حسمت الأديبة والروائية الكويتية خولة القزويني قرارها بمعالجة المشكلات المجتمعية بقلمها الأنثوي، وتسليط الأضواء على قضايا ومشكلات مجتمعية حساسة كالقضايا الأسرية والزوجية التي بدأت تتفاقم يوماً بعد يوم بفكر وأسلوب ملتزم. استخدمت القزويني في ذلك أسلوبها الأدبي كمرآة لعكس قضايا المجتمع، وجذبت جمهور القراء واستحوذت على رغبتهم في قراءة المزيد من رواياتها ومقالاتها وإرشاداتها الأسرية.

«الوسط» التقت خولة القزويني (ماجستير علم نفس أسري ومشروع دكتوراه ومستشارة في البورد العربي والأوروبي) لتحدثنا عن قدرتها على محاكاة الواقع بأسلوب أدبي، ومدى إعجابها بالمرأة البحرينية. وفيما يلي نص اللقاء معها:

في البداية، من هي الأديبة والمستشارة الأسرية خولة القزويني؟

- أنا إنسانة بسيطة جداً أحمل في قلبي حباً للناس وأسعى لخدمتهم بإخلاص قربة لله عزوجل وقد وجدت في مجال الاستشارة الأسرية طريقاً لإسعاد الأسر وإثراء لملكتي الادبية.

دعينا نتحدث عن الأسباب التي دفعت بك للخوض في غمار الاستشارات الأسرية والزوجية كونكِ كاتبة وأديبة بالدرجة الأولى. كيف استطعت المزج والموازنة بين خيال الأديب وواقعية المستشار الأسري؟

- كتاباتي غالباً اجتماعية، أسرية تستهدف الرقي بالمرأة على جميع الأصعدة. ومن خلال قراءتي للواقع العربي وجدت أن هناك غزو ثقافي غربي يعمل على تفتيت المنظومة الأسرية عبر تمييع المرأة وتهميش دورها ناهيك عن تزايد معدلات الطلاق في المجتمع الخليجي وهنا يبرز دورنا كناشطين وكتّاب يتحتم علينا توعية المجتمع وتنويره واحتوائه قبل استفحال هذه الظواهر السلبية وانتشارها، ونصوص الأديب انعكاس لهذه القضايا ودوره هنا استثارة الوعي الجمعي للأمة وأن يوظف أدواته الفنية وخياله في تفعيل قضاياها وأن يقدم للمتلقي رؤية حضارية تساعد مجتمعه على التغيير والتطوير.

وهل هذا ما يجعل فئة الشباب تنجذب لقراءة ما هو جديد للأديبة خولة القزويني دائماً؟

- نعم، فالكاتب الرسالي يختلف عن الكاتب الذي يغوص في الوجدانيات بنرجسية بحتة منسلخاً عن قضايا الأمة، الكاتب الرسالي يتبنى القضايا الاجتماعية والسياسية والفكرية ويوظف هذا الفن للرقي بالأمة وربما أسلوبي العاطفي والمتحمس استقطب فئة الشباب.

كيف وجدت تفاعل المرأة البحرينية مع الدورات التدريبية والمحاضرات التي قمتِ بتقديمها في البحرين؟ وبم تقيمين وعيها فيما يخص جانب الحياة الزوجية وقدرتها على بناء أسرة سليمة؟

- حقيقة تفاجأت بالتفاعل الكبير، وبوعي المرأة البحرينية وسعة اطلاعها وشفافيتها ورقتها. بصراحة ومن دون مجاملة المرأة البحرينية امرأة تتحلى بأنوثة دافئة، وبعقلية رجل، وتجمع النقيضين في شخصية واحدة. وهي امرأة معطاء، صبورة. نخلة شامخة تثمر وتعطي لحياتها الزوجية حلاوة وطراوة وتبتسم رغم المعاناة.

ما هي أكثر المشاكل الأسرية والزوجية التي تمر عليك؟ وما هو الأسلوب الذي تتبعينه في علاجها؟

- أكثر المشاكل الغزو التكنولوجي وبرامج التواصل الاجتماعي وإدمان الناس عليها وبالأخص المراهقين، إضافة إلى الخيانة الزوجية وانعدام الحوار بين الزوجين. وعلى سبيل المثال تشتكي المرأة من بعد المسافة بينها وبين زوجها والبرود العاطفي وانعدام الحوار. والحلول التي أقدمها أحرص فيها على المزج بين الحلول العلمية المدروسة من واقع مرجعيات علمية في المجال الأسري، إضافة إلى الجانب الديني الروحاني.

