تخوض الكساندرا دوويس صراعا مستمرا للحفاظ على تركيزها عند أداء مهمة ما، ولتجنب عوامل التشتيت التي تسببها الرسائل الإلكترونية والأجهزة الرقمية الحديثة.
ففي اللحظة التي تصل فيها إلى محطة قطارات الأنفاق، أو تستقل سيارة الأجرة في مدينة نيويورك، تُخرج هاتفها الذكي بشكل تلقائي؛ فهي لا تجد أمرا آخر مثمرا أفضل من ذلك، وذلك وفق ما نقل موقع البي بي سي أمس الخميس (16 أبريل / نيسان 2015).
تقول دوويس، التي تبلغ من العمر 26 عاما وشاركت في تأسيس شركة "الأجيال الهادفة" في نيويورك لتقديم الاستشارات الخاصة بالتعامل مع جيل الألفية الثالثة "يتطلب الأمر الكثير من الانضباط للتراجع خطوة للخلف، وعدم السماح للتكنولوجيا بالسيطرة عليك."
لكنها تحاول أن تصرف نفسها عن عاداتها السيئة تلك، وذلك بممارسة اليوغا ونشاطات جديدة تمكّنها من أن تستجمع تركيزها لحظة قيامها بشيء ما.
توقفت دوويس منذ فترة عن الاطلاع على بريدها الإلكتروني في ساعة الصباح الأولى بعد استيقاظها. وفي مكتب العمل، تحاول التركيز لساعة كاملة على مهمة واحدة من بين قائمة المهام اليومية، ثم تعطي نفسها مكافأة لعشر دقائق فقط لتصفح مواقع الإنترنت، والرد على رسائل البريد الإلكتروني، ورسائل الهاتف.
الأكثر من ذلك، غالباً ما تجتمع مع زملائها في الشركة لمدة ساعتين دون أن يكون هناك جهاز كمبيوتر أو هاتف محمول على مرأى منهم.
وتقول: "الكل منهمِك تماماً، ونبتكر أفكاراً لم نكن لنكتشفها لو كانت هناك وسائل تقنية نعتمد عليها في غرفة الاجتماع."
تحافظ دوويس على تركيزها أفضل بكثير من أقرانها من جيل الألفية، وهم الأشخاص الذين ولدوا في ثمانينيات وتستعينيات القرن الماضي. وغالباً ما يُسمى هؤلاء بـ"جيل المصابين باضطراب نقص الانتباه".
ففي الوقت الذي يؤدي خلل ما في الأجهزة الإلكترونية إلى اضطراب لدى الناس من كل الأعمار، نرى هؤلاء مرتبطين أكثر، وبشكل محكم، بأجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة، ويتحققون باهتمام شديد وباستمرار من رسائل هواتفهم وبريدهم الإلكتروني، ويتصفحون مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت.
هذا الولع الشديد يقلل من فترات الانتباه، ويجعل من الصعب على الشباب التركيز والاستمرار في أداء مهام مُلحة، سواء في المدرسة أو العمل.
في الحقيقة، توصل الباحثون إلى أن أبناء جيل الألفية هم أكثر تعبيرا من جيل "إكس" وجيل "الطفرة السكانية" عن معاناتهم من سوء أدائهم وإنتاجهم في العمل. ويعود سبب ذلك إلى إنشغالهم بهواتفهم النقالة، وكسلهم نتيجة انغماسهم فيما يشد انتباههم على مواقع الإنترنت.
يُحتمل أن تكون مقاومة إغراءات التكنولوجيا تحدياً أكثر صعوبة بكثير بالنسبة للأطفال والمراهقين الذين ولدوا بعد جيل الألفية. فأكثر من 70 في المئة من الأطفال الأمريكيين في سن 8 سنوات أو أقل استعملوا جهازاً نقالاً للقيام بنشاط ما في عام 2013، بينما كانت النسبة 38 في المئة فقط في عام 2011، وذلك وفقا للإحصائيات التي حصلت عليها منظمة "وسائل إعلام التفكير السليم" عندما أجرت استطلاعا لآراء أولياء الأمور.
ومع ذلك، يزعم أبناء جيل الألفية أنهم يريدون أن يجذبوا الانتباه إليهم، إذ قال 70 في المئة منهم إنهم مهتمون بتعلم كيفية تعزيز تركيزهم، وفقا لما ورد في استفتاء أجرته مؤسسة "جي. دبليو. تي. انتيليجانس" عام 2013 للبالغين في الولايات المتحدة وبريطانيا. والمؤسسة ذراع بحثية تابعة لوكالة إعلانات "جَي. والتر تومسن".
