شدد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان، على أن «الواجب على أمة الإسلام -والفتن تمد أعناقها- أن يكونوا صفاً واحداً، مجتمعَ الكلمة، أمام رياح التغيير التي تهب على العالم، والتي تتمنى تغيير عقيدة أهل الإسلام، والنيل من شريعته، وقيمهم الدينية وأخلاقهم، وثوابتهم ومناهجهم».
وأشار في خطبته أمس الجمعة (17 أبريل/ نيسان 2015)، إلى أن «الدين الإسلامي يوجب الاجتماع والائتلاف، ويحرم الفرقة والاختلاف، وإذا أمر الإسلام باجتماع كلمة المسلمين، فلا يريد بذلك أن يظلم غير المسلمين أو يعتدي عليهم أو ينتقص حقوق غير المسلمين، التي خولتهم إياها شريعة الإسلام، ولو فهم غير المسلمين سماحة الإسلام ورحمته وكماله وعدله وجماله فهماً صحيحاً، لسارع الكثير منهم إلى اعتناقه، ولما حمَّلوه السلبيات التي تخالف الإسلام مما يفعله بعض المسلمين اليوم».
وفي خطبته بعنوان «وتلك الأيام نداولها بين الناس فاحذروا»، قال القطان: «إن مسيرة الأمم والشعوب والمجتمعات، وحتى الأفراد، قوة وضعف، عزة وذلة، أمنٌ وخوف، غَناء وفقر، صحة وسقم، وهي سنة الله في خلقه».
وأضاف أن «القرآن الكريم يرد المسلمين هنا إلى سنن الله في الأرض، يردهم إلى الأصول التي تجري وفقها الأمور، فهم ليسوا بِدْعاً في الحياة؛ فالنواميس التي تحكم الحياة جارية لا تتخلف، والأمور لا تمضي جزافاً، إنما هي تتبع هذه النواميس، فإذا هم درسوها، وأدركوا مغازيها، تكشفت لهم الحكمة من وراء الأحداث، وتبينت لهم الأهداف من وراء الوقائع».
وذكر القطان «ما تزال الأمم والدول والشعوب والأفراد في عزةٍ ومنعة، وقوة وتمكين، ما دام سيرهم على منهج الله وتعاليمه، مستفيدين من دروس التاريخ وأحداث الزمان، آخذين بأسباب الحياة الطيبة، متسلحين بالقيم والفضائل والأخلاق؛ فإذا ظهر الانحراف عن هذا الطريق، أذن الله بسنة التداول، فتتبدل الأحوال من ضعف إلى قوة، ومن قوة إلى ضعف، ومن عزة ومنعة، إلى ذل وهوان، ومن عدل وإنصاف، إلى ظلم وجور، ومن ملك وحكم وسلطان، إلى فاقة واحتياج وخذلان».
وتساءل «أين فرعون وهامان وقارون؟ أين حضارات الروم وفارس وبلاد الإغريق؟ أين عاد وثمود وقوم تبع؟ أين دولة الإسلام التي كانت تحكم 3 قارات في العالم؟، أين الملوك والأمراء والرؤساء؟ وكيف كانت نهاية كثير منهم؟ أين البرامكة وزراء الدولة العباسية، الذين ملكوا الشرق والغرب، وبنوا القصور والدور، وجمعوا الأموال، وجيشوا الجيوش، وكيف كانت نهايتهم عبرة للمعتبرين حين طغوا، وتجبروا، وظلموا، وتكبروا، وأترفوا وأفسدوا، ويوم شاء الله -عز وجل- أن ينتقم للمظلومين في هذه الحياة، سلط الله عليهم سنته، فسُجنوا، وقُتل منهم من قُتل».
