في حال عدم صلاحية أمر ما.