إلا أن بعض الخبراء يقللون من أهمية التزام أبناء ذلك الجيل حقاً بتغيير أساليبهم ونهجهم. فعندما أبلغت غلوريا مارك، أستاذة نظم المعلومات بجامعة كاليفورنيا في إرفاين بالولايات المتحدة، طلابها بأن يتتبعوا أثر استعمالهم للأجهزة التقنية لمدة اسبوعين، اندهش معظمهم لكثرة الوقت الذي يقضونه في استخدام الإنترنت.
وقال الطلاب إنهم يودّون تحسين فترة انتباههم فيما يؤدون من مهام، إلا أن المفارقة كانت في رغبتهم أيضا في استعمال التكنولوجيا لتساعدهم في التقليل من الوقت الذي يقضونه في استعمال نفس تلك التكنولوجيا.
تقول غلوريا: "إنهم لا يرغبون في تغيير أنفسهم جوهرياً. وبدلا من ذلك، يريدون وسائل خارجية لتساعدهم في ذلك." ويتمثل ذلك في استخدام تطبيق تكنولوجي يمنع مؤقتاً محاولاتهم الاطلاع على بريدهم الإلكتروني، أو يحجب عنهم مؤقتاً مواقع التواصل الاجتماعي.
ولأن العديد من الناس يفتقدون إلى الانضباط الذاتي لمنع أنفسهم، عمد بعض أرباب العمل إلى اتخاذ خطوات للحدّ من إغراءات التكنولوجيا. فهم يضعون سقفاً لحجم البريد الالكتروني داخل الشركة ويحددون من امكانية زيارة بعض مواقع الانترنت ويمنعون استخدام الهواتف النقالة أثناء الاجتماعات.
ذكر ممثلون لنحو 75 في المئة من الشركات التي تبنت نهج عدم استعمال أي جهاز إلكتروني (كمبيوتر أو هاتف) أثناء الاجتماعات، وما يقرب من 60 في المئة من تلك التي قللت من دخول الموظفين إلى مواقع الإنترنت، أن هذه السياسات أثبتت فعّاليتها في الحد من عدم تركيز موظفيها. جاء ذلك في استطلاع للرأي أجراه معهد "هيومن كابيتال" (أو رأس المال البشري) عام 2014، وهو مؤسسة تعنى بإدارة المواهب.
لفتت "أتوس"، وهي شركة عالمية لخدمات تكنولوجيا المعلومات في فرنسا، انتباه الكثيرين في عام 2011 عندما أعلنت عن هدفها المتمثل في منع استخدام موظفيها للبريد الإلكتروني تدريجيا للوصول إلى منعه بتاتا.
وفي العام الماضي، نجحت الشركة في تخفيض رسائل البريد الإلكتروني الداخلي بالشركة بنسبة 70 في المئة، وتخفيض قوائم المجموعات البريدية الخاصة بالعمل إلى أقل من 1000، بينما كانت 12 ألفا في عام 2011.
حالياً، ولترتيب تعاون العاملين وترابطهم فيما بينهم، يستخدم العاملون الرسائل الآنية واللقاءات عبر الفيديو وقنوات التواصل الاجتماعي الداخلية للشركة.
يقول مارك بوفنز، الرئيس العالمي لقسم التعاون وتبادل المعارف في شركة أتوس: "تعوّد الناس على الشكوى من الرسائل البريدية التي غالباً ما كانت تأخذ أكثر من ساعتين من يوم العمل. أما الآن، فهم يتحكّمون في مصدر المعلومات التي يودّون استلامها."
تشجع بعض المنظمات عامليها على نيل قسط من الراحة من استخدام الوسائل التقنية وتدريب أنفسهم على طرق الترفيه التقليدية، مثل قراءة كتاب ممتع.
وفي كل عام، تدعو جامعة "بكنيل" في بنسلفانيا بالولايات المتحدة طلابها وأعضاء هيئة التدريس، وكافة العاملين فيها، للمشاركة في مسابقة باسم "دانسينغ مايند" (أو الذهن الراقص)؛ وكل ما عليهم القيام به هو إغلاق أجهزة الكمبيوتر، وهواتفهم النقالة، ومواصلة القراءة بدون انقطاع لأربع أو ثماني ساعات.
ورغم أن المشاركين يعربون عن المشقّة التي يلاقونها نتيجة إغلاقهم هذه الأجهزة، إلا أن العديد منهم يجد الأمر مريحاً ومنعشاً – على الأقل لفترة من الوقت.
وقد شاركت هيذر هينّيغان، وهي من مسؤولي جامعة "بكنيل"، في تلك المسابقة، واستذكرت ما شعرت به آنذاك قائلة: "شعرت وكأني في منطقة وسط بين الواقع والخيال."