وأوضح القطان أن «من مؤشرات نزول سنة التداول في أمة من الأمم، أو شعب من الشعوب، وحتى في حياة الأفراد، فساد القيم والأخلاق، ومخالفة أمر الله عز وجل بارتكاب الذنوب والمعاصي، وتحليل الحرام، وتحريم الحلال، واتباع الهوى؛ فتنقلب الأحوال، وتتبدل الظروف من قوة وتمكين إلى ضعف وخذلان، ومن غنى إلى فقر، ومن عدل إلى جور، ومن أمنٍ إلى خوف، ومن توكل على الله وبذل للأسباب إلى تواكل وتركٍ للأسباب، وهكذا... فالذنوب جراحات، ورب جرح وقع في مقتل».
وأشار إلى أن «الله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن الكريم الكثير من القصص والأحداث للاتعاظ والاعتبار، فذكر الله في كتابه قوماً من أهل الكتاب، وكيف اصطفاهم على الأمم، وجعل فيهم الملك والنبوة، وآتاهم ما لم يؤتِ أحداً من خلقه؛ لكنهم كفروا وبدلوا وغيروا وعصوا، وتلطخت أيديهم بدماء الأنبياء، فأذلهم الله ولعنهم، وبدل حياتهم، ونزع ملكهم، وسلط عليهم على مدار التاريخ من يسومهم سوء العذاب، لذلك وجب علينا جميعاً أن نعي هذه السنة الربانية في جميع جوانب حياتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ونهيئ أنفسنا، فإن كانت سنة التداول في حياتنا إلى الخيرية والقوة والتمكين، عملنا بمقتضى هذه السنة، وبذلنا الأسباب المشروعة للحفاظ عليها، وقمنا بواجبنا نحوها. وإن كانت سنة التداول والتبدل في حياتنا إلى ضعف وفتور، صححنا مسار طريقنا، واستفدنا من أخطائنا، ووقفنا مع أنفسنا وقفة مراجعة، وصوبنا الأخطاء، وبذلنا الأسباب الشرعية، حتى يأذن الله تعالى، ولنعلم جميعاً أن دوام الحال من المحال، وأن سنة الله لا تحابي ولا تجامل أحداً، فإذا أدركنا ذلك وطَّنَّا أنفسنا، وهيَّأْناها للتعامل مع أقدار الله تبارك وتعالى».
وتابع القطان «لقد بيّن القرآن الكريم القواعد الأساسية التي تسير عليها سنة التداول في حياة الناس، فمن ذلك أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، وأن المصلحين يرثون المفسدين، ومن ذلك أن الملك والتمكين حق لله يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء، ويأذن به الله متى شاء، ومن ذلك أن الله لا يضيع أجر العاملين، وأن مَن نصر الله فإن الله ناصره ومعزه، وأن الفرج مع الصبر... ومن هذه القواعد أن الذنوب والمعاصي، وكفران النعم، والترف، وفساد القيم والأخلاق، وذهاب المعروف بين الناس، أسبابٌ لحلول سنة التداول، وتبدل الأحوال في حياة المجتمعات والأفراد والدول».
ونبه القطان إلى «وجود مَن لا يؤمن بسنة التداول، فصادَمَ بسلوكه هذا واعتقاده، نواميس الكون؛ فجلب على نفسه وعلى مَن حوله الشقاء، فهذا فرعون كان يقول: (يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِله غَيْرِي، فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ، فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى، وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) وكان ينادي: (يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ) وكان يقول: (مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ) من كان يظن أن كل هذا التكبر والتجبر سيأتي عليه يوم ويأذن الله بنهايته وزواله؛ بل ويصبح فيما بعد عبرة للمعتبرين، ودرساً للطغاة والظالمين! يقول تعالى: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ، وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ، وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ) وهناك من يغتر بقوته وماله ومنصبه وجاهه، ويظن أنه لن تتبدل حياته، وتتغير ظروفه، وفجأة، إذا بالصحة قد غشيها المرض، والغنى جاء بعده الفقر، والمنصب والجاه والسلطان قد نزع منه، وهكذا هي مسيرة الأمم والشعوب والحضارات، فعلى الزعامات السياسية، والنخب الاجتماعية، ومؤسسات المجتمع المدني، وعلماء الأمة، ووسائل الإعلام والقائمين عليها أن يدركوا هذه الحقيقة؛ فدوام الحال من المحال، والأيام دول؛ فالضعيف قد يصبح قويًّا، والفقير قد يصبح غنياً، وقد ينزل هذا من مكانته وهذا من وظيفته، وقد يرتفع أقوام ويهبط آخرون... وهكذا مسيرة الحياة، فالتداول سنة ربانية، وحقيقة بشرية».