«البيت السعيد» من الكتاب الورقي إلى مواقع التواصل الاجتماعي المتمثلة في الانستغرام... كيف وجدتِ تفاعل الجمهور معكِ؟

- التفاعل ولله الحمد كبير جداً لأني أطرح قضايا حساسة جداً في العلاقة الزوجية. وحظيت بتفاعل وتجاوب كبيرين من جميع أنحاء العالم، حتى الجاليات العربية في الدول الأجنبية يتواصلون معي خصوصاً عندما أطرح قضية في الزواج للمناقشة . وهذا يشعرني بالقرب من جمهوري الذي ألامس همومه ومعاناته. وحساب البيت السعيد هو أشبه بمجلة أسرية تستهدف توعية وتثقيف الزوجين، فالكاتب ينبغي أن ألا ينعزل عن جمهوره وعليه مواكبة تطور وسائل التواصل ليروج رسالته ورؤيته ويتمدد على مستوى العالم.

إذا أردنا أن يكون البيت الخليجي فعلاً بيتاً سعيداً، على ماذا يجب أن يعتمد الزوجان لتحقيق ذلك؟

- على أمرين الحكمة والتغافل كما يقول الإمام على (ع)، بما معناه أن الزواج مكياله ثلثان ثلثه حكمة والثلث الآخر تغافل ، فإذا أردنا أن نعيش سعداء ونسير في حياتنا بشكل طبيعي علينا أن نتكيف مع شريك الحياة، فلا يوجد شر مطلق ولا خير مطلق... واستخدامنا لهذين المعيارين أو القيمتين أمر ضروري، فالحكمة في التواصل و تدبر المشاكل، والمعيار الثاني التغافل عن أي مشكلة تصادفنا في الحياة الزوجية، وغض الطرف عنها بتقديم أعذار لشريك الحياة كي تسير سفينة الزواج.

الحياة بحر زاخر بالتجارب والعبر والكاتب العظيم هو الغواص الماهر الذي يلتقط منها ما ينفع الناس ويثري تجاربهم، فليس بالكثرة تنجح وليس بالشهرة تسمو، إنما إخلاصك للهدف هو الذي يصنفك نجماً لامعاً في سجل الكتاب المتميزين»... هكذا كتبتِ في أحد مقالاتكِ، وأثبتِ ذلك من خلال طرحكِ الواقعي، يا ترى ما هي الأهداف التي تطمحين في تحقيقها من خلال الكتابة وعلى ماذا تعتمدين؟

- هدفي تعزيز القيم الاسلامية والانسانية وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة والرؤى الدخيلة علينا من الغرب والموروثة من تقاليدنا البالية.

كيف تقيمين وضع المرأة الخليجية في مجال الكتابة والأدب؟ وهل استطاعت التفوق على الرجل الأديب بما تمتلكه من خيال وقدرة على محاكاة الواقع في الوقت ذاته؟

- لدينا كاتبات مبدعات في الخليج، ولكن الفرص المتاحة لهن جداً قليلة، وعلى سبيل المثال، فالمرأة السعودية مازالت تعاني من التعتيم والتهميش ولم تأخذ فرصتها بعد. والأديبات المهتمات بالثقافة الإسلامية لم يأخذن فرصتهن لأننا نعرف أن الاعلام مسيّس يضئ لبعض ويعتم على بعض وأعرف كاتبات مغمورات بقلمهن وإنتاجهن الأدبي الرائع لكن الفرصة لنشر ودعم إبداعهن غير متاحة للأسف الشديد.

هل سنشاهد أعمال القزويني الروائية يوماً ما على شاشة التلفاز؟

- لا أعتقد، فالتلفزيون الخليجي من سيئ إلى أسوأ فهناك انحدار في الذائقة الفنية ، لهذا لا أعتقد أن رواياتي مكانها الملائم في التلفزيون الخليجي. كما أنني أطمح من خلال الكتابة إلى جذب القارئ بشكل عام للقراءة، وأخص المرأة... أتمنى أن تقرأ وتطالع الكتب لتنمي ثقافتها فالقراءة تفتح ذهن الإنسان، وتحسن ألفاظه وتطلي أسلوبه بأناقة فريدة ومتميزة.

ما هي آخر مشاريعك الأدبية والاستشارية؟

- قمت بتأليف كتاب «أسرار السعادة الزوجية» وكتاب «البيت السعيد» في جزءين، وإذا شاء الله سيعرض في معرض الكتاب القادم في البحرين. وحالياً أعمل على كتابة رواية «عشاق» تتناول الصراع الإنساني بين الرغبة والمبدأ، إضافة إلى كتاب «مذكرات امرأة من كوكب الزهرة» ففيه أكثر القضايا الإنسانية الشائكة والمعقدة من ضمنها مشاكل النساء، وهمومهن ورؤية في الحب والعلاقة الزوجية والصدمات العاطفية، وهو يسلط الضوء على القضايا الحديثة المعاصرة التي نعيشها. وأنا حريصة على أن أتقدم للأمام في مؤلفاتي وأعمالي الأدبية، ولا أتوقف عند محطة معينة، لذا أحرص على مواكبة التطورات والتنامي مع سرعتها.