لكنها وجدت أن الأمر بمثابة "علاج". ولفترة أسابيع قليلة، كانت تغلق هاتفها النقال بشكل منتظم لمدة ساعتين متواصلتين.
ومع ذلك، تبيّن لها في نهاية المطاف أن قطع جميع الاتصالات مع الأصدقاء وأساتذة الجامعة أمر غير مريح بتاتاً. وتضيف هينّيغان: "إنها مادة مخدّرة؛ إنها إدمان." حتى أنها تتخيل أحياناً شعوراً وكأن هاتفها النقال يهتز في جيبها، علماً بأنه موجود في الواقع داخل حقيبتها.
وتتابع: "أشعر وكأني سافتقد شيئاً ما إذا ما انتظرت لأتحقق من رسائلي النصّية، وبريدي الإلكتروني. أشعر بأمان، وبأني مرتبطة بهذا العالم عندما يكون هاتفي بجانبي."
تحاول بعض الشركات مساعدة موظفيها ليتعلموا التركيز بشكل أفضل باتباع وسائل لجذب الانتباه مثل التأمل واليوغا.
وقد حضرت أودرا هاوارد، التي تبلغ من العمر 29 عاما، وتعمل مديرة لقسم الحلول في شركة أطعمة الحبوب العملاقة "جنرال ميلز"، دورة تدريبية لرفع القدرة على التركيز، والتي أقامتها الشركة. وأصبحت الآن تمارس بعض التدريبات باستمرار في غرف الاجتماعات الصغيرة بالشركة المجهزة بوسائد خاصة تعرف بوسائد التأمل.
يتعلم العاملون في شركة "جنرال ميلز"، الذين يحضرون الدورة الممتدة لسبعة أسابيع، القواعد الأساسية للتأمل واليوغا. كما يتعلمون أيضاً أهمية التركيز في اللحظة التي يعيشونها، بدلاً من التفكير في جميع المهام التي تنتظرهم خلال يوم العمل.
وبعد تلك الدورة، يمكن للعاملين المشاركة في الجلسات الأسبوعية التي تقيمها الشركة وتستغرق 45 دقيقة، للتأمل أو الوقوف المعتدل بطريقة اليوغا.
تقول أودرا: "غيّرت كثيراً من سلوكياتي منذ إنهائي تلك الدورة. فقد توقفت عن حمل هاتفي النقال طيلة الوقت أثناء العمل، وبالتالي لم أكن اتفقده باستمرار. وبدأت أسأل نفسي إذا كنت احتاج فعلا لجهاز الكمبيوتر لتسجيل الملاحظات، لأني لو فتحت شاشته فسيكون بريدي الإلكتروني أيضاً بانتظاري لألقي عليه نظرة."
من ناحية أخرى، وجدت شركة التأمين الصحي "أيتنا" أن دروسها في شحذ التركيز، واليوغا لا تساعد عامليها في شحذ انتباههم فحسب، ولكنها تقلل أيضاً من القلق والتوتر، واضطراب النوم، وسرعة ضربات القلب، وضغط الدم.
تقول تشيريل جونز، من قسم ابتكار البرامج والاستراتيجيات والإدارة بالشركة: "مع قوة التركيز، يمكنك ممارسة حُسن التمييز وتحديد الخيارات المناسبة. على الشباب أن يتنفسوا عميقاً ويسألوا أنفسهم: ’في هذه اللحظة بالذات، هل يتوجب عليّ القيام بمهمام متعددة، أم أنه من الممكن التركيز على مهمة واحدة فقط؟‘. إن اختيار القيام بمهمة واحدة يمكن أن يكون له تأثير يبعث على الهدوء
نعم كسالى
الانترنت و الفيسبوك والوتس آب صنع جيل من الكسالى اكسل من قبل بسبب جلوس الناس ساعات طويلة مع الانترنت لايجلسونها مع ربهم للعبادة ومع الاسرة حتى الاجتماعات العائلية هم مع بعض بالجسد فقط وليس بالروح . تذهب لزيارة احد الاصدقاء الكل مشغول عنك بالوتس آب . اين روح الضيافة عند نا اين الترحيب والمحبة كلها ضاعت .
للاسف
جمد الانترنت التفكير وقلل فرص الحوار الصادق والنقاش المفيد وحصر الناس في مربع صغير لايتعدى شاشة الهاتف
stsfoonst
نعم وأكبر من جبال الهملايا
واستطاع الغرب حصرنا في حلقة مفرغة حتى أنٌا نسينا قانون نقطة التنصيف من الداخل والخارج للدائرة