وشدد القطان على ضرورة «تقوية الإيمان بهذه السنن حتى تطمئن النفوس، وإن في ذلك لتربية لها على الثقة بالله وحسن الصلة به، واجتناب التقصير فيما أمر، واجتناب الظلم والبغي، وحفظ الجوارح، والابتعاد عن النزاع والشقاق، والعمل بالأسباب، والقيام بالواجبات الشرعية والدنيوية، والاستفادة من دروس الزمان وأحوال الدهور، وتاريخ الأفراد والشعوب والدول والحضارات».
ورأى القطان أن «المصائب تكاثرت على المسلمين، وتوالت النكبات والكوارث على العالم الإسلامي في هذا العصر، وتعددت التفسيرات لذلك، فمن الناس من يفسر ذلك بتخطيط أعداء الإسلام، ومنهم من يفسره بالضعف الاقتصادي، ومنهم من يفسره بالتأخر الصناعي والتقني، إلى آخر تلك التفاسير، وكل هذه عَرَض للمرض، وليست هي المرض، السببُ فيما وصل إليه المسلمون من المآسي والأحوال المؤلمة، والكوارث النازلة، هو التفريط في جانب دينهم من الأفراد والمجتمعات والدول إلا من رحم الله، ولقد مر بأمة الإسلام فترات أشدّ بلاء من بلاء هذا العصر، وتجهّم لها عدو الإسلام، فصهرتها الشدائد والكربات، فرجعت إلى دينها رجعة صدق وإخلاص وعلم وإيمان، في تلك الفترات العصيبة من تاريخ الإسلام، فوجدت الأمن والكرامة، واجتماع الكلمة والخير من خلال دينها وشريعتها السمحة، في كل فترة عصيبة، فضمَّدت جراحها، وأصلحت أحوالها... وفي هذا العصر اشتد الخطب والكرب على الإسلام وأهله، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ولا يعفي المسلمين من المسئولية أن يُلقوا باللوم على غير المسلمين، فإذا لم يحل المسلمون مشاكلهم بما يتفق مع كتاب ربهم وهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم، وبما يتفق مع مصالحهم، وبما يتفق مع مصالح أجيالهم، فلا يُمكن أن يحل هذه المشاكل غير المسلمين. فالحل بيد الله، ثم بيد ولاة أمور المسلمين وحكامهم وعلمائهم، بتعاضدهم وائتلافهم وتعاونهم على كل خير فيه سعادة للبشرية، بتبصير الأمة بكل نافع مفيد، وحثها عليه، وتحذيرها من كل شر في دينها ودنياها، فالواجب عليهم عظيم، والأمل فيهم بعد الله كبير. فإذا نزلت الشدائد والكربات، وحلت الفتن، فأول مخرج من ذلك التوبة النصوح».
العدد 4606 - الجمعة 17 أبريل 2015م الموافق 27 جمادى الآخرة 1436هـ
ابواق الفتنه
كيف تتحد المه الاسلاميه وهناك من يسب ويكفر ر ويغذي الطائفيه في البلد الواحد من على المنابر دون حسيب او رقيب بل بمباركة وتشجيع من ولاة الامر؟
صدقت
هالايام الرياح شديدة ومحنا عارفين متى تزيد ومتى تخف حتى الغبار ماله حل ، ياريت تشوف لنا موضوع الغبار بعد